الخلاف قديم بين أديس ابابا والقاهرة، فقد كان الرئيس الاثيوبي مانجستو ماريام ديسالين معاديا لمصرلفترة طويلة، حتي نجح سفيرنا هناك محمود قاسم - عام 1980- في التوصل الي تهدئة وتصالح بين مانجستو والرئيس أنور السادات، ترتب عليها قيام الأول بتعيين مفوض خاص لشئون مياه النيل، ودعوة وزير الري -آنذاك- المهندس عبد الهادي سماحة لأديس ابابا للتباحث، فكانت بداية السير في طريق التهادن، وفتح الباب أمام نشاط ما عرف وقتها ب منظمة " اندوجو" أو الإخاء، التي ضمت مجموعة دول حوض النيل ال11. لعلك ستسأل عن سبب هذه المقدمة رغم الوفاق المصري الاثيوبي الحاصل الآن، وأجيبك: لعلك لاحظت ان وزير الخارجية الاثيوبي كان قد سلم الرئيس رسالة خطية، من رئيس الوزراء هايلي ماريم ديسالين، يؤكد خلالها حرص بلاده علي تطوير وتعميق علاقاته مع مصر على مختلف الأصعدة. لكن هل سألت: لماذا خطية وليست شفهية، مثل تحياته- مثلا- التي نقلها الضيف الاثيوبي للرئيس؟ وأجيبك: ديسالين يعرف جيدا كما يعرف الرؤساء بروتوكوليا، ان الرسالة المكتوبة بخط اليد تعني مراعاة كاتبها لمشاعر وأقدار الآخرين، وأنها مؤثرة للغاية، مقارنة بضعف تأثير الكلمة المطبوعة إليكترونيا، فأراد صاحبها بلوغ مراده. ذلك ظني، ولعل ما قاله ورقي جيبييوه، خلال المؤتمر الصحفي المشترك ونظيره سامح شكري:" لا يمكن العيش إلا سويا لأننا مرتبطين بمصير واحد، و لن نعمل ضد شعب مصر، فلدينا مصلحة استغلال مواردنا الوطنية ولا يمكن ان نضر بمصالح مصر، كما انه لا يمكن لمصر ان تضر ايضا بمصالحنا"، ما يصدق علي ما أسلفت. بل أظنه يرد علي الاستهلال الذي بدأت به المقال، حول الخلاف المصري الاثيوبي القديم في عهد السادات، حتي تم الصلح الدبلوماسي، ثم الجفاء المتبادل ولكل افريقيا في عهد مبارك، بما قادنا الي ما نحن عليه، الي ان وصل بنا الحال، الي طريق انعدام الثقة المشترك، مع بناء سد النهضة، الذي تبذل معه مصر الآن جهداجيدا، تنمويا وسياسيا ودبلوماسيا، في ظل المتغيرات الجديدة، للحفاط علي حصة مصر في مياة النيل دون نقصان، ان لم تكن بزيادة، وتعديل الخريطة المائية القديمة!! [email protected]