تخيل نفسك محاطا بعشرات من البشر يتهافتون عليك تهافت الفراش علي الضوء يتحلقونك ليس إعجابا بل افتراسا لك، ينتزعون منك ما تطاله أيديهم عنوة.. فزعك ورعبك من هول استهدافك..كسرتك لإحساسك بضعفك وقلة حيلتك واكتشافك عدم جدوي مقاومتك ومعافرتك..صرخاتك واستغاثاتك التي تخرج بشق الأنفس رجاءاتك وتوسلاتك التي لا تعمل مع مفترسيك سوي أن تزيدهم توحشا. توهم بعد كل ذلك أنك لذت بالنجاة لكنك صرت حبيسا لتلك الأحاسيس تطاردك أينما حللت وتقيم عازلا أبديا بينك وبين البشر.. وأنت تلعن نفسك وجسدك الذي جعلك موضعا للانقضاض والافتراس. إذا شعرت بمن ابتلي بهذا الموقف فأبشر بإنسانيتك التي ما زالت تصارع في دنيانا أما إذا لم تشعر بكل هذه الرهبة ولا أضعف الإيمان بالتأثر فاقرأ الفاتحة علي إنسانيتك ومروءتك. شهر المرأة أبي أن ينصرم هادئا تاركا لنا فيض مشاعر طيبة تملكتنا علي مدار الشهر بدءا بيوم المرأة العالمي انتهاءً بيوم الأم دون أن يكون شاهدا علي انعدام إنسانية مجتمعنا وكأنه بفاجعة التحرش الجماعي بفتاة الشرقية التي فتحت جرحا غائرا يذكرنا أن كل ما يقال من كلام منمق عن المرأة وفضلها وتكريمها وحقوقها ماهو إلا ترهات ومحفوظات تستدعي لتقال في المحافل والمناسبات الرسمية ثم تعود ريمة لعادتها القديمة وتعود الاتهامات لا توجه إلا إليها والمحاكمة لا تكون لغيرها الذي لو حوكم فلا مناص من جعلها شريكا أصيلا في الذنب ليسدل الستار بمبرر »إيه اللي وداها هناك». الفاجعة لم تكن الأولي ولن تكون الأخيرة وعام المرأة كشهر المرأة سيمضي بلا فائدة تعود عليها مادام هناك تعليم متدنٍ وفكر ضحل لرجل أو امرأة يبيح التعدي علي المرأة لمجرد الاعتراض علي مظهرها أو فكرها أو انتمائها وتأصيل لثقافة »اللي عنده معزة يلمها».