بمقص وشريط قياس ومجموعة من الأقمشة الملونة، يمكنك صناعة ملابس تتفوق بها علي مثيلتها المتواجدة في الأسواق حتي المستوردة منها والتي تباع هذه الأيام بمئات بل آلاف الجنيهات، بعد ان توحشت أسعار الملابس وخرجت عن استطاعة معظم الشرائح الاجتماعية، كما أن اصحاب الدخول المرتفعة لا تلبي احتياجاتهم الأذواق المتواجدة في الأسواق،وعلي اساس تلك المقدمات كانت النتيجة الطبيعية هي عودة ماكينة الخياطة إلي بعض البيوت المصرية، بكل ما تعنيه من استعادة ذكريات الزمن الجميل بكل ما فيه من إبداع وفن وتوفير.مدام ميرفت ام لثلاث فتيات، أحبت الخياطة والتفصيل منذ صغرها فلم تترك نوع قماش واحد لم تقم بتفصيله سواء لها أو لأخواتها، منذ كان عمرها 15 عامًا تعلمت الخياطة من جارتها، وكانت تشتري بعض المجلات التي كانت تضع في نهايتها مجموعة من »باترونات» التفصيل،وتخلت عن هوايتها بعد الزواج ومتطلباته وايضًا اعباء بناتها،وخاصة مع دخولهن المدارس واستسهالهن لشراء الملابس الجاهزة، وظلت موهبتها محبوسة،حتي جاء غلاء الأسعار وترافق معه تدني ذوق ما تعرضه نوافذ المحلات التجارية،وهنا توجهت ميرفت إلي ماكينة الخياطة القديمة ومسحت الأتربة عنها،وبحثت بين اوراقها علي أدواتها التي قد اصاب بعضها الصدأ واحضرت »الباترونات» والخيوط، وتعاود مرة أخري تفصيل الملابس التي تحتاجها بناتها، وحدث وأعجب صنع يديها صديقات البنات بعد أن بهرهن بإبداعها في التفصيل وذوقها الجميل في اختيار الموديلات،بعد أن ابتعدت الملابس الجاهزة عن ذوق وثقافة الشعب المصري والطابع الشرقي الذي يتميز به. لم تكن ميرفت الوحيدة التي أخرجت ماكينة الخياطة والتفصيل في البيت، فمدام حميدة ايضًا تهوي التفصيل وتصميم الأذواق التي تريدها كما تحب دون ان يفرض عليها أحد ذوقه وسعره، فهي تقوم بتفصيل ما يتناسب مع جسدها ويظهره بشكل افضل، فالموضة كما توضح لنا تعطي حاليا مساحة كبري للبنطال الضيق،في حين ان الواسع هو ما يناسبها،وهكذا بدأت في تفصيل ما يليق لها ولأبنائها، واصبحت قريباتها يلجأن لها ايضًا لتفصيل الموديلات المحببة إليهن.ولا يقتصر الأمر علي السيدات،فقد لجأ عم محمد القاضي إلي التفصيل في المنازل،، وهو اب لأربعة كان يهوي التفصيل وتابع والدته وهي تعمل في تفصيل ملابسهم منذ كان في العاشرة من عمره، وتعلم منها الخياطة، واصبح بعدها يشتري المجلات التي تقدم »باترونات» التفصيل كهدية،وينفذ من خلالها تصميمات ملابس فناني السينما المصرية التي تميزت برقيها وبراعتها، ولكنه انشغل عن هوايته بسبب دراسته ثم عمله كموظف بإحدي الهيئات الحكومية، وجاء غلاء الأسعار فقرر شراء ماكينة مستعملة حالتها جيدة، وقام بتنفيذ بعض تصميمات التنورات والفساتين والقمصان لأبنائه الذين ابدوا اعجابهم بها، فهي افضل من التي يتم بيعها »بالشيء الفلاني» في الاسواق بسبب ارتفاع سعر الدولار، وكما يؤكد عم محمد :»والله لو كل حد اشتغل وانتج في بيته.. مش هنحتاج نستورد»،ودعا كل الأسر المصرية إلي السعي من أجل توفير احتياجاتهم ذاتيا بقدر الامكان، ويقول لنا: » لو تعبنا شوية هنقدر». • ياسمين سامي