ما قاله د.عبدالعظيم وزير محافظ القاهرة حول هدم المبني الضخم الذي كان يضم مقر الامانة المركزية للحزب الوطني والمجلس الأعلي للصحافة ومجالس المرأة وحقوق الإنسان، أمر يحتاج إلي مزيد من الدراسة لمختلف وجهات النظر حول استغلال هذا المبني الذي كان »صرحا من خيال فاحترق«.. لكن باحتراقه أصبح رمزا ودليلا علي ما شهدته مصر وميدان التحرير من أحداث. وبشكل واضح وصريح، فإنني أدعو إلي دراسة مقترح تحويل المبني إلي متحف لتوثيق ثورة 52 يناير.. هذه الثورة الشعبية التي أخشي ان تضيع تفاصيلها ونحن في غمرة الحماس لها. هذه الثورة بالفعل تستحق متحفا يليق بما حققته من انجازات.. ولا اعتقد ان هناك مبني يستحق ان يكون متحفا لتاريخ الثورة مثل مبني الحزب الوطني، سواء بسبب الدلالة المكانية للمبني وقربه من ميدان التحرير.. الذي تحول إلي رمز لثورة مصر.. وثانيا، وهذا هو الأهم، بسبب الدلالة السياسية التي كان يحملها المبني في العصر السابق.. وما يمكن ان يحمله تحويله إلي متحف للثورة من رمز معنوي واشارة بليغة علي حجم التغيير الذي شهدته البلاد. وأقترح أيضا الابقاء قدر الامكان علي المبني بصورته الحالية.. أي صورته المحترقة.. مع اعادة تأهيل المبني هندسيا، ولكن دون المساس بالصورة الأخيرة التي اتخذها المبني، حتي يشعر كل من يدخله بانطباعات من عاشوا لحظة الحدث في مصر.. اضافة إلي ان الابقاء علي حالة المبني كما هي، انما تحمل معني بالغ الأهمية، وهو ان الحريق لم يستهدف المبني فقط، وانما استهدف ما كان يمثله من أفكار وسياسات وسلوكيات. وهذا الاسلوب متبع في الكثير من بلدان العالم، ربما أشهرها ألمانيا، التي يوجد بها كنيسة »الذكري« بشارع »كودام« بوسط العاصمة برلين، وهي الكنيسة التي تضررت بشدة جراء القصف خلال الحرب العالمية الثانية، فقرر الألمان الابقاء علي المبني التاريخي للكنيسة كما هو بحالته المدمرة، ليكون شاهدا علي مأساة الحرب، ورسالة لملايين السائحين الذين يشاهدونه علي رفض الخراب والدمار الذي تجره الحروب. هذا الاقتراح أقدمه للمجلس الأعلي للقوات المسلحة، ولمحافظ القاهرة، ولكل من يريد تخليد ذكري ثورة 52 يناير، حتي لا يضيع تاريخها سدي مثلما حدث مع ثورة 32 يوليو 2591، والتي ما يزال متحفها حتي الآن خارج نطاق الخدمة!!