كان حديثي يوم الخميس الماضي في نفس المساحة عن »ضآلة مرتبات الدولة« وكان مقالي أمس في روزا اليومية عن »مبادرة لرجال الإنتاج« انتظرها وينتظرها المجتمع والقيادة السياسية في مصر، بأن يبادروا برفع قيمة الاجور والمرتبات للعاملين في قطاعهم. واليوم استكمل هذه المجموعة من المقالات مشيرا إلي ان المنظومة الاقتصادية الكاملة، تستوجب ان تكون هناك اجور »متوازنة« أجور متعادلة، مع نسب التضخم السائدة في السوق المصرية، اجور تسمح بالعيش الكريم في مجتمع ننشد فيه العدالة والمساواة، ونطالب بمشاركة لكل اطياف الشعب في الحياة المصرية، وهذا لا يتأتي في ظل اجور متدنية، والسعي الدائم للبحث عن استكمال للاجر وللمرتب، لقضاء حاجات الحياة الضرورية، سواء بعمل اضافي او بطلب مقابل اداء الخدمة الحكومية، وهو ما يعرف بالفساد في التعريفات الحديثة ويعرف عندنا في مصر »بالقهوة والشاي والحلاوة« كلها مفردات فهلوة لاستكمال المنقوص من المرتب والاجر المستحق، و لكن بإسلوب ملتو. كل هذه العاهات هي صورة تعبر عن نقص شديد في كيان المنظومة الاقتصادية المصرية ولعل افتراش شوارع العاصمة من موظفي الدولة والحاصلين علي مؤهلات عليا براتب شهري لايتعدي المائة وعشرين جنيها اي »51 يورو« أو »02 دولاراً« في الشهر، هذا شيء مهين ولايمكن ان ندعي بأننا قد حققنا نموا اقتصاديا ونحن نشاهد مثل هذا التدني في الاجر، سواء للعامل او الموظف الحكومي، وكذلك العاملون في القطاع الخاص، بمناظرتهم لنظرائهم في الدول المحيطة. لايمكن الحديث عن النمو الاقتصادي من زوايا محددة ومنقوصة، فنحن نتحدث عن ترويج للاستثمار المباشر في ارجاء مصر، ونتحدث عن تشريعات تساير المجتمعات المتقدمة اقتصاديا، ونحفز علي الاستثمار، ونعمل علي حرية حركة رأس المال، ونعمل علي سرعة التقاضي وكذلك تشريعات تحقق الخروج الامن من السوق في حالة الافلاس، ونتحدث عن تغيير شامل في منظومة التعليم لكي يكون لدنيا خريجون مناسبون لاسواق العمل، ونتحدث عن قوانين تنظم الحقوق بين العمال وارباب العمل، ونتحدث عن قوانين تفصل بين حق الدولة وحق المستثمرين، ونتحدث عن قانون ينظم مشاركة القطاع الخاص للحكومة في مشروعات البنية الأساسية، ونتحدث عن دور قوي للدولة في غابة »الرأسمالية الحرة المستقلة« ومع ذلك لم نتحدث، بل لم يرد في اجندة العمل الوطني مشكلة تدني الاجور!! ان رفع الحد الادني بين فئات العاملين من موظف إلي أستاذ جامعي إلي مهني إلي عامل سوف يحقق رواجا في الاقتصاد الوطني!! كاتب المقال: عضو اللجنة الاقتصادية بالحزب الوطني