لقد حث الإسلام على رعاية الأيتام و مد يد العون لهم، ورتب على ذلك أجرا عظيما، ونال اليتيم مكانة متميزة في الشريعة الإسلامية، وفي القرآن الكريم آيات عديدة أنزلها الله تعالى تحث على ذلك، منها قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ)، وقال تعالى: «أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ*فَذَلِكَ لَّذِى يَدُعُّ لْيَتِيمَ *وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ»، كما أمر سبحانه وتعالى بالإنفاق على اليتيم، فقال: «يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ». وها هو رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، يقف بين أصحابه ويشير بأصبعيه السبابة والوسطى - ثم يقول: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بالسبابة والوسطى، وفرَّج بينهماس، أي أن كافل اليتيم لا يفصل مكانه في الجنة عن مكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا مثل ما يفصل بين الأصبعين من مسافة. وفي هذه الأيام ونحن نشكو من شدة الغلاء وارتفاع الأسعار مع أن لكل منا دخلاً يعيش من ورائه فكيف بمن لا معيل لهم، ولا دخل لديهم ؟!، وكيف نترك هؤلاء فريسة للاستغلال من قبل بعض الجماعات الإرهابية و دور رعاية الأيتام أو القائمين على أمرها والعاملين بها؟ علماء الدين يؤكدون أن رعاية الأيتام ضرورة شرعية وضمانة حقيقية لحماية المجتمع من تحول هؤلاء الأطفال اليتامى إلى التطرف والإرهاب أو انحرافهم أو استغلالهم من قبل المتسولين وجماعات السرقة والفساد وغيرها. ويقول الشيخ محمد زكى، الأمين العام للجنة العليا للدعوة بالأزهر، إن يوم اليتيم ما أعظمه من نداء وما أكرمه من عطاء فجميعهم أولادنا وأمهاتهم أخواتنا وهم جزء لا ينفصل عن المجتمع، وطوبي لعبد أكرمه ربه فكفل يتيما وجعله كأولاده فقد جاء في الحديث إذا بكى اليتيم وسال دمعه على عينه قال رب العرش (من يمسح دمع هذا وله الجنة) بمعنى أن من يرضيه ويسعده ويدخل على قلبه الفرح له الجنة، فيجب على المجتمع كله بأغنيائه وفقرائه أن يتبنوا اليتيم تربية وعناية ورعاية كأولادهم، فمن ادخل على أهله بيت من المسلمين سرورا لم يرضي له سرورا سوى الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: (أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة). من جانبه يقول الدكتور نبيل السمالوطى، أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر، إن اليتيم شرعا هو من فقد أباه قبل البلوغ أما اليتيم حكما أو واقعيا هو من فقد أباه أو أمه وأصبح مفتقدا إلى الرعاية بكل أنواعها الصحية والاجتماعية والنفسية وأيضا أطفال الشوارع هؤلاء هم في حكم اليتامى ويجب رعايتهم وتقديم يد العون لهم حتى لا يصبحوا فريسة يلتقطها كل العصابات الإجرامية، فاليتامى يفتقدون إلى الحقوق المختلفة لنظرائهم من الأطفال مثل الحق في اللعب والحنان والعطف وحقوق البيت الدافئ والتوجيه الأسرى بين الأب والأم ووجود الأطفال في وسط اجتماعي حان عليهم. وأضاف: إن اليتامى فى المجتمع المصري يمثلون نسبة كبيرة فهم من الناحية النفسية والاجتماعية يحتاجون إلى الرعاية، كما أنهم ثروة اقتصادية يمكن إن نستثمرها في التعليم وان يعملوا في حرف ومهن تنفع المجتمع ويجنب المجتمع الكثير من المشكلات الاقتصادية ويكفي أن هناك من 2 إلى 3 ملايين طفل شارع، بل والأسوأ من ذلك هو تحول هؤلاء اليتامى إلى لقمة سائغة للجماعات الإرهابية والجماعات المعادية للوطن واستغلالهم من قبل تجار المخدرات والعصابات الإجرامية، فهؤلاء لم يتعلموا ولم ينتموا إلى أسرة وبالتالي ليس لهم ولاء للمجتمع وفي حاجة ماسة للمال فهم مستعدون أن يلقوا بأنفسهم إلى التهلكة دون دراية منهم، كاستغلالهم من قبل بعض القوى السياسية في عمليات التخريب وحرق الممتلكات العامة. ويرى الدكتور السمالوطى، أن مواجهة هذه المشكلة وحلها يكمن في الأساليب التالية، أولا: كفالة اليتيم في المنزل دون أن ينسبه رب الأسرة إلى نفسه حتى يكبر ويتعلم ويصبح شابا نافعا في المجتمع، ثانيا: أن تقوم أسرة مقتدرة بكفالته في بيت أمه، ثالثا: وضع اليتامى في مؤسسات إيوائية كاملة بها مشرفون ومشرفات وأطباء ومراكز تعليمية وعدم تركهم فريسة لبعض المؤسسات ودور رعاية الأيتام الخاصة التي تستغلهم. وفي سياق متصل أكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، ضرورة اغتنام هذه المناسبة الطيبة والاحتفال بيوم اليتيم باقتراح إنشاء دار قومية مصرية لليتامى تكفل لهم المعاملة الطيبة والرعاية سواء الغذاء والكساء والدواء والتعليم والتربية وفق منهجية وتوصيفات من خلال علماء الاجتماع والشريعة والاقتصاد ولا يتركون نهبا لبعض جمعيات في التضامن الاجتماعي، إما أنها تتاجر بهم أو بأوجاعهم كإعلانات مسيئة جدا لمشاعر الناس أو موظفين غير مؤهلين يسومون اليتامى سوء العذاب وهذه الدار يخصص لها مكان لائق في الظهير الصحراوي مثلا مع وجود إخصائيين اجتماعيين مدربين. كما طالب وزارة التضامن الاجتماعي بالكشف عن أحوال المشرفين في دور اليتامى ومدى صلاحيتهم من النواحي الاجتماعية والتربوية وهناك يتيم خاص يجب أن يكون في أعلى درجات الرعاية وهم يتامى شهداء الجيش والشرطة ينبغى أن يكونوا في أعلى درجات الرعاية من الحضانة إلى الجامعة وفي وظائف لائقة عوضا عن فقدان الأب وهذه ليست مكرومة من الدولة ولكن عهد وفاء برعاية أولاد من جادوا بأنفسهم في سبيل الله عز وجل.