القيامة في معناها المختصر هي عبور من حالة الموت إلي حالة الحياة، وهي عبور أيضاً من حالة الخطية إلي حالة البر.. القيامة هي الحدث الأهم في تاريخ الإنسان علي الأرض.. آدم أخطأ في القديم وكسر الوصية الأولي، وكان لابد أن يموت، فجاء السيد المسيح لكي يموت عوضاً عنه، وصلب علي الصليب في يوم الجمعة، وفي فجر الأحد قام من الأموات. كلنا نعلم ما هو مفهوم القيام.. معناه شكل من أشكال الاستعداد.. شكل من أشكال الصحو، ولكن القيام من ماذا؟ القيام من الموت، فيوجد أموات في الفكر.. ويوجد أموات في الروح.. ويوجد أموات في الرجاء.. وأشرح الثلاثة : -الأموات في الفكر بعض الناس هم أموات في الفكر.. إنسان عايش رايح وجاي ولكن فكره ميت، والفكر الميت هو الفكر الحرفي أو الفكر الموروث، وهو العقل الذي لا يفكر.. مثال ذلك في الكتاب المقدس شاول الطرسوسي.. كان شاباً فريسياً متعصباً.. كان هذا الرجل متعلماً، وفي زمانه كان متعلما تعلما راقيا لأنه تعلم عند غمالائيل معلم الناموس.. شاول كان يضطهد كنيسة الله بإفراط، ولكن الله لم يشأ أن يتركه، ففي الوقت المناسب ظهر له السيد المسيح وهو في طريقه إلي دمشق وتبدل الحال تماماً، وقام من هذا الفكر الميت وصار شاول الطرسوسي هو القديس بولس الرسول الذي كتب أسفاراً ورسائل في العهد الجديد. وبولس الرسول له قامة روحية عالية لأنه قام من موت الفكر.. - الأموات في الروح مثال آخر ذلك الإنسان الميت في الروح.. إنسان يتنفس رايح وجاي لكن روحه ميتة.. يعني الإنسان الذي يعيش في الترابيات لا يرفع رأسه للسماء أبداً.. هذا الإنسان الميت في الروح ينطبق عليه قول الكتاب المقدس "عندي عليك أن لك اسم أنك حي وأنت ميت" مثل زكا العشار كان إنساناً يهودياً وجابيا للضرائب، وكان كل عالمه هو المال، وبسبب هذا المال ظلم كثيرين.. كان جشعاً، وكان عدوانياً لأنه كان يسلم الذي لا يدفع هذه الضرائب للسلطات الرومانية.. وبعدين يا زكا انت لك اسم مشهور لكنك ميت في الروح لأنك تعيش حياة الجسد فقط !! زكا يتقابل مع السيد المسيح وعندما يتقابل معه يقول له: اسرع وانزل يا زكا لأنه كان معلقاً علي شجرة لتبدل الحال فيقوم من نفسه.. زكا الذي كان ممسكاً بماله وبمعني أصح المال هو الذي كان ممسكاً به ومقيداً له يعلن أمام السيد المسيح أن "نصف أمواله للمساكين وإن كنت قد وشيت بأحد أقدم له أربعة أضعاف"(2). ويتحول أي إنسان قديس أو إنسان بار أو علي الأصح إنسان قائم من موتي الروح. - الأموات في الرجاء هم هؤلاء البشر الذين ليس لديهم رجاء أنا مش عارف الإنسان من غير رجاء يعيش إزاي؟- ولكن من هؤلاء تمثلهم امرأة هي مريم المجدلية، وكانت بها 7 شياطين وكانت خاطئة تعيش في شوارع أورشليم وكانت تحيا بلا رجاء.. عالمها هو عالم الخطية.. لكن أيضاً عندما تقابلت مع السيد المسيح وأخرج منها شياطين الخطية.. تابت وقامت وصار لها رجاء وأعطاها المسيح أن تكون أول مبشرة بقيامته فهي التي نقلت خبر القيامة إلي بقية التلاميذ. القيامة ضرورة لكل إنسان.. في القيامة يا اخوتي لا يوجد مستحيل، ولكن يوجد الباب المفتوح وهناك باب مفتوح ولذلك نقول "أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟" كان الإنسان قبل القيامة يموت في الأرض وتنطمس سيرته ليس أمامه فردوس أو جنة !! فالفردوس مغلق منذ سقطة آدم الاول.. بعد القيامة قد انفتح باب وصار الإنسان لا يعرف مستحيلا وصار "غير المستطاع عند الناس مستطاعا عند الله". فالله لا يعسر عليه شيء، فالقيامة أعطت للإنسان أن في مستقبله يوجد باب مفتوح.. أحياناً يعيش الإنسان وهو يشعر أن المستقبل مغلق أمامه ومظلم. ولكن الذي يعيش القيامة تعطي له أملاً وتعطي له أبوابا مفتوحة. القيامة تعطي أيضاً فرحاً.. التلاميذ كانوا يعيشون في حزن لقد صلب السيد المسيح معلمهم أمامهم ولقد كان هذا الصلب قمة الألم، ففي وقت صليب المسيح أظلمت الدنيا وحدثت زلزلة، وكأن الطبيعة تبكي خالقها، ولكن لما قام المسيح في فجر الأحد أعطي تلاميذه الحزاني فرحاً. ولذلك بعد كل جمعة الذي هو تذكار الصليب له يوم أحد الذي هو تذكار القيامة. وبعد البكاء في المساء يأتي الفرح والسرور في الصباح، فكل ليل ينتهي بعده نهار جميل وشمس مشرقة بجانب أن القيامة تعطينا وتعلمنا أنه لا مستحيل. وتعطينا الفرح.. تعطينا أيضاً نوعا من الرجاء ضد اليأس. أحياناً الإنسان في حياته اليومية يُصاب بالإحباط، ولكن يا اخوتي القيامة تفتح أبواب الرجاء والنصرة أمام الإنسان يوجد الله ضابط الكل الذي يقود هذا العالم وكل الخليقة ممسوكة بيد الله، فلهذا يوجد الرجاء والأمل. في سيرة القديس بولس الرسول انه كان مع مجموعة يركب سفينة وهاج البحر فانكسرت السفينة. فالقديس بولس في اختباره قال هذه العبارة "سلمنا فصرنا نُحمل". السفينة التي انكسرت ببولس الرسول علي شواطئ مالطة عندما يضع الإنسان كل أموره بيدي الله ويسلمها في يد الله.. الله يحمله علي الكتفين.. الله لا يترك خليقته أبداً.. الله يعتني بالإنسان أينما كان. الأمر الوحيد الذي لا يريده الله في الإنسان هو الخطية، لذلك إذا قام الإنسان من خطيته سيجد عين الله تنظر إليه وتعينه. نصلي أن يحفظ الله بلادنا.. ويعطينا جميعاً نية خالصة في حياتنا وفي خدمتنا لكل إنسان ليباركنا الله ببركات القيامة في حياتنا جميعاً.. ولإلهنا كل مجد وكرامة إلي الأبد آمين.