«رسائل ترامب للناخبين تقول علي الدوام بأن عظمته الشخصية هي التي ستقود أمريكا إلي الازدهار» بعد انتهاء الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح كل من الحزبين الجمهوري والديموقراطي الأمريكيين لانتخابات الرئاسة في نوفمبر القادم.. تبدو فرص الجمهوري دونالد ترامب هي الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب له.. فقد واصل ترامب تفوقه علي المرشحين المنافسين له تفوقا واضحا.. وحصد غالبية أصوات المجمعات الانتخابية.. وتفوق علي كل التوقعات.. بل علي كل معارضيه داخل الحزب نفسه. تخطي ترامب محافظ فلوريدا جيب بوش حاكم فلوريدا السابق الابن الأصغر للرئيس الأسبق جورج بوش وشقيق الرئيس السابق جورج دبليو بوش.. وعلي سيناتور ولاية فلوريدا مارك روبيو.. وكلاهما انسحب أمام تفوق ترامب عليهما حتي في عقر دارهما.. وها هو يتفوق علي حاكم ولاية أوهايو جورج كاسيتش وسناتور ولاية تكساس تيد كروز ولم يعد أمام الحزب إلا أن يختاره رغم معارضة رموزه.. إلا إذا حدثت المفاجأة باستبعاده.. وقتها سيخوض ترامب الانتخابات مستقلا ليحدث الانقسام الذي يخشاه الحزب الطامع في العودة للرئاسة.. والحالم بالتفوق علي مرشحة الحزب الديمقراطي القوية هيلاري كلينتون. تجاوزت شعبية المرشح دونالد ترامب لدي الناخبين الجمهوريين الأمريكيين كل التوقعات.. عكس المتوقع في بداية السباق.. فقد صوتت له مختلف الشرائح الاجتماعية، لكن أكثر المتحمسين له هم عمومًا من البيض الذين لا يحملون إجازات جامعية، ولديهم الشعور بأنهم مهمشون في أمريكا التي تشهد تغيُّرات. ويبدو أن القاعدة الشعبية لدونالد ترامب تتوزع في كل أنحاء البلاد، في المناطق الريفية والمدنية ولا تعتمد تشدد المحافظين بحذافيره. نال ترامب حتي الآن تأييد معظم ناخبي الحزب الجمهوري في معظم الولايات ضمن الانتخابات التمهيدية للسباق الرئاسي. وصوت له الفقراء والأغنياء، البيض والسود، الشباب والمسنون. لكن استطلاعات الرأي عند خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع، وكذلك تحاليل الخبراء السياسيين تتيح رسم نموذج لناخبيه، هم أمريكيون قلقون وراغبون في ايصال مرشح إلي الرئاسة يقوم بترجيح الكفة الاقتصادية لصالحهم. والمجموعة السكانية التي ينال فيها دونالد ترامب أعلي نسبة تأييد هي بشكل منهجي شريحة جمهوريين لم يحصلوا علي إجازات جامعية وهم يتوزعون في معظم الولايات.. ولكن هذا لا يعني أن خريجي الجامعات يقاطعونه، فقد حل ترامب في معظم الأحيان في المرتبة الأولي ضمن هذه المجموعة أيضًا. لكنّ حاملي إجازات دراسات عليا يوزعون أصواتهم بين المرشحين. وبما أن الحزب الجمهوري يعد غالبية أعضائه من البيض، فإن القاعدة الأقوي للملياردير هي بالتالي لدي البيض، الذين لم يحصلوا علي إجازات جامعية، ونصفهم عمومًا صوت له حتي الآن. هناك عامل آخر لنجاح ترامب وهو شريحة الناس المقيمين في منازل نقالة. فقد ربط المحللون علي مستوي الدوائر بين معدل المنازل النقالة والنتائج التي نالها دونالد ترامب في صناديق الاقتراع. وتوصل المحللون إلي أنه كلما كانت المنطقة واقعة ضمن إطار الاقتصاد «القديم»، أي يمارس سكانها الأعمال في قطاعات الزراعة والصناعة والتجارة والبناء، يرجح أنها تصوت لترامب. وكذلك شريحة العاطلين عن العمل أو الذين توقفوا عن البحث عن عمل. رسائل ترامب للناخبين تقول علي الدوام بأن عظمته الشخصية ستقود إلي الازدهار.. وهذه الرسالة تلاقي أصداء قوية لدي الأمريكيين الذين يشعرون بأنهم لم يحققوا نجاحًا في حياتهم.. ومن الصعب تقييم تداعيات تصريحات ترامب المناهضة للمهاجرين المثيرة للجدل علي نجاحه. فقد لاقي اقتراحه إغلاق الحدود الأمريكية أمام المسلمين مؤقتا تأييدًا واسعًا ليس فقط لدي مناصريه، وإنما لدي الجمهوريين بمجملهم. وقلة هم الجمهوريون الذين يعارضون خطته لطرد 11 أو 12 مليون مهاجر غير شرعي متواجدين في الولاياتالمتحدة. وهو بذلك يثير حماسة كبري بشكل خاص لدي الأمريكيين القلقين من التنوع الإثني في الولاياتالمتحدة، حيث يتزايد عدد المنحدرين من أصول لاتينية بشكل كبير. وتقول دراسة أجراها المعهد الوطني الأمريكي أنه كلما أعطي الناخبون أهمية ل»هويتهم كبيض» معتبرين أن التمييز بحق البيض يتزايد، زادت فرص تصويتهم لترامب. وتتناقض مواقف دونالد ترامب مع عقيدة المحافظين حول دور الدولة. فرؤيته حول الرأسمالية تتمثل باقتصاد قوي تتولي فيه دولة قوية تنظيم الأسواق لحماية العمال الأمريكيين. وعلي سبيل المثال، فإنه يعارض المبدأ المطلق بحرية التبادل الاقتصادي ويهدد الصين والمكسيك بفرض رسوم جمركية. ويريد أيضًا إعطاء دور قوي للدولة الفيدرالية لضمان تأمين صحي شامل أو إعادة الاستثمار في البني التحتية المتهالكة في البلاد.