كان في ريعان شبابه، يملأ الدنيا حركة وسعادة هو الابن الاكبر لاخوته، علق والده البالغ من العمر سبعين عاما، عليه كل الامال واعتبره منقذه من شيخوخته وهرمه، كان دائما يردد لبناته ان من يريد شيئا، فسيلبيها له اخوكم محمد، يملك قلبا كبيرا يسع الناس جميعا، ويستوعب كل من حوله، التحق بالثانوية العامة، وكان متفوقا جدا، وكان دائما ما يحلم بأن يصبح ذا شأن في المجتمع، ولكن الزمان لم يتركه ووالده في شأنهما فتحالف فقرهم مع المرض ليسيطرا علي والده، فأضطر إلي الخروج من المدرسة وعدم استكمال تعليمه لان والده لم يعد قادرا علي الانفاق عليه، فخرج وعمل في المخابز وكانت الدنيا تسير بشكل طبيعي بالرغم من معاكستها له، ولكنها كثفت من جرعة الضغط عليه عند بلوغه عامه العشرين، وقرر محمد الالتحاق بالقوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية، ولانه يتمتع ببنية جسدية متميزة، كان دائما ما يتم اختياره للاماكن المهمة، وذات مرة حمل علي ظهره شيئا ثقيلا، فحدثت له اصابة في العمود الفقري ولكنه لم يعبأ بها، وبعد ان انتهي من الخدمة العسكرية، خرج ليجد نفسه عاجزا عن العمل، وزاد الالم لديه، وتضاعفت اصابت لتتحول الي انزلاق غضروفي في القطنية، وفتق في الحجاب الحاجز، وارتجاع في المريء.. تحول من شاب تفوح منه الحيوية والحماس الي عجوز يائس غير قادر علي ممارسة ما يفعله أقرانه من بني عمره وبعد مرور 01 سنوات، تجرع فيها كل الادوية، اصبح عمره الآن 03 عاما، لم يعد يستمتع بالحياة، ودخل في دوامة المرض التي نادرا ما يخرج منها احد اصبح يواجه هواجس المرض بقلبه وعقله، طبع الدهر بصماته علي وجهه النحيل، وجعله يبدو كشيخ كبير ورغم انه لم يتزوج لان المرض والفقر يمنعانه من ذلك، فحولته الهموم الي اطلال، وجعلته يسبق عمره وتظهر عليه ملامح الكبر، اثقل الزمن طهره، ولم يعد عموده الفقري يحتمل الالم، الاطباء اكدوا له ان الادوية هي البديل عن العملية، وهذه الادوية ستكون مصاحبة له مدي الحياة، ولكن والده لم يستطع ان يوفر له الاموال اللازمة لعلاجه فهو يتقاضي معاشا لا يتجاوز 002 جنيه بعد عمل اكثر من 53 عاما داخل المخابز، ولديه 3 أولاد واربع بنات اخريات، وجميعهن علي »وش زواج« ولا يملك ما يكفي لتجهيزهن، مما يجعله يرفض كل من يتقدم لخطبة إحداهن، فتزداد حالة محمد سوءا ارسل لنا في باب اسبوع الشفاء، لنساعده في شراء العلاج الذي يأخذه بشكل دوري كل اسبوع، وهو يتكلف اكثر من 051 جنيها اسبوعيا أي بمعدل 006 جنيه شهريا، ذهبنا اليه، وشددنا من ازره وحاولنا اخراجه من »حلبة« اليأس التي يعيش فيها والتي قهره فيها اليأس والاحباط، وقام اسبوع الشفاء بصرف العلاج له لمدة 3 شهور.