هل يستيقظ العالم بعد مجزرة باريس ونشهد تعاونا دوليا فعالا لمكافحة الإرهاب؟ سبق لمصر أن حذرت، بلسان رئيسها، العالم عدة مرات من خطر الإرهاب، وطالبت بضرورة التعاون الدولي لمكافحته والقضاء عليه. حدث ذلك في كل اللقاءات مع رؤساء الدول وفي المؤتمرات الدولية ومن فوق منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة.. ومع ذلك استمرت دول غربية في دعم الإرهاب وفصائله.. تمويلا وتدريبا وتسليحا. ولم يتأخر اتباع هذه الدول الغربية في تلبية طلبات الإرهابيين. والنتيجة اننا الآن بإزاء تنظيمات إرهابية توحشت إلي حد التفاخر بقتل الأبرياء في كل مكان والتباهي بجرائم ذبح البشر وإحراقهم أحياء. وبعد «غزوة مانهاتن» وجرائم لا حصر لها في سوريا والعراق وليبيا والمغرب العربي ومصر وبرج البراجنة في بيروت.. نجد أنفسنا الآن في مواجهة «غزوة باريس المباركة»(!!) بنادق رشاشة ومدافع وأحزمة ناسفة وتفجيرات وعبوات وانتحاريون، وكل ألوان وأدوات إزهاق الأرواح قيد الاستعمال بحيث أصبح الهدف هو القتل من أجل القتل دفاعا عن «الحق» في القتل والإبادة والتخريب، وإثارة أجواء الهلع والرعب لكي يتم إفساح الطريق أمام الإرهاب لكي يحكم العالم. والآن يهددون الفرنسيين بأن «رائحة الموت لن تفارق أنوفهم»، وبأن هذه «الغزوة هي أول الغيث»! كما يهددون الروس «باقتحام الأراضي الروسية وقطع رؤوس أهلها واسترقاق نسائهم وبأن الدماء سوف تتدفق أنهاراً!». هكذا يعلن الإرهابيون الحرب علي العالم. وبالتالي يدخل العالم في حرب طويلة ضد الإرهاب، والنتيجة المؤكدة هي أن تشهد أوروبا إجراءات أمنية لم يسبق لها مثيل، وأن تتم مراقبة المطارات والموانئ والسكك الحديدية وحتي حركة المرور علي الطرق، وأن يجري تقييد الهجرة، وأن يصعد اليمين المتطرف المناهض أصلا للمهاجرين وأن ينظر الأوروبي إلي كل من يختلف عنه في اللون أو الدين أو العرق نظرة شك وارتياب وتوجس، وأن تخيم ظلال كئيبة علي الشوارع والمطاعم والمسارح وتفقد دول عديدة وجهها الحضاري ومناخ الانفتاح ليصبح الأمن فوق الجميع. والمؤسف أن الحديث عن الحرمات وحقوق الإنسان سوف يتواري في نضال أجيال لانتزاع هذه الحريات والحقوق وذلك في ظل التعبئة العامة لأجهزة الأمن. وسوف يساهم في الإجراءات المتشددة حقيقة أن عشرة آلاف أوروبي يقاتلون في سوريا في صفوف تنظيمي «داعش» و«القاعدة». وكان أول ما فعله رئيس فرنسا هو إعلان حالة الطوارئ في كل البلاد، ولو حدث هذا في بلد يثرثر بعض أبنائه عن حق المتطرفين في الحريات وحقوق الإنسان والمصالحة مع الخونة القتلة الإرهابيين لانطلقت أصوات الاحتجاج! مع ملاحظة أن فرنسا تدفع ثمن غض الطرف عن انتماء أحد الإرهابيين في ليلة الجمعة/ السبت للتيار المتطرف وزعم وجود سجل جنائي له فإنه لم يسجن أبدا.. تساهلا من جانبها. وكان اثنان من مهاجمي مجلة «شارلي ايبدو» الفرنسية من المشبوهين وتحت رقابة الشرطة ولكنهما وجدا ما يكفي من حرية الحركة لكي يقوما بعملهما الإرهابي. كلمة السر: مؤتمر دولي ضد الإرهاب