يستحيل الخروج بالقمة 501 كاملة الأوصاف في ظل هذا الشحن الضخم الذي وقع فيه الجمهور فريسة للإعلام الأحمر والأبيض، والذي وقع فيه اللاعبون فريسة أيضاً من الأجهزة الفنية والمسئولين.. والأجدر أن نطالب بالحد المقبول من الانفعال والتجاوزات بما يضمن خلو المباراة من الانفلات الزائد خاصة أنها في الإطار التنافسي لن تؤثر في الحصاد النهائي للدوري والمتوقع معه أن يفوز الأهلي باللقب وتزداد فرصة الزمالك في الفوز بالمركز الثاني.. وهو حصاد مقبول ومنطقي في ظل ما أحاط الفريقين من ظروف عامة في المسابقة.. بصرف النظر عن الحساسية المفرطة التي تعامل بها »الأهلاوية« مع تولي التوءم حسام وابراهيم حسن قيادة الزمالك.. والأحلام المفرطة للزملكاوية في أن يقفزوا مباشرة من المركز الثالث عشر إلي اللقب.. فهي مبالغات قادها التعساء من المتطرفين في الجانبين لا تتسق مع الواقع ولا تتوخي الموضوعية وتختصر »الدربي« الشهير في تحديات التوءم الذي أصبح هدفاً في حد ذاته يتجاوز دوره كجهاز جديد صنع أجواء مغايرة في طبيعة المنافسة بين القطبين. إذن خلو القمة من الانفلات مطلب رسمي وشعبي يتطلب السيطرة علي المنفلتين وهذا يمكن تحقيقه.. يساويه في القيمة مطلب أخلاقي وهو أن تكون القمة خالية من المنشطات وهو للأسف يستحيل ضمانه ونحن قد تأخرنا كثيراً في الالتفات والاهتمام بظاهرة سرية لا نعرف حدودها وإن كان الجميع علي يقين بأن المنشطات متداولة ويزداد الاحتياج لها في المباريات الكبيرة المهمة. وفنياً.. لعلها المرة الأولي منذ أكثر من خمس سنوات تتوقف الندية الفنية بين الفريقين، وربما كان ذلك واحداً من أسباب إثارتها وسخونتها وأجوائها المشحونة.. وأيضاً من أسباب صعوبة توقع السيناريو الذي تسير عليه بما يزيد بالتأكيد من حالة الترقب والشغف بها وانتظار نتيجتها وردود أفعالها.. واستغراق الكثيرين في الحديث عن ميزان القوي بين الفريقين في الملعب. ومبدئياً يلعب الفريقان بطريقة واحدة 4/4/2.. ولأنهما يفتقران هذا الموسم للمهاجمين البدلاء المقنعين للأجهزة الفنية، فإنهما يعدلان الطريقة إلي 4/2/3/1.. أي أربعة من المدافعين أمامهم اثنان اتكاز في الوسط.. يتقدمهما ثلاثة من أصحاب الميول الهجومية خلف رأس حربة واحد صريح.. وهذه »التوزيعة« واضحة جداً في الزمالك وتكاد تكون ثابتة لأن افتقاره للمهاجمين أكبر بكثير من الأهلي.. ففي معظم المباريات لعب شيكابالا وحسين ياسر المحمدي وحسام عرفات وراء أحمد جعفر.. ويضطر الجهاز الفني إلي التغيير حسب سير المباريات وحسب النتيجة ليدعم أحياناً الهجوم أو يقوي الدفاع أو حتي يغير المهام.. وفي الأهلي يلعب محمد أبو تريكة ومحمد بركات وأحمد حسن »أو أحمد شكري« خلف عماد متعب.. وأيضاً الاضطرار إلي التعديل وارد حسب مجريات الأداء، ويملك حسام البدري مرونة أكبر بما يتوافر له من بدلاء في مركز رأس الحربة إذا أراد أن يدعم الهجوم بمحمد فضل أو أسامة حسني أو فرانسيس. وغالباً كان الأهلي يتفوق أمام الزمالك في السرعة.. ليس السرعة في الجري، بل السرعة في التصرف والتمرير خاصة في عمق الدفاعات عندما ينفذ بعض الجمل السريعة التي يخترق بها من هذه المنطقة الحساسة، وكانت شديدة التأثير في وجود الأنجولي فيلافيو المتميز بسرعة البديهة، وكثيراً ما فاز الأهلي بالكرات المخطوفة في العمق.. وكان يتفوق أيضاً في إغلاق الملعب من دائرة المنتصف فيبطل أي محاولة مرتدة من مهدها ويغلق الأطراف جيداً.. إلا أن ذلك تراجع في آخر سنتين ربما بسبب الإجهاد وتراجع اللياقة أو لفهم الفرق المنافسة لأسلوب الأهلي والسعي للتغلب عليه. وعندما تولي حسام حسن مهمة قيادة فريق الزمالك اهتم بهذه العناصر المهمة في الأداء وزاد من سرعة التمرير والتحرك والمفاجأة في الثلث الأخير ولذلك ظهر للفريق شكل هجومي لم يكن موجوداً من قبل.. ثم حقق لأول مرة تماسكاً دفاعياً رغم ما تحيط طريقة 4/4/2 من مخاطر الافتقاد إلي العمق وتحسن كثيراً دور لاعبي الاتكاز في المساندة الدفاعية. وميزان القوي في هذه القمة يبدو متعادلاً بشكل عام بنسبة كبيرة علي صعيد الخطوط والمراكز.. وبالنسبة للتفاصيل فإن حراسة المرمي لا شك لصالح عبدالواحد السيد الأكثر خبرة من أحمد عادل عبدالمنعم.. وتتعادل موازين القوي في خط الدفاع بين أحمد علي ووائل جمعة وشريف عبدالفضيل »أو أحمد السيد« وسيد معوض في الأهلي وأحمد غانم وعمرو الصفتي وأحمد مجدي ومحمد عبدالشافي وإن كان دفاع الأهلي يضم ثلاثة من الدوليين أصحاب الخبرة. وفي مركزي الارتكاز كان وجود أحمد فتحي إلي جوار حسام عاشور يحقق أفضلية نسبية علي حسن مصطفي وابراهيم صلاح، إلا أن غياب أحمد فتحي يعدل الميزان لأن بديل فتحي ليس محدداً بشكل واضح، وما إذا كان الجهاز الفني سيستعين بأحمد حسن وهو المائل دائماً للهجوم أو سيستعين بناشئ مثل شبيطة. وفي الشق الهجومي.. يقف محمد بركات »إذا شارك« ومحمد أبو تريكة وأحمد حسن علي أرض صلبة من الخبرة والمهارة والكفاءة وهم تقريباً عنصر التفوق الواضح للأهلي ورهانه الأساسي إذا لعبوا معاً، وهم نظرياً يتفوقون علي شيكابالا وحسين ياسر المحمدي وحسام عرفات في الزمالك لكن يتوقف ذلك علي العطاء الذهني والبدني الذي يقدمه الطرفان.. وعما لو كانت التحديات الخاصة لحسين ياسر والمهارات الاستثنائية لشيكابالا ستلعب دوراً في تعديل الميزان أو حتي التفوق.. وكلها أشياء مرتبطة بالأداء العام للفريقين وفاعلية الرقابة من المنافس وإجادة الضغط علي الخصم. وفي مركز رأس الحربة.. لا جدال في أن عماد متعب يتفوق بخبرة عريضة وإجادة كبيرة في التحرك بدون كرة مقرون بالسرعة وهو ما يجعله مفضلاً عند حسن شحاتة المدير الفني للمنتخب.. بينما سيواجه أحمد جعفر رأس حربة الزمالك صعوبة في استخلاص الكرات التي يريدها لأنه يفتقر إلي السرعة.. لكنه إذا استوعب تعليمات حسام حسن واستطاع تنفيذها سوف يشكل خطورة داخل المنطقة بمساعدة من شيكابالا وحسين ياسر.