»مولانا« الشيخ ليس هو الرجل فقط صاحب «العمة والكاكولا»، الزي الرسمي لرجال الأزهر وأئمة الأوقاف، كما يظهرون لنا في المشهد المعتاد للوعاظ والدعاة والصورة الذهنية التي ترسخت عندنا عبر القرون، فقد دخلت المرأة بقوة ذلك المجال، وأصبحنا نسمع عن الواعظة والداعية، وكانت ضمن أولويات وزارة الأوقاف تعمل حاليا من أجل تقنين وتعظيم دور المرأة في تلك المهمة، باعتبار أن المرأة لا تقل عن الرجل ويجب إعطاؤها نصيبها من العمل الدعوي، فهي كامرأة الأقرب إلي مشاكل السيدات، والأم التي تربي الطفل، والمصنع الذي يشكل عقل ووجدان الأطفال، فإما أن يكون إنتاجها ابنا متطرفا أو وسطيا ومعتدلا، كما أنها ستكون حائط الصد الأول في مواجهة أفكار داعش والجماعات المتطرفة، أو لمحاولات نشر السموم عبر مصليات النساء في المساجد والزوايا، وكل الواعظات الجدد «متطوعات « لوجه الله، لا يردن سوي «كارنيه» وتنظيم العمل وزيادة عددهن ليستطعن الوصول إلي أكبر عدد من المساجد التي قد تسيطر عليها داعيات من «الفكر الردئ»! الدكتورة يمني أبو النصر وظيفتها الأساسية معالج نفسي وسلوك أسري وتخرجت من معهد الدعاة بمسجد النور ومعهد القراءات بشبرا الخيمة التابع للأزهر الشريف، وتجمع ما بين العلوم الشرعية والصحه النفسية، ودخلت مجال الوعظ منذ 31 عاما وحاليا تعمل واعظة بمسجد أحمد عفيفي بالرحاب وحسن الشربتلي بالتجمع الخامس، وتدرس مادة تفسير القرآن لجميع رواد المسجدين يوم الأحد من كل أسبوع وتدعو « يمني» وزير الأوقاف إلي تنظيم العمل الدعوي للنساء وإحكام قبضة الوزارة علي مصلياتهن حتي لا تكون مكانا مباحا للمتشددات والمنتميات للجماعات المتطرفة، وتقول: « القاهرة فقط بها 124 ألف مسجد وزاوية جميعها بها دروس دينيه فكيف تقصر الدعوة علي 9 داعيات فقط ؟، وتؤكد ضرورة قيام الوزارة بتقنين أوضاعهن وزيادة عددهن بشكل يتلاءم مع هذا العدد الضخم، كما تطالب الوزارة بالمتابعة والإشراف الدوري المستمر عليهن، والتعامل معهن باعتبارهن صاحبات رسالة، وتشير إلي أن غالبية الداعيات يعملن بدون أجر، وحتي تستمر الواعظة في الدعوة، فيجب تأهيلها بشكل جيد وتدريبها علي العمل الدعوي وصقلها بحيث تكتسب الخبرات من وقت لآخر وتجدد معلوماتها الدينية. وتعشق د. جوهرة محمد فرحات مديرة مستشفي دسوق العام بكفر الشيخ العمل الدعوي الذي توارثته أبا عن جد، فجميع أفراد العائلة كانوا علماء بالأزهر الشريف وعملوا في الدعوة، حصلت علي بكالوريوس الطب من جامعة الإسكندرية وزاولت مهنتها بالتوازي مع دورها كداعية منذ عام 2002، ودرست التجويد وتفسير القرآن الكريم والسيرة النبوية والعبادات وكل أساسيات الدين الإسلامي التي يجهلها الكثير، وتؤكد لنا أن هدفها هو إرساء الأخلاق والمبادئ الدينية في المجتمع وتشير إلي أن عدد الواعظات في محافظة البحيرة 12 واعظة، ويوجد إقبال شديد من السيدات علي المساجد، ولا يتم الحديث في الأمور السياسية داخل دروس العلم، وتقول :» هدفنا تكوين امرأة لها قيم ومبادئ وأخلاق تنفع مجتمعها وتربي أطفالها علي ذلك لأنهم نواة أي مجتمع»، مشيرة إلي أن أي محاضرة يحضرها عدد لا يقل عن 60 سيدة، لافتة إلي ضرورة الاهتمام بالطفل حتي يكون ناشئا علي تعاليم الدين الحنيف ويكون فيما بعد نافعا للمجتمع، ودعت الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف إلي زيادة المكافأة الشهرية التي تبلغ 60 جنيها شهريا، وتوقفت منذ عام 2014 وتقول إن ذلك المبلغ بسيط ولكنه يساهم في تكاليف التنقلات بين المساجد لأن العمل كله لوجه الله تعالي. الداعية تيسير محمد محيسن وهي مدرسة رياضيات بالمرحلة الابتدائية بالمنوفية، تؤكد لنا أن جميع الداعيات بدون استثناء يطالبن وزير الأوقاف بالرعاية والاهتمام الشامل، بحيث إذا واجهت أي داعية مشكلة، تجد المسئولين بجوارهن وتقول: «العجيب أن الوزارة وزعت منشورا ممهورا بإمضاء الوزير يقول إن عمل الواعظات تطوعي وتحت إشراف المديرية التابعات لها ولا يصرف لهن أي بدلات ودون كارنيه ولا يتم التعامل معهن إلا شفاهة حسبة لله تعالي»، وتري أن ذلك القرار يعرض الداعيات لكثير من المشكلات، فكل واحدة منهن تحتاج إلي استخراج كارنيهات رسمية من الوزارة تثبت عملهن تحت مظلة الأوقاف، كما يتطلب الأمر إعادة النظر في إعادة المكافأة التي توقفت بدون أسباب، وإعادة النظر في قيمتها. أما وفاء عبد السلام فهي واعظة بمسجد الرحمن الرحيم بصلاح سالم وعدد من مسجد القاهرة، كما أن لديها برنامجا إذاعيا بمحطة القرآن الكريم إذاعة الشباب والرياضة وبعض القنوات الفضائية، وتؤكد لنا أن كل هذه الأنشطة لله وبدون الحصول علي جنيه واحد من أي جهة، تلقت العلوم الدينية علي يد د.أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء وتدرس السيرة النبوية للسيدات ليس كقصص وإنما كمنهج إصلاحي للقيم وأخلاق المجتمع، وتؤكد أنه بدون إعداد الأم لن ينصلح حال المجتمع، فهي المربية وهي عمود البيت التي تربي الأطفال، فإذا كانت تربيتها قويمة، سيكون الطفل كذلك، ولكن إذا أهمل الطفل فسيكون قنبلة موقوتة يمثل خطرا علي المجتمع وينضم فيما بعد للجماعات المتطرفة، وفيما يخص الفتاوي تقول: نحيلها إلي دار الإفتاء ولا يحق لنا الفتوي إلا في بعض الأسئلة السهلة البسيطة التي قد تجهلها بعض السيدات.