«لا يقتدي الكثير من المسلمين بسير الصالحين من أولياء الله وأهل العلم والصلاح ليسيروا علي هديهم وإنما يقيمون الأضرحة علي قبورهم ليطوفوا حولها ويتمسحوا بها وينذروا النذور عندها معتقدين أنهم يملكون لهم النفع أو الضر وهذا اعتقاد مخالف للشريعة إلي جانب الموالد التي تقام وترتكب فيها الكثير من المخالفات».. حول حكم زيارة الأضرحة والطواف بها والنذر لأصحابها يقول الشيخ عبد الحميد الاطرش رئيس لجنة الفتوي السابق بالأزهر إن الرسول صلي الله عليه وسلم قال : «لا تشد الرحال إلا لثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجد بيت المقدس ومسجدي هذا».. وهذه الأضرحة التي بنيت في مساجد أو أقيم عليها مساجد لا أساس لها في الإسلام حيث إن النبي صلي الله عليه وسلم بين أن المقابر لا يجوز بنيانها عن الأرض إلا بقدر الشبر ونحوه حتي لا يطأها الناس بأقدامهم لأن النبي حذر من التمسح بالمقابر ومن الجلوس عليها فقال صلي الله عليه وسلم: «لأن يجلس أحدكم علي جمرة من النار فتحرق ثوبه ثم تحرق جيده أيسر من أن يجلس علي قبر». ويضيف: للمقابر حرمتها فينبغي أن تحترم ولا تهان، أما الأضرحة وما إلي ذلك فهذه أمور نهي الإسلام عنها،وصاحب الضريح لو كان في مقدوره أن يقوم ويقول لمن يطوف حوله لنهره وطرده وضربه، حيث ان الإنسان حينما يقبر ليس في مقدوره شيء، وما يفعله الناس من الطواف حول الاضرحة والتوسل بها فهو شرك والعياذ بالله حيث أوضح صلي الله عليه وسلم في أحاديثه أن النذر لغير الله باطل ومن نذر أن يطع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يفعل، وحينما يتوسل بأصحاب الاضرحة ويقف العامة أمام الضريح وينادون بأعلي أصواتهم يا فلان افعل لي كذا ويا فلان افعل لي كذا فهذا شرك والعياذ بالله ومن أشرك مع الله غيره فقد كفر وصاحب الضريح ما هو إلا إنسان عاش في دنياه وقبر كسائرالموتي، ويختلف د. علي جمعة - مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء مع من يتهمون زوار الأضرحة بالشرك قائلا:ينبغي أن نقدم أصولًا ثلاثة تجب مراعاتها عند الكلام في هذه المسألة وأشباههاأولًا: الأصل في الأفعال التي تصدر من المسلم أن تُحمل علي الأوجه التي لا تتعارض مع أصل التوحيد، ولا يجوز أن نبادر برميه بالكفر أو الشرك،ثانيًا: هناك فارق كبير وبَوْن شاسع ما بين الوسيلة والشرك، فالوسيلة مأمور بها شرعًا في قوله تعالي: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، والوسيلة في اللغة: المنزلة، والوصلة، والقربة، وجماع معناها هو: التقرب إلي الله تعالي بكل ما شرعه سبحانه، ويدخل في ذلك تعظيم كل ما عظمه الله تعالي من الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال، فيسعي المسلم مثلًا للصلاة في المسجد الحرام والدعاء عند قبر المصطفي صلي الله عليه وآله وسلم و(الملتزَم)، تعظيمًا لما عظمه الله سبحانه وتعالي من الأماكن، ويتحري قيام ليلة القدر والدعاء في ساعة الإجابة يوم الجمعة وفي ثلث الليل الآخر تعظيمًا لما عظمه الله من الأزمنة، ويتقرب إلي الله تعالي بحب الأنبياء والصالحين تعظيمًا لمن عظمه الله من الأشخاص، أما الشرك فهو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله علي الوجه الذي لا ينبغي إلا لله تعالي، حتي لو كان ذلك بغرض التقرب إلي الله كما قال تعالي: «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَي اللهِ زُلْفَي»، أي إن الشرك إنما يكون في التعظيم الذي هو كتعظيم الله تعالي. ويوضح: إذا ما حصل خلاف بعد ذلك في بعض أنواع الوسيلة كالتوسل بالصالحين والدعاء عند قبورهم مثلًا أو حصل خطأ فيها من بعض المسلمين فيما لم يُشرَع كونُه وسيلةً كالسجود للقبر أو الطواف به، فإنه لا يجوز أن ننقل هذا الخطأ أو ذلك الخلاف من دائرة الوسيلة إلي دائرة الشرك والكفر، لأننا نكون بذلك قد خلطنا بين الأمور وجعلنا التعظيم بالله كالتعظيم مع الله، والله تعالي يقول: «أَفَنَجْعَلُ المُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ مَالَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ» ثالثًا: إن هناك فارقًا أيضًا ما بين كون الشيء سببًا، واعتقاده خالقًا ومؤثرًا بنفسه.