مسلمو الروهينجا في ميانمار (بورما سابقا) أكثر الأقليات اضطهادا وشقاء في العالم كما وصفتهم الأممالمتحدة، إذ إنهم يعانون من اضطهاد ديني وعرقي في دولة لا تعترف بهم كمواطنين ويواجهون الموت في عرض البحر إذا حاولوا أن يلوذا بالفرار، فيما تتقاذفهم دول الجوار دون رحمة أو شفقة. تبدأ قصة عذاب أقلية الروهينجا المسلمة البالغ عددها أكثر من مليون شخص في ولاية راخين (آراكان) بميانمار منذ الاستعمار البريطاني الذي احتل البلاد من 1886 إلي 1948، إذ واجه المسلمون وقتها الاحتلال بعنف، مما جعل المملكة تبدأ حملة للتخلص من نفوذ المسلمين بإدخال الفتنة والفرقة بين الديانات المختلفة هناك فأشعلت الحروب بين المسلمين والبوذيين، حتي وقعت مذبحة ضد المسلمين عام 1942 قتل فيها أكثر من 100 ألف مسلم في راخين. ومنذ ذلك الوقت وبعد الانسحاب البريطاني من ميانمار واصل البوذيون سياسة الكراهية للمسلمين، ورفضت حكومة ميانمار الاعتراف بالروهينجا كمواطنين منذ 1982 بل اعتبرتهم مهاجرين غير شرعيين ينحدرون من أصل بنغالي، الأمر الذي سلبهم كافة حقوقهم، ولم يتغير شيء بالنسبة لأوضاع الروهينجا بعد تولي حزب »أون سان سوكي» الحائزة علي جائزة نوبل للسلام السلطة في انتخابات تاريخية عام 2010 فُتح فيها المجال لأول مرة للتنافس منذ 25 عاما. وبالرغم من كون سوكي من ضحايا النظام العسكري ورمزًا للمعارضة الميانمارية، إلا أنها لم تحرك ساكنًا في اتجاه المصالحة بين السلطة ومسلمي الروهينجا، بل أصبحت غطاء سياسيًا للأعمال الوحشية التي ترتكبها السلطة في حق الأقلية المسلمة. وفي يونيو 2012 تصاعد العنف الطائفي في راخين، مما أدي إلي تشريد حوالي 90 ألف شخص من الروهينجا، ولقي العشرات من المسلمين حتفهم حرقا، كما تم إحراق آلاف المنازل وشن البوذيون حملات اعتقال جماعي ضدهم.وبما أن المشكلة ذات جذور قديمة فقد ازدادت سوءا العام الماضي إثر تعرضهم لحملة ممنهجة للتطهير العرقي من قبل قوات جيش ميانمار بعد ما هجمت حركة »يقين» المسلحة علي 3 مراكز حدودية تابعة لشرطة ميانمار، ردًا علي سياساتها التمييزية ضد الروهينجا. هذا إلي جانب ما يتعرض له الروهينجا من ظروف صعبة أثناء هجرتهم غير الشرعية بحثًا عن سبيل للحياة، والتعامل معهم كعبيد من قبل تجار البشر حيث يتم شراؤهم وبيعهم في عرض البحر. أما دول الجوار فقد بدت غير راغبة ولا مرحبة بتوفير إقامة لهم، وحتي بنجلاديش وهي دولة ذات أغلبية مسلمة استقبلت عشرات الآلاف من الروهينجا لسنوات بشكل غير رسمي، طالبت ميانمار باستعادة الروهينجا من أراضيها. وتقول منظمة العفو الدولية إن مئات الفارين من أبناء الروهينجا اعتقلوا في بنجلاديش، وأجبروا علي العودة إلي مصير مجهول خلال الأسابيع الأخيرة حتي أصبحوا أقلية مشردة لا تستوعبها أرض. • إيمان مصيلحي