سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
التمويل الخارجي.. طريق للتنمية أم تهديد للسيادة ؟ نصر: دراسات الجدوي للمشروعات شرط أساسي قبل الاقتراض
د . عالية المهدي: هاجس القروض الخارجية يتراجع لو تم استغلالها جيدا.. أبوعلي: الدين الأجنبي في مستوي آمن
أثارت زيادة القروض الخارجية التي تحصل عليها الحكومة من مختلف مؤسسات التمويل قلق وتخوف البعض من تأثير هذه الديون علي فرص التنمية لدي الأجيال القادمة ومدي قدرة الدولة علي سداد التزاماتها الخارجية. ودارت العديد من حلقات النقاش بين المهتمين حول جدوي الاقتراض الخارجي وإلي أي حد يمكن أن يساهم في تسريع عجلة الاقتصاد وتحقيق التنمية الشاملة. ويري البعض أن التمويل الخارجي أصبح ضرورة حتي تستطيع الحكومة استكمال منظومة الإصلاح الاقتصادي وتحسين مناخ الاستثمار وتهيئة البنية التحتية فضلا عن الاستمرار في القيام بحزمة من المشروعات القومية حتي يخرج الاقتصاد الوطني من عنق الزجاجة التي طالما ظل معلقا بها طيلة عقود طويلة فقدت خلالها الصناعة الوطنية مقوماتها وتدهورت سمعة المنتج المحلي وتسربت المزايا التنافسية للاقتصاد المصري علي غير استحياء من أصحاب القرار. د. سحر نصر وزيرة التعاون الدولي أكدت وضع ضوابط محكمة وقواعد صارمة في عملية الاقتراض الخارجي ولا تقوم الوزارة بإبرام أية اتفاقيات قروض إلا بعد التأكد من الانتهاء من دراسات الجدوي الخاصة بالمشروع والتي تؤكد ربحية المشروع وقدرته علي تحقيق عوائد ذاتية تضمن استدامته وسداد تكلفة تمويله وتحقيق تنمية حقيقية. وأضافت أن الوزارة ترفض أي قرض لا يحقق عائدا وتنمية حقيقية. وأوضحت أن حسن استغلال القروض يمثل فرصة حقيقية لتحقيق التنمية ويعتبر استثمارا للمستقبل وليس تكلفة تتحملها الأجيال القادمة ويساهم في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين كما يوفر بنية أساسية تجذب الاستثمارات وتزيد من الناتج القومي، مضيفة أن الوزارة حريصة علي قياس الاثر التنموي لجميع المشروعات التي يتم تمويلها من الخارج ومتابعة تنفيذها لضمان الالتزام بالجداول الزمنية وتحقيق اقصي استفادة من القروض الخارجية. وأشارت إلي أن جميع القروض التي حصلنا عليها خلال الفترة الماضية تتميز بانخفاض أسعار الفوائد عليها لتصل في المتوسط إلي أقل من 1٫5٪ وتصل فترات السداد إلي ما يزيد علي 25 عاما فيما تتخطي فترات السماح خمس سنوات وهذا يساعد لجهات المستفيدة في عدم تحمل أعباء القرض أثناء فترة تنفيذ المشروع إلي أن يتم تشغيله وسداد تكلفة تمويله ذاتيا وتحقيق أرباح. وأضافت أن تنويع مصادر التمويل يعد أحد أهم سمات الفترة الحالية حتي لا تخضع مصر لشروط أي جهة تمويلية إذا فرضت ما لا تتحمله الحكومة من الناحية المالية أو في حالة وضعت شروط لا تقبلها السيادة المصرية. وأضافت « الأن أصبح لدينا خيارات متعددة ومصادر متنوعة للحصول علي تمويل لمشروعاتنا بالطريقة التي تناسبنا». وأكدت وزيرة التعاون الدولي أن جميع التمويلات التي نحصل عليها يتم استخدامها في مشروعات تنموية لها أهداف محددة ومسبقة ولا يتم التعاقد علي أي نوع من أنواع التمويلات مع أي جهة إلا بعد اكتمال الدراسات الخاصة بالمشروع الذي يتم الحصول علي تمويل له والتأكد من جاهزية الجهة المستفيدة والمنفذة من البدأ في استخدام التمويل المخصص وتنفيذ المشروع طبقا لدراسات الجدوي المعدة مسبقا وفي إطار الوقت الزمني المحدد حتي نستطيع تحقيق أقصي استفادة من جميع الأموال التي نحصل عليها سواء من منظمات وهيئات دولية وإقليمية أو من خلال شركائنا في التنمية من الدول. وأضافت أن هناك لجان متابعة بالوزارة لجميع المشروعات التي يتم تمويلها من الخارج وذلك للتأكد من التزام الجهات المستفيدة بالإطار الزمني المحدد ومعايير التنفيذ. وأضافت أن الفترة الماضية شهدت طفرة في علاقات مصر بمؤسسات التمويل الدولية والإقليمية ومضاعفة حجم التمويلات المخصصة لنا من تلك الهيئات وساهم ذلك بشكل كبير في زيادة قدرتنا علي تمويل المشروعات التنموية والتحرك بخطي سريعة نحو تحقيق معدلات نمو مرتفعة تكفي لزيادة الناتج المحلي الاجمالي والدخل القومي وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين. هذا بالإضافة إلي زيادة عدد المنح المقدمة من الدول والهيئات الأجنبية والتي وصلت إلي 500 مليون دولار. وشددت علي أن انخفاض تكلفة القروض والحصول علي أفضل وأيسر الشروط للحصول علي التمويل اللازم يمثلان الركائز الأساسية في عملية الاقتراض الخارجي. وأكدت نصر أن النتيجة الطبيعية للمشروعات التي تقوم بها الحكومة هي تحريك عجلة الاقتصاد المصري وتشجيع المستثمرين المحليين والأجانب بما يؤدي في النهاية إلي زيادة الناتج المحلي ورفع مستويات المعيشة ووضع الاقتصاد الوطني في المرتبة التي يستحقها بين اقتصاديات العالم. وأضافت أن تحقيق البعد الاجتماعي في المشروعات التنموية التي تقوم بها الدولة له مضاعف اقتصادي يؤدي في النهاية إلي تحسين المزاج العام لدي المصريين من خلال توفير الخدمات الأساسية وتحسين جودتها ويؤدي ذلك بدوره إلي زيادة إنتاجية العامل وزيادة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي ومن ثم زيادة حجم الاقتصاد القومي بصورة عامة وزيادة الدخل القومي وارتفاع مستويات الدخول. وأكدت وزيرة التعاون أن الوزارة تلتزم بمبادئ الشفافية الكاملة والإفصاح عن تفاصيل جميع القروض التي تحصل عليها من مختلف مؤسسات التمويل الدولية وتقديم كافة البيانات والتقارير المتعلقة بمتابعة اتفاقيات القروض والمنح بدءا من دراسات الجدوي مرورا بالزيارات الميدانية لتنفيذ المشروعات وإزالة العقبات التي تواجهها لضمان زيادة معدلات السحب من التمويل وتقليل مدة التنفيذ. من جانبه قال د. مصطفي السعيد وزير الاقتصاد الأسبق إن النظرية العامة في جدوي القروض الخارجية التي تحصل عليها أي دولة هي كيفية استغلال هذه القروض والاستفادة منها، فإذا تم استخدامها في مشروعات انتاجية أو استثمارية أو تصديرية فإنها تكون في صالح الدولة وتساهم في تحقيق التنمية وتسرع من دوران عجلة الاقتصاد. وأضاف أن المشروعات الانتاجية قادرة علي سداد تكلفة تمويلها وتحقيق أرباح ومن ثم تعتبر إضافة للاقتصاد القومي وخيرا لبلدنا ولا تمثل عبئا علي الأجيال القادمة بل توفر فوائض مالية لها وتساعد في خلق فرص عمل كما أنها لا تزيد من أعباء خدمة الدين علي الموازنة العامة. وأضاف السعيد أن استخدام القروض لأغراض استهلاكية يمثل خطرا كبيرا علي الدولة ويشكل عبئا كبيرا علي كاهل الموازنة ويمثل ظلما للأجيال القادمة لأنها سوف تتحمل سداد هذه القروض دون أن تستفيد منها، مشددا علي ضرورة دراسة القروض الخارجية بشكل دقيق والتأكد من مدي ربحيتها وقدرتها علي سداد تكلفة تمويلها قبل الشروع في التوقيع عليها مهما كانت الجهة المقرضة طالما أنها جهة خارجية. وقال وزير الاقتصاد الأسبق إن القروض التي تحصل عليها الحكومة من مؤسسات التمويل الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لأغراض دعم الموازنة تنقسم إلي قسمين يتمثل الشق الأول في الانفاق علي الدعم وتوفير السلع الأساسية مثل القمح وغيره وهذه القروض تمثل عبئا علي الأجيال القادمة وتزيد من أعباء خدمة الدين في الموازنة العامة، أما القسم الثاني فيتمثل في انفاق الحكومة علي المشروعات الاستثمارية القومية ومشروعات البنية التحتية وتشمل مد شبكات الطرق وزيادة شبكات الكهرباء وغيرها من المشروعات اللازمة لجذب المستثمرين بما يعود بالنفع علي زيادة الناتج القومي وهذه النوعية من المشروعات لا تشكل عبئا علي الأجيال القادمة. وأضاف السعيد أن المعيار الرئيسي لتحديد مدي خطورة الدين الخارجي علي الدولة هو حجم فوائد الدين السنوية مقارنة بقدرة الدولة الاستيرادية للسع الاستراتيجية لمدة تتراوح ما بين أربعة إلي ستة أشهر، فإذا زادت فوائد الدين السنوية علي تكلفة استيراد السلع الأساسية لمدة أربعة أشهر يشكل ذلك خطرا ليس فقط علي الاجيال القادمة ولكن علي الاقتصاد القومي بشكل عام، لأنه ومع افتراض ثبات المتغيرات التي تؤثر علي حجم احتياطي النقد الأجنبي لدي البنك المركزي فإن زيادة خدمة الدين علي قدرة الدولة علي تغطية تكلفة استيراد السلع الأساسية لمدة أربعة أشهر تؤدي إلي تعرض الدولة إما للتخلف عن السداد للجهات المقرضة أو عدم توفير السلع للمواطنين وكلاهما يمثل خطورة كبيرة علي الدولة ويؤثر بشكل كبير علي سمعة الدولة بين مؤسسات التمويل الدولية. وأشار إلي أن مستويات الدين الخارجي لمصر مازالت في الحدود الأمنة. وقالت د. عالية المهدي أستاذ الاقتصاد وعميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا إن زيادة الدين الخارجي أمر غير مرغوب فيه وتتمثل خطورته في أنه يشكل التزام خارجي علي الدولة وتخلف الدول عن سداد التزاماتها في السوق العالمي يشكل خطورة كبيرة علي الاقتصاد القومي وسمعة الدولة في المجتمع الدولي كما أنه لا يمكن طبع بنكنوت محلية نظرا لأن القروض الخارجية يجب أن تسدد بالعملات الأجنبية. وأضافت أن هاجس القروض الخارجية ينتفي إذا حسُن استغلالها وتم استخدامها في مشروعات انتاجية تحقق عوائد تكفي لسداد تكلفة تمويلها وتوفر أرباحا. مشيرة إلي أن ذلك لن يتأتي إلا من خلال إجراء دراسات جدوي دقيقة لجميع المشروعات التي يتم تمويلها من القروض الخارجية ويجب أن تكون هذه الدراسات من مكاتب استشارية عالمية متخصصة. وأضافت أن القطاع الخاص المصري والأجنبي يمكن أن يكون بديلا للاستدانة من الخارج وذلك من خلال اقامة مشروعات مشتركة مع الحكومة. وقال د. سلطان ابوعلي وزير الاقتصاد الأسبق إنه بالرغم من الزيادة التي شهدها الدين الخارجي خلال الفترة الماضية إلا أنه مازال في الحدود الأمنة ولا تؤثر علي السيادة الوطنية، والمشروعات التي يتم تمويلها من هذه القروض لها أهمية كبيرة سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية. وأضاف أن العبرة بكيفية استخدام القروض فإذا خُصصت لمشروعات تنموية وانتاجية فإنها تضيف خيرا للاقتصاد الوطني وتمهد الطريق للأجيال القادمة لتحقيق مزيد من النمو، وخطورة القروض الخارجية تكمن في استخدامها لأغراض الانفاق الاستهلاكي. مشيرا إلي أنه وفي كل الأحوال لا يجب أن تزيد سعر الفائدة علي الديون الخارجية علي معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لأن ذلك يُنذر بعدم قدرة الدولة علي سداد التزاماتها. وأضاف أن نسبة خدمة الدين (فوائد الدين الخارجي خلال عام+أقساط الدين السنوية) مقسومة علي حصيلة الصادرات من السلع والخدمات مازالت أيضا في الحدود الأمنة ولم تتعد حاجز 7%. عاطف عبداللطيف