اليتيم هو جزء من المجتمع وتغيير هذه النظرة للطفل الفاقد لوالديه أو أحدهما منذ مرحلة الطفولة وإعداده للانخراط في المجتمع أمر يستحق الاهتمام، لذا فإن يوما واحدا في العام غير كافٍ للعناية بالايتام.. تشير د.منال زكريا أستاذة علم النفس بكلية آداب جامعة القاهرة إلي أنه يجب أن نميز بين نوعين من الأطفال الأيتام وهم فاقدو أحد الوالدين سواء كان الأب أو الأم ويقيم مع الطرف الآخر، والنوع الثاني الأطفال اللقطاء الذين فقدوا الأب والأم ويتربون في الملاجئ أو دور الأيتام؛ فأما عن فقدان أحد الوالدين فإن الحرمان من رعاية أحد الوالدين يسبب بعض المشكلات النفسية للأطفال لأنه يشعر بالحرمان من بعض العناصر الأساسية المؤثرة فيه وخاصة في حالة فقد الأم لأن في العادة الأم تكون هي القائمة بالرعاية وبالتالي عدم وجودها في الأسرة يؤثر تأثيرا سلبيا علي الأطفال ويشعرهم بإحساس الحرمان من العاطفة والحنان الذي لن يعوضه أحد أيا كان من أطراف الأسرة سواء الجدة أو الخالة.لكن في حالة فقدان الأب نجد أن الأمر يكون أهون نسبيا علي الطفل لأن الأم في الغالب تستطيع ان تقوم بدورين معا فالأم هي منبع الرعاية والحمايه للطفل ، أما في حالة فقدان الأم فيجب علي المرأة التي ستقوم بدور الأم البديلة للطفل أن تعامل الطفل بعاطفة الأمومة لأن الطفل يكون بحاجة لقدر كبير من التعاطف والحب والحنان في التعامل معه، فإذا تعاملت الأم البديلة ووضعت نفسها مكان الأم كل ذلك كفيل ان يجعل من الطفل شخصا سويا دون مشكلات.أما إذا لم يجد الطفل هذه الرعاية والعاطفة خصوصا إذا كان الأب قاسيا معه سنجد الطفل أكثر ميلا إلي الانحراف او يحاول البحث خارجيا لملء هذا الجانب ، أما بالنسبه للأب فعليه ألا يتزوج بشكل سريع بعد وفاة الزوجة حتي يصل الطفل إلي قدر معين من النضج لاستيعاب أنه من الطبيعي أن يكون هناك امرأة في حياته بديلة ،كما يجب ألا يحدث الزواج بشكل مفاجئ بل يجب أن يتعرف عليها الطفل وأن يعتاد عليها.فكلما كان الطفل صغيرا كان أفضل لأنه سوف يكبر وهو معتاد علي وجود زوجة الأب أو الأم البديلة له أما كلما كان اكبر نسبيا فيجب إقناعه بوجودها في حياتهم وألا يحدث الأمر بشكل مفاجئ له. كما يجب علي الأب أن يقيم المرأة التي ستصبح أما بديلة وأن يضع الأطفال في الأولوية ثم يأتي بعد ذلك رغباته وإشباعاته الحياتية فلابد ان تكون مؤهلة لرعاية الأطفال بشكل سليم وقادرة علي ذلك، فعاطفة الأمومة هي عاطفة بيولوجية واجتماعية وموجودة عند المرأة بشكل عام فإذا تعاملت الأم البديلة بالعاطفة الفطرية التي وهبها الله إياها حتما ستكون مثالية وتعوض الطفل عن فقد أمه. أما في حالة الأطفال فاقدي الوالدين فهم في حاجة إلي قدر كبير من الرعاية لأنهم مهما تربوا في أسر بديلة يكون لديهم الكثير من المشكلات لأنهم يشعرون أنهم أقل من غيرهم من الأطفال لذلك هم بحاجة إلي إخصائيين نفسيين يتابعونهم منذ سن مبكرة وأن نكتشف مواهبهم وأنشطتهم الفنية فكلما تم التركيز علي تقوية الجانب الإبداعي والموهبة بداخلهم كلما استطعنا أن نأخذهم إلي بر الأمان. كما تؤكد د. بسمة سليم إخصائية صحة نفسية وتعديل سلوك وخبيرة التنميه البشرية علي أنه لا يجب المبالغه في التدليل الزائد للطفل لمجرد أنه فقد أحد الوالدين ، كما يجب أن يعي المحيطون بالطفل أنه بحاجة إلي حماية ولكن ليس بشكل مبالغ فيه كالمعاملة الوالدية الخاطئة فتمارس عليه الحماية الزائدة ،كما يجب ألا يعامل اجتماعيا بشكل مختلف عن باقي الأطفال في المدرسة ، وأن يتم مشاركته اجتماعيا في أنشطة اجتماعية ورياضية حتي لا يصبح طفلا منطويا ولا يشعر أنه أقل من غيره من الاطفال ،اما الاشخاص المحطين به يجب ان يتعاملون مع الطفل علي انه عادي وطبيعي ،كما يجب ألا يتم تدخل أكثر من طرف في تربية الطفل ،و في حالة فقد الأم يجب علي الأب التقارب مع الطفل وألا يسمح بأن يكون هناك فجوة بينهما، أما بالنسبة للأطفال فاقدي الأب والأم والذين يعيشون في دور الأيتام فيجب أن يكون هناك جهة أمنية مسئولة عن متابعة هذه الدور وأن يكون هناك كاميرات مراقبة ورقابة دورية أسبوعية والعمل علي تقييم المستوي الصحي ومستوي التعامل مع الأطفال وأن يتم خضوع العاملين داخل دور الأيتام إلي تأهيل نفسي وكذلك الأمهات البديلة يجب إخضاعهن لفحص طبي ونفسي وتربوي وثقافي بحيث يكنّ مؤهلات للتعامل السليم مع الأطفال. كما يوضح د.عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهر الشريف أن الله سبحانه وتعالي أمرنا في كتابه العزيز حيث قال »وآتوا اليتامي أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب» وفي آية أخري »إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا» فقد ولد النبي صلي الله عليه وسلم يتيما ويقولون إن في اليتم ذلا فهل الله سبحانه وتعالي أراد الذل لحبيبه ومصطفاه؟ كلا إنما أراد الله ألا يكون لأحد فضل عليه إلا الله تبارك وتعالي.وقد أمرنا النبي صلي الله عليه وسلم برعاية اليتيم حيث قال » أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه يعني السبابة والوسطي». ويقول صلي الله عليه وسلم إذا بكي اليتيم اهتز لبكائه عرش الرحمن فيقول الله » يا ملائكتي، من ذا الذي أبكي هذا اليتيم الذي غيبت أباه في التراب، فتقول الملائكة ربنا... فتقول الملائكة ربنا أنت أعلم، فيقول اللّه تعالي لملائكته : يا ملائكتي، اشهدوا أن من أسكته وأرضاه أن أرضيه يوم القيامة »و لقد جاء رجلا للنبي صلي الله عليه وسلم يشكو له قسوة قلبه فقال صلي الله عليه وسلم »امسح علي رأس اليتيم وزر المقابر». فلقد حرص الإسلام أشد الحرص علي رعاية اليتامي والإحسان إليهم والمحافظة علي أموالهم فقد قال صلي الله عليه وسلم »خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه، وشر بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يساء إليه»