بدأت أمس معركة الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية بين الوسطي إيمانويل ماكرون المؤيد لأوروبا والذي يبدو الأقرب للإليزيه وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان المعادية للعولمة والتي يسعي معظم السياسيين الفرنسيين إلي "قطع الطريق أمامها". واستأنفت لوبان حملتها أمس بزيارة بلدة روفري شمال فرنسا حيث حملت علي ما أسمته "جبهة جمهورية متعفنة تحاول تشكيل ائتلاف" حول منافسها الذي اتهمته بأنه "ضعيف" في الحرب ضد "الإرهاب الإسلامي". ووجه نائب لوبان وكبير مساعديها فلوريان فيليبو انتقادا لاذعا لماكرون وقال لقناة "بي.إف.ام" التليفزيونية "ليس وطنيا لقد باع الشركات الوطنية وانتقد الثقافة الفرنسية" ووصفه بأنه "متعجرف" وقال "يتحدث وكأنه فاز بالفعل". وأعلنت لوبان استقالتها »مؤقتاً» من رئاسة حزبها »الجبهة الوطنية»، قائلة: »اليوم أنا مرشحة كل الفرنسيين ولست مرشحة حزب بعينه». في المقابل يبدأ ماكرون بحسب مصادر قريبة منه "محادثات سياسية" مع شريحة من اليمين وأخري من اليسار لضمان الحصول علي دعم واسع والتحضير لحكومة انفتاح حيث ستشكل الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو المقبل جولة ثالثة حاسمة. وأظهرت النتائج النهائية التي أعلنتها وزارة الداخلية الفرنسية أمس فوز ماكرون (39 عاماً) بنسبة 24.01% من الأصوات مقابل 21.30٪ للوبان (48 عاماً) في الجولة الأولي من الانتخابات الرئاسية. ويحظي ماكرون بدعم واسع من السياسيين والقادة داخل وخارج أوروبا. وتشير استطلاعات الرأي إلي أن ماكرون- الذي لم يتقلد من قبل أي منصب عن طريق الانتخاب - سيفوز بالإعادة بنسبة 64% علي الأقل بعد أن تعهد المرشحان الخاسران فيون وميلينشون بدعمه لإحباط برنامج لوبان المعارض للاتحاد الأوروبي والمهاجرين. من جانبه، حث الرئيس الفرنسي المنتهية ولايته فرنسوا أولاند الناخبين علي دعم ماكرون في جولة الإعادة ورفض مرشحة اليمين المتطرف التي وصف وصولها للإعادة بأنه »خطر» علي فرنسا. وقال أولاند في خطاب تليفزيوني »لا بد من التعبئة ومن الوضوح في الخيار.. من جانبي سأصوت لإيمانويل ماكرون». وأضاف »وجود أقصي اليمين في الجولة الثانية خطر علي البلاد.. علي المحك الآن بناء فرنسا ووحدتها وعضويتها في أوروبا ومكانتها في العالم». وكتبت موجيريني وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي علي تويتر "رؤية أعلام فرنسا والاتحاد الاوروبي تحيي نتيجة ماكرون يمثل أمل جيلنا ومستقبله". وقال الفرنسي ميشال بارنييه الذي يقود مفاوضات بريكست "وطني وأوروبي سأضع ثقتي فيه". وأعلن وزير الخارجية الألماني سيجمار جابرييل أنه واثق من فوز ماكرون الذي وصفه بأنه "المرشح الفعلي الوحيد المؤيد لأوروبا". في المقابل هنأ هاينز كريستيان ستراش رئيس حزب حرية النمسا اليميني المتطرف لوبان علي "نجاحها التاريخي". ورأي الهولندي اليميني المتطرف خيرت وايلدرز في النتيجة "يوما رائعا للوطنيين في فرنسا وغيرها". وفي روسيا أعلن الكرملين أنه "يحترم" النتائج ويرغب في علاقات مفيدة للطرفين. وحث وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس فرنسا علي الاستمرار في عملياتها العسكرية ضد الإرهاب في أفريقيا في ظل رئاستها الجديدة. وقلبت نتائج الجولة الأولي الخريطة السياسية لفرنسا.. فللمرة الأولي منذ 1958 يغيب اليمين عن الجولة الثانية وللمرة الأولي لا يصل مرشحا الحزبين الكبيرين (الجمهوري والاشتراكي) اللذين هيمنا علي الانتخابات منذ نحو نصف قرن إلي الجولة الثانية.