كنا من أولي الشركات التي دخلت العراق بعد الغزو ورغم أن الوضع كان مضطربا وقتها إلا أن الصورة لم تكن بالسوء الذي بلغته بعد فترة.. وقد نجحنا في إقامة أول شبكة محمول هناك بسواعد مصرية قبل ان تتدهور الحالة الأمنية ونتعرض لحوادث الخطف والابتزاز وتكرار حوادث اختطاف العاملين المصريين وبالتالي بيع الشركة وخروجنا من العراق.. وبمناسبة تقرير اللورد جون تشيلكوت.. رئيس لجنة التحقيق في الحرب علي العراق سنة 2003 الذي خلص إلي ان توني بلير رئيس الوزراء البريطاني آنذاك قد تصرف بحسن نية رغم أنه أقر بضعف المعلومات الاستخباراتية التي اعتمد عليها بلير كمسوغات للتدخل العسكري ضد الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين وبالتالي أخطأ في تقييم الأوضاع في العراق.. ويجب ان اعترف اني قد فرحت لسقوط صدام حسين.. ليس من أجل اسلحة الدمار الشامل التي ثبت ان صدام لم يملكها ولكن لأني أكره الديكتاتورية والاستبداد.. فأيامها كانت تتداول قصص قصور صدام وتجاوزات أولاده.. بما في ذلك قتل ابنه الأكبر لحارسه الخاص بمضرب كرة وقصص أخري عن اجباره لزوج ان يطلق زوجته لكي يتزوجها هو.. ومجازر حرق الأكراد بالكيماوي وغيرها من قصص الظلم والاستبداد التي يندي لها الجبين. لقد كان صدام يحكم بالحديد والنار.. وكان متهورا قاسي القلب ولم يكن غزو الكويت إلا مثالا علي هذا التهور والجنون وبالتالي كنت مع التخلص من هذا الديكتاتور الموتور ولكن الآن.. بعد ما شهده العراق من تفكك وتمزق ومآسٍ إنسانية..بالتأكيد لا يمكنني ان افرح !! في اعتقادي ان الخطأ الأكبر من قرار الغزو كان القرار الغبي لرامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وبول بريمر الحاكم المدني للعراق بعد احتلاله سنة 2003 اللذين قاما بتسريح افراد قوات الجيش والشرطة العراقية بدعوي انهم أعضاء في حزب البعث العراقي وفاتهما ان الكل كان مجبرا علي الانضمام لحزب البعث وإلا فلا وظيفة ولا ترقية ولا معيشة!.. وأمامنا المثال في روسيا فقد سقطت الشيوعية لكن لم تسقط الدولة لأنه لم يتم تسريح الجيش أو الشرطة! أن ما حدث في العراق من تسريح للجيش والشرطة هو الخطأ الأكبر أو الطامة الكبري وهو كما ذكرت خطأ أعظم وأفدح من قرار الغزو! فمن المعروف أن صدام عندما أحس بقرب سقوطه فتح السجون وأفرج عن كل المساجين والمجرمين للترويع والتهديد! ووقع الأمريكان الذين يفتقدون خبرة البريطانيين في الاستعمار والاحتلال في هذا الخطأ التاريخي في تفكيك الجيش والشرطة متناسين النسيج الطائفي للشعب العراقي من شيعة وسنة وأكراد يتطلعون إلي دولتهم المنفصلة.. وأتساءل يا تري.. هل كان هذا الخطأ عن عمد بهدف تدمير الجيش العراقي لصالح إيران وإسرائيل؟ ان مسلكهم بعد ذلك بتسليم الحكم في العراق إلي ممثلي إيران كان أيضا مسلكا غريبا ومريبا؟؟!! لقد أدي تفكيك الجيش والشرطة إلي تكوين مليشيات طائفية والي ازدهار الإرهاب من تنظيم القاعدة وغيره كما ازدهرت تجارة الخطف والسرقة والفساد خاصة في غياب الشرطة والقانون. ان رامسفيلد وبريمر في رأيي مسئولان عن الخطأ الفادح الذي أدي إلي تشريد الشعب العراقي ومقتل المئات يوميا في تفجيرات طائفية إرهابية وتهجير المسيحيين العراقيين إلي خارج البلاد بالإضافة إلي مأساة الطائفة اليزيدية التي تم قتل رجالها واغتصاب نسائها علي يد جنود الشيطان من تنظيم داعش الإرهابي. ويأتي بعدهما أوباما الذي تذرع بأخطاء بوش لكيلا يتدخل فترك الجيش العراقي المفكك ليتصدي لتنظيم داعش الذي احتل الموصل واستعبد اليزيديين وغيرهم.. وتناسي أن أمريكا هي المسئولة عن هذه الكارثة أو المشكلة وبالتالي من واجبها هي أن تحلها سواء كان بوش هو الرئيس أو أوباما! والمضحك أن الجيش العراقي حاليا تقوده إيران ويأخذ تعليماته منها.. مؤامرة أم غباء لا أعلم!