في مرحلة ما قبل الانفتاح السداح مداح في السبعينات التي مازالت مصر تعاني من تبعاتها ، كان لكل موظف في الدولة أجر محدد يتناسب مع ما يقدمه من جهد ومع مستوي المعيشة الذي يجب أن يعيشه وكان أعلي مرتب في الدولة 5 آلاف جنيه سنويا أي حوالي 416 جنيها شهريا كان يحصل عليها أعلي مستوي وظيفي في الدولة ومنهم رؤساء مجالس إدارات الصحف القومية. كان الوضع الاجتماعي والاقتصادي مناسبا لما يتقاضاه الصحفيون وكانوا يصنفون من الفئات عالية الرواتب وهذا ما جعلهم يقيمون في أماكن مناسبة ، ليست مناطق الأثرياء ولكن مناطق مناسبة لمستواهم الاجتماعي في البلد. انقلبت الأوضاع بسبب السداح مداح ولم يعد أي أجر ثابت يحقق للصحفي حدا أدني من المعيشة الكريمة ولم يعد هناك صحفي واحد يمكنه أن يعيش بمرتبه عيشة مستورة خاصة بعد شقلبة الأحوال وصار الأولاد يذهبون إلي المدارس الخاصة ، ليس ترفا ولكن لأنه لا توجد مدارس عامة مناسبة وتدهورت أحوال الصحفيين يوما بعد يوم وكان منهم من يمارس ألعاب الأكروبات في مكاتب الصحف العربية لكي يزيد من دخله ولكن لم يعد موجودا هذا البديل وصارت الفضائيات البديل الأفضل للبعض ولكن الفضائيات صارت مثل » الجيتو » اليهودي محظور علي غير المنتمين لهذا الجيتو أن يقتربوا وسيطرت مجموعة بعينها علي » كل » القنوات لا تسمح لغيرها بالاقتراب وإلا... !. أناقش الأمر الآن بمناسبة اقتراب موعد إجراء انتخابات نقابة الصحفيين والتي صار البند الأول في كل برامج المرشحين في الانتخابات هو بند الأجور والبند الثاني بند البدل المالي.. وبالطبع هناك الحريات وعدم الحبس في قضايا النشر وغير ذلك من القضايا أو البنود الجوهرية في مهام النقابة. أري أن اهتمام غالبية الصحفيين علي حق في مطالبهم الخاصة بالرواتب والدخل فهم صاروا من الفئات المهمشة في المجتمع ، اهتمت الحكومة بفئات معينة وزادت من رواتب أعضائها حتي صار بعض شباب مهن سيادية تزيد مرتباتهم عدة أمثال عن آبائهم أو من هم أقدم منهم من الصحفيين بل إن الحكومة تبتكر مسميات غريبة كل فترة لكي تصرف لهؤلاء فوق رواتبهم »لوكشة أموال» ترضية لهم. أما الصحفيون فهم كالأيتام في موائد اللئام ، لا تعطيهم الحكومة إلا الفتات متعللة بأن الصحف.. »قومية» وليست حكومية ، أي أن الصحافة ليست ابنة الحكومة وبالتالي فهي لا تعنيها إلا عندما تحتاجها وهي لم تعط الصحف القومية مؤخرا ما يزيد علي مليار جنيه إلا لأنها لا تريد لهذه الصحف أن تغرق. إن زيادة مرتبات الصحفيين بالصحف القومية ستؤدي إلي زيادة مرتبات الصحفيين بالصحف الخاصة وهو ما يعيد للصحفيين بعض الأمان في حياتهم. مسألة زيادة أجور الصحفيين صارت قضية جوهرية فالصحفي ليس مدرسا يعطي دروسا خصوصية فيزيد من دخله وليس طبيبا يفتح عيادة مساء وليس محاميا يمكنه أن يفوز في قضية ما بمبلغ كبير وليس له دخل آخر إلا مهنته التي لا مواعيد محددة لها ولا جهدا محددا لها وهو يفني عمره في انتظار تحسين الأحوال. كما أن الفروق كبيرة في المرتبات وفي الدخل بين الصحفيين ورؤساء التحرير ورؤساء المؤسسات . المرشحون أيضا يشعرون بما يعاني منه الزملاء فهم يعانون مثلهم ، لكن المسألة لا تتعلق بنوايا المرشحين وإنما ترتبط بنية الحكومة لتعديل دخل الصحفيين وما البدل الذي يحصل عليه الصحفيون إلا فتات لا تغني ولا تسمن من جوع ورغم ذلك ينتظرها الجميع. وفي جانب آخر حصل زميل من المرشحين علي حكم بحد أدني للأجور ولكن مجلس النقابة لم يستطع تنفيذه أو إلزام الحكومة بزيادة الأجور وبالتالي فالقضية مستمرة سواء خلال انتخابات النقابة أو بعد انتهائها حتي يتمكن الصحفيون من أن يعيشوا عيشة كريمة. وعلي الحكومة أن تدرك أن الصحفيين لهم من الأهمية والمكانة والإمكانيات ما لا يقل عن أصحاب المناصب السيادية المفضلة لدي الحكومة وما يجب أن يجعلها تضعهم في مكانتهم التي يستحقونها ، فالصحفيون لن يسكتوا علي حقوقهم للأبد.