لم تكن المباراة الودية الثالثة التي لعبها الأهلي أمس الأول مع حرس الحدود »مجرد« مبارة ودية في كرة القدم.. ولكنها كانت مسرحا لتصرف جماهيري تلقائي يلقي بأضواء كاشفة علي ما يمكن تسميته »تغييرا« في العلاقة المستقبلية المتوقعة بين الأهلي ولاعبيه من ناحية والجماهير من ناحية أخري.. وهو ما يمكن تسميته ب»ثورة« علي الأوضاع التي كانت سائدة قبل »ثورة يناير« المجيدة!! عبرت الجماهير في مدرجات استاد مختار التتش العريقة عن هذه »العلاقة« الجديدة بلافتتين كانا أبلغ تعبير عن الواقع الجديد المستمد من مشاعر خلقت في المجتمع المصري اثناء الثورة.. تقول اللافتة الأولي: »فين مارحتوا كنا معاكم.. ووقت الثورة مش لقيناكم«.. بينما تقول اللافتة الثانية: »تطالبون بالملايين.. ولاتشعروا بفقر المصريين«!! واللافتتان تعبران بمنتهي الوضوح والجلاء عن الحزن الكامن- أو بمعني أدق الذي كان كامنا- في النفوس.. نفوس الجماهير الغفيرة والتي كانت ايضا هي »وقود الثورة«.. تجاه الشخصيات العامة في المجتمع ومن بينها لاعبي الكرة والذين كانت تتوقع الجماهير منهم أن يكونوا أكثر تلاحماً مع الجماهير الثائرة في ميدان التحرير.. حيث تقول أوراق الثورة أن الأيام الخالدة التي بدأت يوم 52 يناير قد شهدت غيابا واضحا من »نجوم الجماهير«.. وكان ذلك واضحا علي سبيل المثال علي تصرفات لاعبي الاهلي الذين اختفوا تماما باستثناء ظهور مفاجئ لأمير القلوب محمد أبوتريكة الذي لم تسمع عنه الجماهير إلا في »الجمعة اليتيمة« أو الأخيرة التي رحل بعدها الرئيس السابق حسني مبارك معلنا تخليه عن السلطة.. حيث توجه أبوتريكة وشارك في صلاة الجمعة ثم انصرف.. وكان ذلك في أعقاب نشر خبر في أحد مواقع الانترنت يوجه اللوم الشديد لأبوتريكة ورفاقه عن هذا الغياب الجماعي للنجوم الشهيرة عن فعاليات الثورة!! فما كان من أبوتريكة أن قام فورا بالرد علي هذه الانتقادات فنشر نفس الموقع- وأول حرف من اسمه اليوم السابع- في اليوم التالي مباشرة خبرا عن توجه تريكة إلي ميدان التحرير وآدائه صلاة الجمعة مع الثوار!!ورغم هذه المحاولة »الأخيرة«.. التي قام بها نجم نجوم الاهلي في محاولة لانقاذ ما يمكن انقاذه من »علاقة« بين الجماهير ونجوم الكرة.. إلا أنه - كما يبدو من هذا التصرف الجماهيري- لم تنجح المحاولة في إزالة »كل« ما في النفوس من حزن وغضب.. وهو ما ظهر واضحا في هذا التصرف الذي شهدته مدرجات »التتش« مساء أمس الأول!! ولعل أكثر ما يمكن الخروج به من هذا الموقف هو مصير الدوري ومدي امكانية استئناف المسابقة في الوقت الحالي.. علي ضوء ما تختزنه النفوس.. نفوس الجماهير بالطبع.. من ذكريات عن لاعبي الكرة آبان فترة الثورة!! يذكر ان هذه القصة ذات المعاني والأبعاد الكثيرة حدثت اثناء مباراة الاهلي وحرس الحدود.. وخطفت كل الأضواء من كل الأحداث الأخري!! عموما المباراة انتهت بفوز الاهلي بهدف نظيف احرزه »أبوتريكة« أيضا!!