في الوقت الذي تسعي فيه جميع دول العالم وفي مقدمتها مصر لترشيد استهلاك المياه تستمر ثقافة اهدار البعض للمياه في بلادنا رغم مانعانيه من فقر مائي ،ولا يخلو شارع في العاصمة أو خارجها من مظاهر اهدار المياه التي تمثل اغتصابا لحقوق المصريين المائية،وكما رصدنا الأحوال فقد وجدنا عدة محطات بنزين في منطقة مصر الجديدة تقوم بغسيل السيارات بخراطيم المياه التي تغمر السيارات بالمياه والصابون السائل ، وبعد الغسيل تتم عملية الشطف باستهلاك كميات كبيرة من المياه،اما في منطقة باب اللوق في وسط البلد فقد رش اصحاب المقاهي والمحلات المياه امام الأبواب بدعوي القضاء علي الاتربة ، كما يستخدم بعض المارة خراطيم المياه الحلوة التي تستخدم في ري الحدائق في غسيل سياراتهم،فيما يقوم بعض اصحاب عربات الفول باستخدام هذه الخراطيم او الوصلات العامة في غسيل ادواتهم او الاطباق ولا ينسي أن يقوم في نهاية اليوم بغسل عربة الفول بأكملها. الصور العديدة التي تعكس الجهل بخطورة اهدار المياه،دفعت لجنة الاسكان والمرافق بمجلس النواب للموافقة علي مشروع قانون لتنظيم جهاز مياه الشرب والصرف الصحي، يتضمن عقوبات صارمة ضد ذلك الاهدار منها غرامة تصل إلي 20 الف جنيه لاستخدام مياه الشرب في غير اغراضها، كما يعاقب القانون بالحبس والغرامة لافشاء او اذاعة أخبار كاذبة عن مياه الشرب. وفيما يشير الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة إلي أن اهدار المياه أزمة موجودة علي مستوي العالم أجمع بصور وأشكال مختلفة، يوضح ان التربة لدينا في مصر طينية وليست رملية الأمر الذي يتسبب في وجود الأتربة والغبار ولذلك يقوم اغلب أصحاب المحلات والمقاهي برش المياه بهدف ترطيب الجو خاصة في فصل الصيف ويقول:» يمكن مواجهة ذلك بعودة عربات الرش مرة أخري وتفعيل القانون وتطبيق الغرامات علي المخالفين»، ويشير إلي ان الأستهلاك المنزلي التجاري ليس أكثر القطاعات استهلاكا للمياه فقيمته لاتتجاوز 10 مليارات متر مكعب سنويا ولكن يأتي الاهدار من القطاع الزراعي،حيث يسجل الرقم الأعلي في نسب الأهدار المائي ليصل إلي 57 مليار متر مكعب سنويا اي ما يعادل 85% من كل مواردنا الأساسية وهذا هو ما يجب اعادة النظر اليه لترشيد هذا الاستهلاك خاصة وان هذه النسبة مهدر منها أيضا 19 مليار متر مكعب في شبكات النقل والترع منذ بداية رحلة المياه من السد العالي وصولا إلي الدلتا،بالاضافة إلي ان اتباع طرق الري القديمة تهدر من 10 % إلي 15 % من المياه. ويشير الدكتورهاني رسلان رئيس وحدة دراسات حوض النيل إلي ان تعدادنا السكاني في زيادة مستمرة وتخطينا رقم 90 مليون مليون نسمة الامر الذي يحتاج إلي وقفة جادة من كافة الاطراف،بحيث يدرك الجميع أهمية نقطة المياه وضرورة ترشيده لها،كما يدعو المسئولين إلي تفعيل القانون حتي يكون هناك رادع لكل مخالف، ويقول :»سيدفع الثمن الأجيال القادمة اذا أستمر الوضع بهذا الشكل» ويبقي الرقم الخطير الذي يعلنه العميد محيي الصيرفي المتحدث الرسمي للشركة القابضة لمياه الشرب،حيث تنتج الشركة القابضة 25 مليون متر مكعب تصل نسبة المتسرب منه 30%،ويشير إلي أن نصيب الفرد من المياه في محافظة القاهرة 400 لتر وفي المحافظات الاخري قد يصل إلي 200 او 250 لتر ، وفي القري والنجوع يصل إلي 150 لتر ،فيما تسجل النسب العالمية مابين 90 و120 لتر مياه ، ومعظمها دول لديها فائض في مياه الشرب في حين ان مصر تقع الان تحت خط الفقر المائي ، والذي يبلغ 1000 لتر بينما نحن 600 لتر،ويقول:»ترشيد استهلاك المياه لا مفر منه »ويشير أيضا إلي أن مجلس النواب رفض تطبيق عقوبة الحبس في جريمة اهدار المياه في القانون الجديد ، علي الرغم من ان هناك تدرجا في تطبيق العقوبة تبدأ بالانذار ثم الغرامة بمبلغ 50 جنيها او 150 جنيها وتتضاعف في حال التكرار.