ما حكم الاعتداء علي الكنائس ودور العبادة أو استهدافها بالهدم والتفجير؟ وما حكم ذلك إذا كان فيها أناس يؤدون عبادتهم؟ وبعض الناس يدعي أنه لا يوجد عهد ذمة بينهم وبين المسلمين، فهل هذا صحيح؟ - يحرم شرعا هدم الكنائس أو تفجيرها أو قتل من فيها أو ترويع أهلها بل ان القرآن الكريم جعل تغلب المسلمين وجهادهم لرفع الطغيان ودفع العدوان وتمكين الله تعالي لهم في الأرض سببا في حفظ دور العبادة من الهدم وضمانا لأمنها وسلامة أصحابها فقال تعالي: »ولولا دفع الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز، الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور» سورة الحج: 40 : 41. وكتب النبي صلي الله عليه وآله وسلم لأسقف بني الحارث بن كعب وأساقفة نجران وكهنتهم ومن تبعهم ورهبانهم أن: »لهم علي ما تحت أيديهم من قليل وكثير ومن بيعهم وصلواتهم ورهبانيتهم، وحوار الله ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم». أخرجه ابن سعد في »الطبقات» وغيره. والناظر في التاريخ يري مصداق خبر المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم، حيث رحب أقباط مصر بالمسلمين الفاتحين، وفتحوا لهم صدورهم، وعاشوا معهم في أمان وسلام لتصنع مصر بذلك أعمق تجربة تاريخية ناجحة من التعايش والمشاركة في الوطن الواحد بين أصحاب الأديان المختلفة. كما أن في هذه الأعمال وهذه التهديدات مخالفة لما أمر به الشرع علي سبيل الوجوب، من المحافظة علي خمسة أشياء أجمعت كل الملل علي وجوب المحافظة عليها، وهي الأديان والنفوس، والعقول والأعراض والأموال. وأما قول البعض بأن العهد الذي بيننا وبينهم إنما هو عهد الذمة، وقد زال هذا العهد، فلا عهد لهم عندنا، فهو كلام باطل لا علاقة له بالادراك والفقه فالمواطنة مبدأ إسلامي أقرته الشريعة الإسلامية منذ نشأتها، وهو ما قام به رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في وثيقة المدينةالمنورة التي نصت علي التعايش والمشاركة والمساواة في الحقوق والواجبات بين أبناء الوطن الواحد دون النظر إلي الانتماء الديني أو العرقي أو المذهبي أو أي اعتبارات أخري، ومن ثم فهذا العقد من العقود والعهود المشروعة التي يجب الوفاء بها.