تحف متعددة أبدعتها الأنامل المصرية لا يمكن وصف جمالها.. أباريق المياه.. نجف.. أواني مطبخ.. قدرة الفول.. صواني الطعام.. قطع للديكور.. تحف فنية تلفت انتباهك بمجرد دخولك إلي حارة الخرنفش بمنطقة خان الخليلي، وعلي منضدة صغيرة عليها مجموعة من هذه الإبداعات، جلس الحاج محمد شوشة أمام ورشته التي تعد الأقدم في الحارة، وهو يقبض بيد علي ماكينة اللحام بلهبها الحارق، وفي يده الأخري مطرقته يصنع بها براد الشاي الأنيق علي الطراز الإسلامي القديم، وينقش عليها بأنامله السحرية ما تعلمه عبر السنين من نقوش جميلة تراثية. ويعمل الحاج شوشة 56 سنة، في هذه المهنة منذ أكثر من أربعين عاما بعد أن تعلمها عن والده وأجداده في خان الخليلي والحسين وكما يقول فمهنة صناعة المشغولات النحاسية، تتميز بأنها مهنة راقية تعتمد علي المهارة والذوق الرفيع في اختيار التصاميم وتنفيذها بدقة عالية، ويشير إلي أن هذه المنطقة كانت تعرف قديما باسم »حي النحاسين»، حيث كانت حارة الخرنفش أكبر تجمع لأصحاب ورش النحاس منذ العصر الفاطمي وحتي وقت قريب. ولا يخفي »شوشة» غضبه من إغلاق مصنع العامرية بالأسكندرية وهو الوحيد الذي يقوم بجمع الأدوات النحاسية القديمة وإعادة تصنيعها مرة أخري كسبائك نحاس، تقوم الورش بصهرها وإعادة تشكيلها ونقشها، ولجأ الصناع منذ عامين إلي استيراد السبائك النحاس التي لا تعطي نفس جودة المشغولات المنقوشة المنتجة من سبائك مصنع الأسكندرية، وجاء ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه ليرفع من التكلفة بشكل كبير ليرتفع سعر الكيلو من 50 جنيها إلي 175 جنيها، وهو ما يضطرهم إلي بيع بعض المشغولات بنصف الثمن لمواكبة الحياة المعيشية. ويشير شوشة إلي أن المصريين خرجوا من قائمة الزبائن، وأصبح معظمهم من دول الخليج وخاصة الكويت والسعودية، حيث تعتبر المنتجات النحاسية من أساسيات الأفراح السعودية، مثل علب المجوهرات المهمة للعروس في زفافها، بخلاف التحف الفنية والانتيكات في منزل الزوجية، ويوضح أن ثمن صندوق المجوهرات يصل إلي حوالي 2500 جنيه.