شباب مصر وفتحوا أرض مصر.. أتي شعب وائل غنيم وخالد سعيد ومعهما كل أبناء بلدنا.. خرجوا علينا من مدينتهم الافتراضية الفاضلة إلي أرض واقعنا المر.. أتوا ثائرين شامخين واثقين.. مدوا أيديهم لنا نحن الآباء والأمهات، رفعوا رؤسنا عاليا كتبوا علي شاشة العالم وعلي شات العالم، وغرفه الافتراضية، وعلي فيسه وعلي عينه وعلي راسه »والله وربيت يابا.. والله وربيتي يامّا.. زغرتي ياستي.. وزيح الهم عنك ياجدي.. اضحكي يا بلدي واخلعي توبك الأسود.. كفايانا غم وهم ومرض وجهل وكسرِة نفس، ولقمة عيش متغمسه بسم الفساد، وواقفه في الزور بسبب شربة مية نيل الملوثين«! أستيقظنا نحن شعب وائل غنيم و خالد سعيد، علي هدير صوتهما، وعلي صرخة تلبية النداء من كل اخواتهم الشباب المولودين من رحم مصر أحياء يسبقهم شهداء، وأولاد تسبقهم بنات.. استيقظنا من نومة طويلة مليانه بكوابيس الفساد، وسلب الكرامة، والتنويم والتغييب، والتعذيب في السجون، والقتل العمد في الشوارع، مليانة بسرقة العلاج من المستشفيات، والتعليم من المدارس، والفلوس من البنوك، والكلمة الحرة من الصحافة، والصوت اللي مش مزور من صناديق الانتخاب، مليانة بسرقة العزة من الداخل، والكرامة من الخارج، والحقائق من الأديان، وسرقة جمال صوت المؤذن، وحلاوة صوت جرس الكنيسة! أيقظنا ولادنا الأحرار، من ليالي الصمت الباردة، وسهرات الحزن الباهتة، مسحوا دموعنا السايلة والسالبة من علي الخدود، منحونا قبلة الحياة، ردوا إلينا كرامتنا، وضحكتنا ونكتتنا وحيويتنا ووطنيتنا وولاءنا لبلدنا وانتماءنا لمصر بلدنا! يوم الاثنين الماضي.. انطلقت من سلالم نقابة الصحفيين إلي الميدان - ميدان التحرير والتحرر والحرية - أشيع جسد زميلي الصحفي الشاب الطاهر أحمد محمود، المستشهد برصاص القناصة، هتفت كما هتفت في السبعينيات من أجل تحرير الوطن من احتلال خارجي، ولكن هذه المرة هتفت لتحريره من عدو داخلي، هتفت حتي ضاع مني الصوت، ولكن دون أن تضيع شجاعته، هتفت حتي تواصلت مع أبنائي في الميدان، وحتي أزحت الخوف من طرقات مدينتي، والصدأ من علي واجهات طرقاتها، والقهر من شوارعها، وبقايا الصمت من علي حناجر ساكنيها! تحررت، زادت خطواتي ثقة، ونبراتي اشتعالا، وكرامتي انتفاضا، وابتسامتي اتساعا، رأيت لأول مرة السماء صافية، والشمس مشرقة، والزهرة متفتحة! التحمت في أرض جبهة التحرير بكل أطياف شعبي، صرخت بأعلي صوتي »قوموا قوموا يامصريين.. مسلمين ومسيحيين« قلت كل ما أريد.. صرخت بكل ما أريد، عشت كل ما أريد، فاليوم لن يعود أمس، واليوم صار الابن أبا، وصارت الابنة أما.. صارت الأحلام وردية، والربابه مصرية، والثورة صناعة وطنية!