•عاملة نظافة: »حاسة إني في فسحة» لا يعرف قاموسهم كلمة »إجازة»، فبينما يحتفل الملايين من المواطنين لا يعرف البعض معني الاحتفال، يخرجون إلي الشوارع في ساعات مبكرة يقضون يومهم بحثا عن الرزق. منهم من لديه أسر ينفق عليها.. وآخرون عرفوا أن لقمة عيشهم سلاح ضد معاني الاستجداء والعطف.. باعة وسائقون.. عمال وأرزقية.. كلهم رفضوا كلمة »إجازة» وأصروا علي العمل أثناء احتفال الملايين من المصريين بأعياد شم النسيم في الحدائق العامة والمتنزهات والشوارع والميادين.. »الأخبار» قامت بجولة لعرض النموذج المشرف لأصحاب المهن التي رفضت »الإجازة». رفع عدد كبير من سائقي التاكسي الأبيض شعار »لقمة العيش أهم»، تجولوا في الشوارع لنقل المحتفلين إلي المتنزهات، بعد أن قام بتوصيل إحدي الأسر إلي المرسي النيلي أكد محمد حسن أنه يرفض أي إجازة تبعده عن لقمة العيش، وأضاف أن إيراد التاكسي هو الذي يوفر له ولأبنائه نفقات الحياة، وقال: »الجو شجعني علي الشغل لإن المصريين بيحبوا الخروجات.. ودا موسم بالنسبة لي خاصة ان الأسرة بتنزل كلها ومحتاجين حاجة توصلهم سريعة ومفيش اسرع من التاكسي». الشوارع فاضية تحت أشعة الشمس في ساعات الظهيرة الحارقة تجول علي »عجلة» بسيطة، اتخذها وسيلة للتنقل بين الشوارع يحمل عليها عشرات الكيلو جرامات من اللبن الطبيعي، هكذا قضي »أحمد ابرهيم» بائع ألبان أول ساعات عيد شم النسيم، باحثاً عن رزقه. أكد أن »الرزق ميعرفش اجازة.. والنهارده الشغل هيبقي احلي لإن الدنيا إجازة والشوارع فاضية لا زحمة ولا دوشة زي كل يوم، واديني فعلا بعت اللبن خلال 6 ساعات من أول ما طلعت من البيت لا همني شمس ولا غيره، وكمان معظم بياعين اللبن اجازة فعلا والزبون المصري طبعا مبيقدرش يفوت الفطار من غير شاي بلبن. تبدو مهمة عمال النظافة ضرورية جدا، فبعد كل احتفال تزداد كمية المخلفات التي يتركها المصريون خلفهم، لتبدأ رحلة العمال الذين لا يعرفون للأجازة طعما، وتشير صباح عيد » 40 عاماً، عاملة نظافة إلي أنها تواجدت في حديقة الحيوان من السابعة صباحاً وتستمر في العمل إلي السابعة مساءً، تقوم خلالها بالتجول بالحديقة لجمع المخلفات وتنظيف الأرجاء اولاً بأول، وأضافت أنها لا تقضي أي اجازة مع عائلتها، وتوضح: انا في حاجة لكل مليم زيادة بدل الاجازة، معايا 4 بنات وجوزي قعيد ومريض، وانا عمري ما تعبت من الشغل، فالأهم اني اوفر فلوس جواز بناتي من غير ما امد أيدي لحد »، وواصلت: »الحمد لله انا حاسة اني أصلاً في فسحة من كتر زحمة الحديقة والناس واللمة اللي حواليا وريحة الاكل الجميلة اللي المصريين الطيبين بيعزموا بيها عليا.. دا انا ممكن اتغدي مرتين وتلاتة وانا بشتغل». العيد مع النسناس أما جمال فهمي » 52 عاماً، أحد حراس أقفاص حديقة الحيوان» فيوضح أنه قضي أكثر من 36 عيدا لشم النسيم وسط »النسانيس والقرود»، وقال: »مفتكرش اني قضيت شم النسيم في البيت قبل كدا، كل سنة بكون في الشغل لأن الإجازات بتقف وبنكون طوارئ، فأعداد الناس بتبقي اضعاف بقية أيام السنة، كمان انا متجوز اتنين فلازم آخذ اجازة يومين بعد العيد أفسح البيتين في فسحتين كبار». وأشار إلي أنه كان يتوقع أن تقل أعداد الزوار بعد الأحداث التي وقعت خلال الأسبوع الماضي، إلا انه فوجيء بالأعداد الغفيرة التي توافدت علي الحديقة. وأمام تمثال نهضة مصر وقف سيد شعبان »بائع ايس كريم» يتصبب عرقا، نزل الي الشارع بحثا عن لقمة عيشه، وقال : »النهارده موسم والمكسب ضعف الأيام العادية، ليه اقعد في البيت وانا رجلي شايلاني؟» واضاف بلغته البسيطة :» المصريين كلهم نزلوا الشارع وبياكلوا فسيخ ورنجه وبيض ملون اما الايس كريم فهو مسك الختام »، وأشار إلي أنه يبيع الكوب بثلاثة جنيهات ونصف والبسكويت بجنيهين وأن زوجته تعمل علي تحضير الفسيخ والرنجه له حتي يتناوله في نهاية اليوم بعد انتهائه من العمل.