[كل ما قرأته شيء.. والحقيقة شيء آخر! فهناك صورة واحدة حاول كل من لم يعرفوه تصديرها لنا، وهي أنه رجل عبوس ينتج الضحك ولا يستهلكه، ويتحدث عن البسطاء ولا يقترب منهم! وهذه الصورة لم تفارق خيالي، وأنا في الطريق من بيتي إلي دار أخبار اليوم. فقد ذهبت إليه وأنا أعرف أن دخول مكتبه »حدث« والحديث معه »انفراد« وتسجيل حوار له يدخل ضمن دائرة التسجيلات النادرة، لكن شيطان الصحافة احترق بمجرد أن وقفت عند باب مكتبه]. بهذه السطور المشوّقة، بدأ الزميل الصحفي »الأستاذ محمد توفيق« تقديمه لكتابه الجديد تحت عنوان: »أحمد رجب .. ضحكة مصر« من إصدارات دار المصري للنشر ويروي فيه الكثير جداً عما نعرفه وما لا نعرفه عن عزيزنا، أستاذنا، وكاتبنا المرموق أحمد رجب. حدثنا مؤلف الكتاب الزميل محمد توفيق عن بداية علاقته بأحمد رجب عبر سطور »نص كلمة« التي حرص علي قراءتها يومياً في »الأخبار«، وازداد قرباً منه عن طريق كاريكاتير »فلاح كفر الهنادوة« في »أخبار اليوم« بريشة الفنان المتألق مصطفي حسين وفكرة الكاتب الكبير أحمد رجب. صلة المؤلف بأحمد رجب كانت عن بعد. أي من قراءة ما يكتبه من مقالات وما يطرحه من أفكار تجسدها ريشة مصطفي حسين، و هي الصلة التي حببت تلميذ المرحلة الثانوية آنذاك في أحمد رجب وتمني أن يصبح صحفياً حتي يسير علي خطاه. و بالفعل اختار »قسم الصحافة« في كلية الآداب للتأهيل لتحقيق أمنيته. كما اختار التدريب في »أخباراليوم« علي أمل أن تتاح له الفرصة لمقابلة أحمد رجب.. ولو بالصدفة. إعجاب زميلنا محمد توفيق بأستاذنا الكبير عبر عنه بكلمات توقفت أمامها، تقول: » إنه أي أحمد رجب عند جيلي وليّ من أولياء الكتابة لا يمكن العيش بدونهم، وصورته معلقة علي جدران منزلي لأسلم عليه كل صباح وألجأ إليه في المساء ليكون سنداً لي في رحلة البحث عن المتاعب«. إلي هذا الحد بلغ انبهار مؤلف الكتاب بأحمد رجب. ومرت السنوات.. وأصبح محمد توفيق صحفياً وكاتباً، و مدمناً في الوقت نفسه علي قرآءة كل حرف يكتبه أحمد رجب في سطور »نص كلمة«.. أشهر مقال في الصحافة المصرية. ومنذ فترة.. قرر محمد توفيق أن يقترب من أحمد رجب بالفعل وليس عن بعد. الوسيلة الوحيدة أمامه أن يكتب عنه في كتاب، وهو ما يتطلب إجراء حوار طويل معه. المشكلة كما تصوّر الكاتب الشاب أن مقابلة أحمد رجب وموافقته علي إجراء حوار معه يُعد من رابع المستحيلات! ولحل هذه المشكلة.. لجأ محمد توفيق إلي الكاتب الصحفي بلال فضل وطلب منه مساعدته في حل مشكلته، وهو ما وافق عليه بلال. بعدها.. فوجيء محمد توفيق بمكالمة تليفونية من أحمد رجب شخصياً. ويصف المؤلف موقفه وقتها قائلاً:»كدت أفقد حاسة النطق، لأنني لم أرد عليه !فقد كنت بعيداً عن التليفون، وتأكدت أني نحس، لكن بعد دقائق وجدت جرس التليفون يرن من جديد ليبدأ الحديث لأول مرة بين الوليّ والمريد«. بدأ المؤلف تقديم كتابه كما قلت بالحديث عن الشخصية الخيالية لأحمد رجب، لكنه بعد أن تقابل معه في مكتبه.. تغيرت الصورة من النقيض إلي النقيض! ويحكي المؤلف تفاصيلها قائلاً:» بمجرد أن دخلت من باب مكتبه وجدته واقفاً ليصافحني بابتسامة لم تفارق وجهه طوال ساعة ونصف قضيتها معه، وجلست أتحدث معه في محاولة لفك رموز شخصيته ولوضع حد فاصل بين حقيقة هذا الرجل وأسطورته. وجدت رجلاً يجمع بين حكمة الفيلسوف، وخفة دم المضحك، وتواضع العالم، ورؤية المفكر، وشهامة ابن البلد.. وعرفت السبب في الصورة العبثية التي رسمها له من لم يعرفوه!«. .. ما كتبته هنا كان نقلاً عن مقدمة الكتاب.. وهو ما شوقني لقراءة ما بعدها من صفحات أكثر من 290 صفحة جمعت كل ما كنّا لا نعرفه عن عزيزنا أحمد رجب إلي جانب ما كان البعض يعرفه. مساحة المقال انتهت.. والبقية تجدها في الكتاب البديع:»أحمد رجب.. ضحكة مصر«.