مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    للحجاج.. تعرف على سعر الريال السعودي أمام الجنيه المصري اليوم    افتتاح المرحلة «ج» من ممشى النيل بمدينة بنها قريبًا    أسعار اللحوم والدواجن والأسماك في الأسواق المحلية اليوم 17 يونيو    البيت الأبيض يفسر سبب «تجمد بايدن» خلال حفل للمانحين في لوس أنجلوس    أربع هزات أرضية في جورجيا في يوم واحد    شهيدان و13 مصابا جراء قصف الاحتلال منزلًا في حي الزرقا شمال مدينة غزة    ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم الإثنين    جوميز يستقر على حارس مرمى الزمالك أمام المصري البورسعيدي    منافسة إنجليزية شرسة لضم مهاجم إفريقي    منتخب بلجيكا يستهل مشواره في يورو 2024 بمواجهة سلوفاكيا الليلة    ما مصير «جمرات» أيام التشريق الثلاثة بعد رميها أثناء تأدية فريضة الحج؟    تحريات لكشف غموض العثور على جثة ملفوفة بسجادة فى البدرشين    مُسن يتهم زوجته وأبناءه بالاعتداء عليه وإشعال النار بشقته فى الوراق    وفاة الحالة السادسة من حجاج الفيوم بالأراضي المقدسة    ببوست هيهز مصر، والد حسام حبيب يثير الجدل عن علاقة شيرين بابنه رغم خطبتها من آخر    بعد إثارته للجدل بسبب مشاركته في مسلسل إسرائيلي.. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يحتفى بذكرى وفاة الشيخ الشعراوى اليوم    رامي صبري: «الناس بتقولي مكانك تكون رقم واحد»    دعاء الضيق والحزن: اللهم فرج كربي وهمي، وأزيل كل ضيق عن روحي وجسدي    دعاء فجر ثاني أيام عيد الأضحى.. صيغ مستحبة رددها في جوف الليل    البيت الأبيض: المبعوث الأمريكي الخاص أموس هوكشتاين يزور إسرائيل اليوم    متى ينتهي وقت ذبح الأضحية.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    مدفعية الجيش الإسرائيلي تستهدف بلدة "عيترون" جنوب لبنان    حلو الكلام.. يقول وداع    تقرير: الدول النووية أبقت على الكثير من الرؤوس الحربية النووية جاهزة للعمل    انخفاض درجات الحرارة.. الأرصاد تكشف حال. الطقس خلال أيام العيد    في أول أيام التشريق، لقطات تهز القلوب لامتلاء صحن المطاف (فيديو)    "تهنئة صلاح وظهور لاعبي بيراميدز".. كيف احتفل نجوم الكرة بعيد الأضحى؟    يورو 2024 - دي بروين: بلجيكا جاهزة لتحقيق شيء جيد.. وهذه حالتي بعد الإصابة    مدرج اليورو.. إطلالة قوية لجماهير الدنمارك.. حضور هولندي كبير.. ومساندة إنجليزية غير مسبوقة    الصحة تُوجه نصائح مهمة للعائدين من الحج.. ماذا قالت؟    الكنيسة الكاثوليكية تختتم اليوم الأول من المؤتمر التكويني الإيبارشي الخامس.. صور    صفارات الإنذار تدوى فى كيبوتس نيريم بغلاف قطاع غزة    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 17-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى ثانى أيام العيد الإثنين 17 يونيو 2024    أسباب رفض «زيلينسكي» مقترح السلام الروسي الأخير    فوائد إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية فوق أسطح المباني.. تقلل انبعاثات الكربون    في ثاني أيام العيد.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الإثنين 17 يونيو 2024    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    القافلة الطبية «راعي مصر» تصل القنطرة شرق بالإسماعيلية    لم يتحمل فراق زوجته.. مدير الأبنية التعليمية بالشيخ زايد ينهي حياته (تفاصيل)    العيد تحول لمأتم، مصرع أب ونجله صعقا بالكهرباء ببنى سويف    إيرادات حديقة الحيوان بالشرقية في أول أيام عيد الأضحى المبارك    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    وفاة خامس حالة من حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    هل يجوز بيع لحوم الأضحية.. الإفتاء توضح    إيلون ماسك يبدي إعجابه بسيارة شرطة دبي الكهربائية الجديدة    خفر السواحل التركي يضبط 139 مهاجرا غير نظامي غربي البلاد    عاجل.. موعد اجتماع لجنة تسعير المواد البترولية لتحديد أسعار البنزين والسولار    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    تعرف على حكام مباراتى الجونة والبنك الأهلى.. والإسماعيلى وإنبى    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    محد لطفي: "ولاد رزق 3" سينما جديدة.. وبتطمئن بالعمل مع طارق العريان| خاص    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات الأخبار
نشر في الأخبار يوم 15 - 03 - 2017

وفجأة يشقّ الصفوف مُحتسبٌ يُوقف الموسيقي ويحطّم الآلات الموسيقية وكأنه يحطم الأصنام، ويمسك الميكرفون ويعلن : لا موسيقي فهي رجس من عمل الشيطان
بدأ الفصل الدراسي الثاني منذ أكثر من شهر، بعض الكتب لمَّا تصل للطلاب بعد، بعض المدرسين في بعض التخصصات غائبون لنقص المعلمين، طلاب الصف الثالث بالثانوية العامة لا يحضرون إلا نادرا، وإذا غابوا لا يُسأل عنهم، هناك ازدواجية بين المدرسة ككيان رسمي، ومدرسة الدروس الخصوصية التي توازي المدرسة، ويقينا تتفوق عليها، هناك ازدواجية في الكتب بين كتب مدرسية مقررة من الوزارة نصرف ملايين علي تأليفها ومراجعتها ونشرها في مقابل كتب خارجية تنشرها دور النشر الخاصة، وتكلف أولياء الأمور مليارات الجنيهات، والغلبة يقينا لها حيث يقف الطلاب طوابير لشرائها واقتنائها، مَن يستطيع حلَّ هذه المعضلة الازدواجية؟ متي نفك هذه الازدواجيات؟ نقرر كتابا واحدا فلا يضطر الطالب لشراء كتاب خارجي، ويذهب إلي مدرسة واحدة دون الذهاب لمدارس الدروس الخصوصية الأخري.
نأتي إلي عجز المدرسين في تخصصات معينة، وهذا حلّه بسيط، فجداول المعلمين في الصف الثالث الثانوي مكتظة، وفي الواقع لا طلاب بهذه الفصول، أي لا تدريس بها، ومن ثم فالجداول صورية، فلماذا لا نحول جداولهم إلي الصفوف الأخري طالما فشلنا في استقدام الطلاب للمدارس؟
أو أننا نستعين بالخريجين والخريجات في سنة الخدمة العامة التي تحولت إلي سنة لا فائدة منها، وكان من الممكن إعطاء هؤلاء الشباب بتخصصاتهم الكثيرة فرصة إثبات أنفسهم لسد العجز في المدارس، ويمكن الاستعانة بطلاب كليات التربية في التربية العملية لسد العجز؟ ولماذا نترك المعلم الكفء يتوقف عن عطائه العلمي في الستين لماذا لا نستعين بخبرته التدريسية حتي الخامسة والستين لسد العجز من ناحية ولأنه بيت خبرة نادر من ناحية أخري؟
نأتي إلي نُكتة الموسم فبعد أن وزّعت الوزارة في العام الماضي »تابلت»‬ Tablet لكل طالب قررت هذا العام جَمْع هذه التابلتات من الطلاب لماذا؟ لا أحد يعرف! هل لفشل تجربة الاستعاضة بالتابلت عن الكتب ولم تستطع الوزارة تحقيق ذلك لأسباب تعرفونها جميعا؟ ربما، وبدلا من أن تقوم الوزارة باستكمال توزيع التابلتات علي بقية الطلاب وتحديث برامج العام الماضي وتعميم المناهج علي التابلتات القديمة وتنشيط العمل بها في الفصول قررت جَمعها، لكن المصيبة أن بعض الطلاب أنفسهم أضاعوا التابلت أو أصاب التلف بعض أجزائه، فكيف يسلّمونه وهو غير موجود أو لا يعمل؟ وماذا ستفعل الوزارة بأهرامات التابلتات بعد جمعها؟ وهل سمعت الوزارة بما يردّده الطلبة: »‬خُدِ التابْلتْ/هات التابْلتْ/ ليه ياوزارة/فرحة ما تمّتْ»ّ...
هنالك شيء آخر : إن بعض المدارس الخاصة جمعَت رسوم الكتب من الطلاب، ولكن لم توزع كتبا بل يُرسلون للطلاب أوراقا كل يوم عبر النت، ويقوم الطلاب بطبعها في المنازل، ويأخذها الطلاب للمدرسة أي أنه لا كتب، وهذا نَصْبٌ علنيٌّ، فهل يسطون علي هذه الكتب دون احترام للملكية الفكرية ويخافون من مغبة تصويرها فيعهدون لأولياء الأمور والطلاب بالقيام بالسطو نيابة عنهم؟ أو أنهم يوفرون تكاليف الطباعة فيدفعها ولي الأمر مرتين!
أخيرا متي ننظر للمدرس نظرة إحقاق وتقدير لدوره؟ ولننظر إلي تجربة فنلندا التي جعلت راتب المدرس أعلي الرواتب فنالت تعليما يعدّ في مستواه الأعلي عالميا، إن ملكة بريطانيا في عيد الجلوس تجلس بروتوكوليا ويسلم عليها الجميع وقوفا، لكنها وقفت لرجل واحد لأنه كان أستاذا لها ذات يوم!
الموسيقي والمُحْتسِب
كان الحفل جميلا بالرياض، والموسيقي هادئة والحضور في حالة سعادة في افتتاح معرض الرياض الدولي للكتاب الذي افتتح الأسبوع الماضي ويستمر حتي الجمعة، فضيفُ المعرض دولة ماليزيا المسلمة وتقدم موسيقي لا تتعارض مع الأديان، وفجأة يشقّ الصفوف مُحتسبٌ يُوقف الموسيقي ويحطّم الآلات الموسيقية وكأنه يحطم الأصنام، ويمسك الميكرفون ويعلن : لا موسيقي فهي رجس من عمل الشيطان، ويسوق الكلمات المحفوظة، يرددها كالببغاء دون أن يعرف أنه جاهل بجمال الإسلام، إنه يظن أنه يتكلم باسم الإسلام وأنه مُفوّضٌ من الله تعالي ، لذا فهو يمتلك الحقيقة المطلقة وما عداه فهو قبض ريح، وآراء مخطئة ومعتنقوها سيُدخلهم النار بزعيقه وصوته المنفر، لم يقرأ ما كتبه الأوائل، ولم يتوقف عند »‬دَعْهُما، فإن اليوم عيد» عن جاريتين تغنيان في بيت النبوة، ولا عن بنات النجار وهن يتمايلن »‬طلع البدر علينا».. كل هذه أحاديث وسنن لا يعرفها، فإن سمع بها فهي في عقله من باب الموضوع والضعيف الذي لا يقاس عليه، ألم يعلم أن الأصل في الأشياء الإباحة، وهلّا قرأ ما قاله أبو حامد الغزالي وابن حزم والعز بن عبد السلام وابن دقيق العيد ومحمد الغزالي وغيرهم الذين رأوا الإباحة حيث لم يرد أي حديث صحيح في تحريم الغناء علي الإطلاق، فالفطرة تحب السماع، ولو قرأ هذا المُسْتَدْيِن ما رُوي عن إباحة الغناء بحديث رواه البخاريُّ ومسلِم عن عائشة: »‬دخلَ عليَّ أبو بكر، وعندي جاريتان من جواري الأنصار تُغنِّيان بِما تقاوَلَتْ به الأنصار يوم بُعاث، قالت: وليست بِمُغنيتَيْن، فقال أبو بكر: أَبِمَزمور الشَّيطان في بيت رسول الله - صلَّي الله عليه وسلَّم -؟! وذلك في يوم عيد، فقال رسولُ الله - صلَّي الله عليه وسلَّم -: »‬يا أبا بَكْر، إنَّ لكلِّ قومٍ عيدًا، وهذا عيدنا».
وروي البخاريُّ ومسلمٌ وأحمد عن عائشة أنَّها زفَّت امرأة من الأنصار، فقال النبِيُّ يا عائشة، ما كان معكم من لَهْو؟ فإنَّ الأنصار يعجبهم اللهو»؛ وليته علم هذه الرواية فقد أثني النبي - صلي الله عليه وسلم - علي مزامير داود، عندما أُعجب بقراءة أبي موسي الأشعري للقرآن الكريم فقال له: »‬ لقد أعطيت مزماراً من مزامير آل داود» وليته استمع لابن حزم يقول: »‬إنَّ الغناء مُباح» و»استماع الموسيقي مباح مثل التَّنَزُّه في البساتين ولبس الثياب الملونة» وليس ذلك المحتسب المستدين بأكثر علما من الإمام ابن حزم، وقد روي أن ذا النون المصري لما دخل بغداد سمع منشدا يغني:
صغيرُ هواك عذبني
فكيف به إذا احتبكا؟
وأنت جمعت من قلبي
هوي قد كان مشتركا
أما ترثي لمكتئبٍ
إذا ضحك الخليُّ بكي
فطاب قلبه، ونام وقام وتواجدَ علي جبهته...؛ وإذا ما واجهتَ المُستدينين بكتبٍ تراثية تخالف آراءهم سيرفضونها لأنها لا توافق أمزجتهم الغليظة، هل سنحذف تراثنا الذي يروي عن شقيقة السيدة مارية القبطية، إحدي أمهات المؤمنين وتدعي سيرين جارية حسان بن ثابت التي علّمت عزة الميلاء الغناء في المدينة المنورة حيت ازدهر فن الموسيقي والغناء واشتهرت عزة الميلاء وجميلة وابن سريج وسائب خاثر ومعبد وابن محرز والغريض وسواهم في عصر كان يعج بالتابعين وتابعيهم. وهل سمع هذا المستدين عن »‬دار المدنيات» التي أسسها زرياب أشهر المغنين والملحّنين في عصره في قرطبة لتدريس الموسيقي؟!
فإن قلتَ له إن مجلس السيدة سكينة بنت الحسين كان به عدد من الشعراء والمغنين قال لك هذا من تأليف أبي الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني، وجميلٌ أنهم أسكتوه في الحفل، وأخرجوه من القاعة وتواصل الحفل، لقد فعلها أحدهم من قبل مع فرقة إماراتية تقدم أجمل الأصوات، وفعلها آخر مع عرض مسرحي، وكأنهم بفعلتهم هذه يشتهرون ويتحولون إلي مجاهدين! ربما يبدو هذا التصرف فرديا لكنه بكل أسف يعبر عن فكر جمعي يؤمن به عدد ليس قليلا من الناس، وهم أحرار فيما يعتقدون لكن ليس من العلم ولا من العدل والمنطق فرض غبار عقولهم علي غيرهم، وهم أدري الناس بموقف الناس منهم. هل علم أن أم كلثوم أسهمت في نشر اللغة العربية بين أوساط الناس، ونقلت قصائد فصيحة عالية المستوي للجمهور؟ لقد عبر عز الدين المقدسي عن الحب والسماع في قوله:
فإنْ كنتُ في سُكري شطحتُ فإنني
حكمتُ بتمزيقِ الفؤادِ المُفَتّتِ
ومِن عجبٍ أنّ الذين أُحبُّهم
وقد أَعْلَقُوا أيدي الهوي بأَعِنّةِ
سَقَوْني وقالوا :لاتُغَنّ ! ولو سَقَوا
جبالَ حُنَيْنٍ ما سَقَوْني لغَنّتِ
هذا المُستدين يعبر عن إفلاس فكري، لن يقضي عليه سوي التنوير ونشر الثقافة والفنون، فمتي نري كُليات للفنون في الشقيقة السعودية ومتي نري أوبرا الرياض وأوبرا جدة؟ ومسارح المملكة؟ ومتي نري الفنون الجادة التي تهزّ الوجدان وتهذّب القلب، وتنمي الروح، فقد قال الحارث المحاسبي: »‬مما يتمتع به الفقراء سماع الصوت الحسن» وربما سمع ما قاله الإمام أحمد بن حنبل عندما سُئل عن الصوفية، فقال: لا أعلم أقواماً أفضل منهم. قيل له: إنهم يستمعون ويتواجدون؟ قال: دعوهم يفرحوا مع الله ساعة» ولو نقلتَ للمستدين هذا لصمَّ أذنيه، لأنه لا يود أن يسمع سوي نفسه، وما قيل له من المتشددين الذين جعلوا الشباب يميل للتشدد والتعصب، ادرسوا جميع المذاهب وناقشوا جميع المجتهدين ولا تنغلقوا علي الأفكار الشاذة المتشددة، »‬فإن الله جميل يحب الجمال»، و»رَوِّحوا القلوبَ ساعةً، فإنَّ القلوب إذا كَلَّت عَمِيَت» ؛ ولو أصرَّ هذا المحتسب علي موقفه المتشدد فإن الإمام »‬أبوحامد الغزالي» قد شخّصّ حالته من قبل في كتابه إحياء علوم الدين قائلا:» من لم يحرّكه الربيعُ وأزهاره، والعودُ وأوتاره، فهو فاسدُ المزاج، ليس له علاج».
حدث في جامعة القاهرة
كتب الصديق الدكتور محمد عليوة الأستاذ بجامعة القاهرة علي صفحته في التواصل الاجتماعي: »‬في محاضرات الأسبوع الماضي، في مادة النقد الحديث، كنتُ أحلل قصيدة »‬العودة إلي الله »‬ من ديوان »‬قاب قوسين» للشاعر محمود حسن إسماعيل. دار حديثي حول البنية الإيقاعية للقصيدة وتراكم الصور الموسيقية فيها، ورحت أربط بين الشعر والموسيقي، وأورد مشاهد من قصيدة الأطلال لإبراهيم ناجي علي متن صوت سيدة الغناء العربي وبمصاحبة ألحان السنباطي. وقد كانت الغالبية العظمي من الطالبات والطلاب في حالة وجد وانتشاء فني عنيفين، حتي إن عددا غير قليل منهم قابلوني بعد المحاضرة وأقروا أمامي أنهم لأول مرة يشعرون بعظمة الفن الشعري بموسيقاه المجلجلة، وطلبوا مني أن أسجل لهم عددا من القصائد بصوتي. لكن الشيء الذي لم أكن أتوقعه أنني، عند تشغيل مقاطع من الأطلال، وجدت عددا من الطلاب يضعون أناملهم في آذانهم، قناعة منهم بأن الموسيقي والغناء حرام. وأنا لا أجادلهم في اعتقادهم ولا أحجر عليهم. لكنني أقسمت لهم أن ما أقدمه ليس كفرا، وأن إبراهيم ناجي وأم كلثوم ورياض السنباطي لم يكونوا يستهدفون إضلال الناس عن سبيل الله وإلهاءهم عن الصلاة. فضجت القاعة بالتصفيق الحاد ممتزجا بالضحك المجلجل. وقلت في نفسي : لله في خلقه شئون».
إنه يُدرّس بعض القصائد الشعرية لطلابه بالجامعة ويحللها لهم تحليلا نقديا، وأن بعض هذه القصائد غُنّيَت فأحضر معه بعض الأغنيات لقصائد مقرّرة ترغيبا للطلاب ووسيلة تعليمية، فلحظ أنه عندما بدأت الأغنية وضعَ بعض الطلاب أصابعهم في آذانهم حتي لا يسمعوا الموسيقي والغناء لحرمة هذا وذاك في اعتقادهم! لكنه أكمل المحاضرة كما يبتغي، وهذا هو دورنا التنويري، مع مناقشة هؤلاء مناقشة علمية حتي لا يتبعهم الآخرون من باب الاتباع، ولذا فقد أُعجبت بموقف الدكتور محمد عليوة الرائد، وهذا تدعيم لمواقف الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة الذي يستقدم هذه الأنشطة الثقافية والفنية التي تملأ الجامعة بل قام بتوزيع تذاكر مجانية للطلاب ليرتادوا بها المسارح والحفلات الثقافية والفنية خارج الجامعة، ولعل حفل الفنان عمر خيرت بجامعة القاهرة خير دليل علي حب الطلاب للفنون الراقية وتذوقها، وحبذا لو طاف عمر خيرت وأمثاله في الجامعات المصرية خارج القاهرة لأنهم محرومون من هذه الفنون، فبالثقافة والفن تسمو الروح ويندحر الإرهاب.
أمير الصراف والنجعاوية:
منذ فترة طويلة أتابع كتابات الصحفي أمير الصراف الذي يقتحم الجبل والثأر في تحقيقات عالمية، لا أدري كيف يصل إلي مخابئ الآثار المنهوبة وإلي شحنات الأسلحة المهربة، ولا إلي زراعات البانجو في حقولها، إنه المثقف الذي يمتلك أدواته ويكتب في تمكن العارف الواثق، ومن آخر ما نشره عن اكتشافات التماسيح الفرعونية في معلومات مهمة وتاريخ مشرق، لكنه لا ينسي الأرض والعيال والمرأة في الحقول والهموم.
السماع في التراث
ورد في كتاب أدب الملوك »‬ وأما وقوع السماع فثلاث.. سماعٌ قلبي وسماع روحي وسماع نفسي، فأما السماع القلبي فيدعو إلي التلَف بصفاء الوجد، وأما السماع الروحي فيدعو إلي الجهد بصفاء العلم، وأما السماع النفسي فيدعو إلي الهوي بمراد النفس».
مختتم
قال المكزون السنجاري:
صَفا جَسَدي حَتّي بَدا مِنهُ قَلبُهُ
وَشَفَّ إِلي أَن بانَ ما فيهِ مِن سِرِّ
فَغَيِّبَ سِرُّ القَلبِ في سرّ قالِبي
كَما غابَ لَون الماءِ وَالكَأسِ في الخَمرِ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.