هل نحن مستدامون؟ الجواب السهل لهذا السؤال المعقد يكون ببساطة...لا... فنحن نموت كأفراد... كعائلات... حيث يمكن للعائلة بالكامل أن تموت... كقبائل أو حتي دول يمكن أن تنتهي أو تنقسم أو تنتقل وتتلاشي في المجتمع الدولي (الكرة الأرضية)... وبذكر الكرة الأرضية يطرح السؤال مرة أخري... فهل الكرة الأرضية مستدامة؟ للإجابة علي هذا السؤال... لابد أولا: أن نبحث تاريخ هذه الكرة ومكانها في الكون... التي هي واحدة من تسعة أو عشرة كواكب تدور حول شمسنا فيما يسمي بالمجموعة الشمسية، وهذه المجموعة الشمسية واحدة من ضمن ملايين (أو بلايين) من المجموعات الشمسية التي تكون مجرتنا التي تسمي بمجرة درب التبانة، والتي هي بدورها واحدة من ضمن بلايين المجرات التي تكون الكون (سبحان الله فيما خلق) الذي لا نعرف أبعاده ولا نجزم حتي بالتقدم العلمي الذي وصلنا له (البشرية جمعاء) كيف ومتي خلق، وكذلك ما هذه الظواهر الغريبة التي نرصدها عن بعد مثل ظاهرة الثقوب السوداء التي تبتلع مجرات بأكملها لتحولها إلي حصوات صغيرة لا يتعدي حجمها السنتيمتر الواحد والكواكب بحجم رأس دبوس وكيف تخيلنا أن بداية الكون نشأت من انفجار عظيم ! انفجار ماذا؟ وهل هذا الانفجار الذي يتمدد سوف يأتي يوم وينكمش أو يختفي في ثقب أسود؟ وهل هذا سوف يكون بداية لكون جديد أم أن ما يدخل في الثقب الأسود يخرج إلي النور (الحياة) مرة أخري من الجهة الأخري لهذا الثقب !!! كل هذا يذكرنا دائما بالقول الحق في كل الأديان »وما أوتيتم من العلم إلا قليلا»... نرجع إلي كوكبنا الصغير (الأرض) الذي يهيم في هذا الفضاء العظيم وبحجمه المتواضع جدا مقارنة بكواكب وشموس ومجرات تكاد تراه مثل ذرة رمل في صحراء لا نري أبعادها... بالإضافة لهذا فإن هذا الكوكب المعجزة هو الكوكب الوحيد الذي عليه حياة من ضمن الكواكب التي نرصدها بكل ما أوتينا من علم، والوحيد الذي نستطيع أن نعيش عليه حتي الآن... وكذلك نرصد أن له عمرا افتراضيا، هذا إذا لم يبعث له الله بنيزك من النيازك السيارة، ليصطدم به ويمحو كل آثار الحياة عليه كما حدث من قبل في عصر الديناصورات.... وبهذا فإنه غير مستدام! ثانيا: لابد أن نبحث في حياة الإنسان القصيرة علي هذا الكوكب بالمقارنة لعمر الأرض... هذا الإنسان الذي يتطور بخلاف بقية المخلوقات الأخري علي الكوكب، والذي يتوجه ملكا عليها يتحكم في كل موارده وفي بقية المخلوقات عليه، وهذا التطور الذي يأخذ أبعادا كثيرة مع العمر من تكنولوجيات جديدة، بعضها قد يكون مدمرا تماما للكوكب مثل أسلحة الدمار الشامل أو قد يكون له تأثير مدمر بطيء، مثل ما حدث منذ بداية الثورة الصناعية في 100 سنة الأخيرة. بعد هذه المقدمة نسأل... إذن ما هو الشيء المستدام؟ وما هو اصطلاح »التنمية المستدامة» الذي أطلقته الأممالمتحدة، وتتنافس كل الدول علي تطبيقه؟ التنمية المستدامة هي عملية مستمرة للتنمية، وهي لها بداية وليست لها نهاية إلا (بأمر الله)... فهل نحن بدأنا؟ بعض الدول في العالم بالفعل بدأت والبعض علي الطريق والبعض لم يسمع بهذا المصطلح ولا يعرف تطبيقه، أو يحتاج إلي تعديلات كثيرة للمجتمع (بعضها حروب) حتي يستطيع أن يبدأ. ولكن كيف نعرف أن تنميتنا مستدامة أم لا؟ في تصوري أن التنمية المستدامة يمكن أن تلمس بالآتي: إذا كانت لا تعتمد علي أفراد بمعني أنها بناء علي تفكير مجتمعي ودولي مرتبط، وهذا التفكير يتبلور في نظم تنفذها مؤسسات لا تتغير أو تغلق لتغيير مسئول أو حكومة أو رئيس أو ملك. ولكن ما هي الدعائم لهذه التنمية المستدامة؟ أتصور كما تصورت الأممالمتحدة أن الدعائم الأساسية يمكن أن تكون : البيئة - الاقتصاد - المجتمع (تعليم وصحة وعلاقات للأفراد وغيرها) ولكني أضفت في آخر مؤتمر شاركت فيه في البرلمان العالمي للبيئة لأمثل مصر والعالم العربي للمرة العاشرة علي التوالي والذي كان في الصين... أنه يوجد عامل آخر ظهر مؤخرا في بعض الدول العربية، وهو السياسة والتي أدت إلي ثورات قلبت الأنظمة رأسا علي عقب فيما سمي بالربيع العربي... ببحثي عن كيفية عمل تنمية مستدامة لمصر والوطن العربي بصفة عامة في ظل مناخ سياسي متقلب؟... فهل هو فعلا ربيع أم خريف؟ الإجابة هنا تنبع من السؤال: هل هذه التغييرات أدت أو سوف تؤدي إلي تنمية مستدامة للدولة وللعالم العربي والكوكب الوحيد الذي نستطيع أن نعيش عليه حتي الآن؟.. سبحان الله فيما خلق... فهل سوف نأخذ هذا في اعتبارات تنميتنا المستدامة التي نرجوها لهذا الكوكب المحدد بمصادره الطبيعية التي يستنفدها هذا الانفجار السكاني ولم يبدأ بعد بالقدر الكافي حتي في طاقة جديدة متجددة؟... نسأل الله الدعاء والتوفيق لتنمية مستدامة لنا جميعا.... كبداية لتجديد الخطاب البيئي...