هناك اتفاق بين أساتذة العلوم السياسية والاجتماع، والعلوم الانسانية أن الثورة كمصطلح سياسي تعني الخروج عن الوضع الراهن الي وضع أفضل.. وهناك تعريفات معجمية تتلخص في تعريفين ومفهومين للثورة، التعريف التقليدي القديم الذي وضع مع انطلاقة الشرارة الاولي للثورة الفرنسية وهي قيام الشعب بقيادة نخب وطلائع من مثقفين لتغيير نظام الحكم بالقوة، والتعريف الثاني، الأكثر حداثة، هو التغيير الذي يحدثه الشعب بمساندة قواته المسلحة لإسقاط النظام الفاسد أو من خلال شخصيات تاريخية لتحقيق طموحاته لتغيير نظام الحكم العاجز عن تلبية هذه الطموحات ولتنفيذ برنامج المنجزات الثورية غير الاعتيادية من اطلاق الحريات، حرية التعبير، وتحرير الممارسات الديمقراطية من القيود أو القضاء علي الفساد ورموزه، ومواجهة الانفلات الاخلاقي الذي انتشر في الشارع، وفي كل مكان عمل.. وملاحقة التطور الايجابي، في مجال التكنولوچيا والعلوم التطبيقية حيث يستخدم مصطلح ثورة في الاشارة الي ثورة المعلومات والتكنولوجيا.. وبالتطبيق علي ثورة 52 يناير، التي رفعت شعارا رائعا: سلمية.. سلمية.. لا للتخريب والتدمير فالبلد بلدنا.. والمصير مصيرنا.. أما حياة كريمة أو الطوفان.. لقد رأينا أصواتا غير مقدرة للمسئولية الوطنية تطالب بتنفيذ عدد من المطالب الفئوية، الآن، وفورا.. وهي مطالبات ليس هذا وقتها، فقد خلق الله الأرض والسماوات في ستة أيام، وسبحانه وتعالي، قادر علي أن يقول للشيء كن فيكون.. إنما أراد أن يعطي العقل البشري فرصة التفكير.. والتريث، والعقل البشري قدراته وامكانياته مهما عظمت محدودة.. وهذه المطالب الحياتية أو الفئوية لن تتحقق الا بالعمل، والانتاج الجيد والانضباط في كل أمورنا.. وإعطاء الفرصة للقائمين علي الامر، وجميعهم جاءوا بارادة شعبية.. ليتفرغوا لانجاز المطالب الاساسية الحيوية التي تتعلق بحياة الشعب، حتي يستطيع الجميع، شبابا وشيوخا مواصلة مسيرة البناء والتعمير، وإزالة كل جيوب الفساد بكفاءة واقتدار، فالثورة عمل عظيم وجليل، وثورة الشعب في 52 يناير أعطت نموذجا طيبا في التغيير، اشاد بها العالم، إذن الثورة بمفهوما العلمي تعني الانتاج، وتعني المواجهة بالادب.. وليس بقلة الادب.. أو التعامل الرديء مع بعضنا البعض.. والتطاول بالفاظ سوقية نابية.. صحيح لقد اكتشف الشعب أن ثروته قد نهبت، وأن رأس النظام واتباعه خدعوا الشعب بشعارات فاسدة.. وظل الشعب علي هذا الحال عشرات السنين، وهو لا يدري أنه يسرق، وفي وضح النهار.. وماذا يضيرنا أن نصبر لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر لتحقيق المطالب الحياتية المشروعة، التي تعيد للانسان المصري أدميته.. إن أي ثورة، وأي قضية حياتية، صغرت أو كبرت ينبغي أن يكون هناك ارتباط بين الوسيلة والهدف.. ونسأل أنفسنا كيف نصل الي الهدف المنشود.. في مجال التعليم والبحث العلمي، وهو الهدف الأسمي، لتغيير المجتمع، والمواطن الي الأفضل.. وهي دعوة ثورة 52 يناير.. هل يتحقق التطوير المنشود بتظاهرات غير مبررة.. وإذا كان الكلام عن انتخابات الاتحادات الطلابية، نزيهة ومحررة من كافة القيود.. فهذا المطلب، قد سبق الاعلان عنه، والبدء في إجراء انتخابات خلال ثلاثة أسابيع علي الأكثر من بداية الفصل الدراسي الثاني.. وكان ذلك تحديدا في 62 فبراير الماضي.. فالهدف قد تحقق، بقوة الأمر الواقع.. وإذا كان المطلب، الارتفاع بمستوي التعليم العام والجامعي وجودة المحتوي العلمي، ومسايرة التقدم العلمي والتكنولوجي المتسارع، فلن يتم ذلك بين يوم وليلة، وكيف يتحقق هذا المطلب والجامعات مغلقة، كنت أتوقع من الطلاب، أن تكون مطالبهم الأساسية: مكتبة علمية وأدبية وفنية محترمة، مجهزة بأحدث أساليب التكنولوجيا، وتكون هناك قاعات دراسية متكاملة.. ورفض القاعات القائمة الآن، التي تشبه علب السردين يحشر فيها مئات أو الوف الطلاب.. وتهدر فيها كرامة العلم، وهيئات التدريس والطلاب. ولكن ما علاقة كل هذا التعطيل برفت رؤساء الجامعات ونوابهم وعمداء الكليات ووكلائهم، وأين التفكير العلمي السليم.. وأين المنطق المحترم، ومن سيدير الجامعة.. ومن الذي سيسعي لتحقيق مطالبهم في الرقي العلمي والتكنولوجي والاخلاقي.. وهل من المفيد للطلاب والمجتمع، والوطن أن يتقلص الفصل الدراسي الثاني الي أربعة أسابيع أو أقل.. وأي علم هذا، ان البلاد مقبلة علي انتخابات مهمة تشريعية ورئاسية.. ناهيك عن امتحانات الفصل الدراسي الثاني التي تتطلب شهرا للامتحانات وشهرا للتصحيح وإعلان النتائج.. لقد تصايح بعض الطلاب، وعدد من أعضاء هيئات التدريس بالمدارس والجامعات بالغاء العام الدراسي.. ويتصايحون: اليوم حرام فيه العلم.. ونسوا أن يهتفوا باسقاط الاخلاق.. والسلوك الكريم.. حتي تتحقق مطالبهم، برفت رؤساء الجامعات.. الخ.. وإذا لم تكن هذه هي الفوضي، فماذا إذن تكون..؟!.. إذا ظل الحال علي هذا السوء فالمستقبل لا ينبيء بأي خير.. وإذا كانت وزارة د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء قد جاءت بإرادة شعبية فإن ذلك يتطلب التعاون معها ومساعدتها، وأن تعطي الفرصة كاملة لانجاز مطالب الثورة..وإذا كان من الضروري أن يتفرغ د.عمرو عزت سلامة وزير التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا ود. أحمد جمال الدين وزير التربية والتعليم للبدء في تنفيذ المشروعات المهمة والافكار العلمية القابلة للتطبيق، مثل ممر التنمية المقدم من د. فاروق الباز، واحياء مشروع النهضة العلمية المتمثل في جامعة د. أحمد زويل، فهل من المعقول ان يهبط سقف الطموح الي حد المهاترات، ان المهمة الملقاة علي عاتق الوزيرين خطيرة، ولابد من اعطائهما الفرصة لبداية ما تبقي من العام الدراسي بداية جادة بعد توقف دام خمسة أسابيع.. فإذا كانت طموحات الطلاب: اليوم حرام فيه العلم.. وتوقف الدراسة.. والفوضي العارمة.. فينبغي أ نكون واقعيين وندرك أن الثورة العظيمة، ثورة الشهداء، لم تنجح، بفعل هذه التصرفات الخاطئة.. في تغيير الاوضاع الي الافضل.. وإذا كانت الثورة لم يمتد تأثيرها الي الحياة العامة والي تغيير افكار وسلوكيات الناس في البيت والشارع وكافة مواقع العمل.. تتحول الثورة الي »هوجة« سرعان ما تنطفيء جذوتها وتتحول الي رماد.. انني أناشد المجلس الاعلي للقوات المسلحة، ووزارة د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء وجماعة 9 مارس التي تعقد اجتماعها السنوي اليوم، بجامعة القاهرة نصح الطلاب لوقف هذه التظاهرات المعطلة للدراسة والانتاج والحياة العامة.. التي تؤدي الي انهيار الأمن للوطن والمواطن.. حتي ننقذ هيبة ثورة الشعب، والدولة.. والتي بدأ تنفيذ مطالبها فعلا.. وقانا الله شر الاهداف الخفية المظلمة.. وحما الله مصر من كل سوء.. ومن بعض أبنائها الذين لا يقدرون المسئولية.. في هذه الظروف الصعبة..