أحسن رئيس الوزراء حينما اختار الدكتور عماد أبوغازي وزيرا للثقافة.. فهو رجل يجيء من قلب المطبخ الثقافي.. يدرك مشاكله.. ويمارس بحكمة عاقلة عمله.. وأحسب ان المجلس الأعلي للثقافة في عهده كان حريصا علي مشاركة الشباب في لجانه.. واعطائهم دورهم الثقافي بجانب أصحاب الخبرة الثقافية في هذه اللجان. وأمام الوزير مهام شاقة وعسيرة.. فقد ورث مؤسسات كان بعضها للأسف يدار من خارج الوزارة.. ولهذا وجدنا بعضها يظل وقتا طويلا بلا رئيس لأن السلطة عجزت عن البحث عنه بشروطها الخاصة بغض النظر عن خبرته وكفاءته.. ونتج عن ذلك -علي سبيل المثال- ان هيئة كبري مثل هيئة الكتاب منذ رحيل رئيسها السابق تضم إلي هيئة أخري مساوية لها في الأهمية وهي دار الكتب.. ومع تقديري للصديق الدكتور صابر عرب.. فان هيئة الكتاب لكونها مؤسسة نشر عريقة تستحق ان يتولاها أحد خبراء النشر الذين يتمتعون بالإدارة والمهنية معا.. وان يكون لها مجلس إدارة أيضا من المستشارين والخبراء في مجال النشر حتي يتحقق لها النجاح.. بالاضافة إلي ما تعانيه من مشاكل العاملين والأجور وغيرها. وأمام الوزير أيضا وضع رؤية عصرية لتطوير العمل في الهيئة العامة لقصور الثقافة.. بعيدا عن البيرقراطية التي غرقت فيها وفرضت عليها منذ سنوات طويلة.. والتي حالت دون الاستفادة من الكفاءات التي تضمها الهيئة والذين يمتلكون قدرتهم علي التواصل مع المجتمع.. كما آن الأوان لإعادة النظر في مؤتمر أدباء الأقاليم ووضع رؤية جديدة له يجعله معبرا عن أدباء مصر جميعا سواء في العاصمة أو خارجها.. فلا معني لتصنيف أصحاب الأفلام والنظر إلي الأديب خارج القاهرة من الطبقة الثانية في العمل الثقافي.. ولهذا فان القادة الثقافيين في مديريات الثقافة يجب ان يجمعوا بين رؤية المبدع وحنكة المدير. وأمام الوزير أيضا أهمية ان تتسع دائرة التبادل الثقافي بين مصر ودول العالم.. شرقه وغربه.. وأحسب ان رئيس العلاقات الثقافية الحالي علي وعي كامل بهذه الأهمية.. وهو يمتلك قدرة فائقة علي نقل الثقافة المصرية خارج الحدود بأقل التكاليف وأفضل الأساليب.. وله تجربته الناجحة -علي قصرها- في هذا المجال.. ومن ثم فان فتح مزيد من الآفاق والحرية له سوف يمكنه من تحقيق برامجه هو والذين يعملون معه في هذا القطاع الممتاز. وأمام الوزير هذا المشروع الناجح »المركز القومي للترجمة« وبقي ان يبحث عن الأساليب الموضوعية لنشر الثقافة المصرية باللغات الأجنبية حتي يعرف العالم عنا كما نعرف نحن عنه.. واعتقد ان هذه المهمة تتطلب مزيدا من الجهد الدبلوماسي والتعاون مع دور النشر العالمية لتحقيق هذا الحلم الثقافي الكبير. وأمام الوزير مشروعات ثقافية أخري من خلال »صندوق التنمية الثقافية« خاصة دعم وإنشاء مزيد من المكتبات في قري ونجوع مصر شمالا وجنوبا بعيدا عن الاملاء ان السلطوية التي كانت تقيد حرية العاملين في هذا الصندوق.. وأظن ان رئيس الصندوق الحالي قد بذل والعاملون معه جهدا ملحوظا في مشروعاته الداعمة.. وسوف يحقق الكثير من مناخ الحرية والحركة الفاعلة. وأمام الوزير عدد كبير من الجمعيات الثقافية والأدبية.. فلا يعقل ان يظل العمل الثقافي في هذه الجمعيات تابعا للشئون الاجتماعية.. ومن ثم فان دعم هذه الجمعيات غدا من الأمور التي يجب ان ينظر إليها بجدية لما تؤديه هذه الجمعيات من خدمة ثقافية ملحوظة. وأمام الوزير قطاعان مهمان هما قطاعا المسرح والسينما.. وأتصور ان عودتهما إلي أحضان الوزارة يمكن ان يحل مشاكلهما.. ولن تتحقق هذه العودة بغير تضافر كل رجالات الفن من أجل استعادة ريادة مصر في هذين المجالين. وهناك مجالات أخري تتعلق بالفنون الأخري.. والأطفال.. وغيرها.. تلك إذن بعض الرؤي التي نحلم بها لوزارة ثقافة شعبية وطنية تستمد شرعيتها وإمكاناتها من حس الثورة المجيدة أقدمها بكل ثقة بين يدي د.عماد أبوغازي.. علي يقين بقدرته علي الانجاز.