لم يكن ينقصنا في العالم العربي الا الأبواق المطبلة .حتي تكتمل الجوقة النشاز العازفة علي أوتار شعارات أكل الدهر عليها وشرب، ولم تجلب غير الويلات علي الشعوب العربية. فحين يتنطع حسن نصرالله للحديث عما أسماه هو وزبانيته في بيروت »ثورة الشعب المصري من أجل الحرية واستعادة الكرامة العربية« يتناسي هؤلاء أنهم يمارسون وبقوة السلاح أبشع أنواع القمع والقهر علي الشعب اللبناني الذي ضاق ذرعا بكل الترهات التي تبتدعها مخيلة الشاطر حسن وحزبه لاشغال اللبنانيين عن قضيتهم الاساسية وهي كشف الذين نفذوا سلسلة الاغتيالات السياسية في السنوات الأخيرة ومحاسبتهم لانهاء عهد الافلات من العقاب, بالاضافة الي التحكم الميليشياوي بلقمة عيشهم والتقاسم المافيوي لها. ربما لم يسمع نصرالله وشلته في بيروت الرسالة الواضحة التي أرسلها الشعب المصري ردا علي سيده خامنئي يوم الجمعة الماضي, وفاته أنها ليست محصورة في جهة معينة، بل هي موجهة إلي كل الذين يطلقون التصريحات التي تحمل بين طياتها استهانة بالشعب المصري تحت عنوان التضامن معه, فهذا الشعب الصانع للحضارات لا يحتاج الي خطب جوفاء ومواقف انتهازية مرسلة من السراديب، لا من علي خامنئي ولا من تابعه قفة، ولا الي امكانيات »حزب الله« حتي يضعها نصرالله بتصرفه, لأن حركته السلمية لا تبغي إخضاع الناس بالارهاب والاغتيالات والقتل والقصف الصاروخي، بل يحتاج إلي أن يبِّرد كل أصحاب المخيلات الارهابية المريضة رؤوسهم ويعملوا علي تنظيف بيوتهم قبل التنطع الي انتهاز الفرص لتلويث ثورة الشباب بزيف أطروحاتهم. حديث الافك والبهتان الذي يطلع علينا به حسن نصرالله بين الحين والآخر عن الانتصارات في غزة ولبنان لم يعد ينطلي علي أحد، وخصوصا بعدما رأي العالم أجمع كيف دُمر لبنان وغزة في حربين عبثيتين افتعلهما حزب نصرالله وجماعة »حماس« خدمة لرب عملهما الايراني, فعلي من يضحك هؤلاء، وبخاصة حسن نصرالله، أو ليس من الأجدي لهم ان يخجلوا قليلا! ذاكرة الناس ليست قصيرة يا سيد حسن, فأين كنت وأتباعك من ثورة الشباب الإيراني الخضراء يوم سال دمهم في شوارع طهران، وديست كرامات الناس بأقدام عسكر الگ"باسيج"، وازدحمت المعتقلات بالابرياء الذين خرجوا فقط من أجل السؤال عن أصواتهم التي زورت وفرضت عليهم بقوة الحديد والنار سلطة لا يريدونها؟ لا عليك، فنحن نعرف تماما أن الأوامر يومذاك كانت: اصمت، وابق في جحرك، أما اليوم وبعد أن حركتك ايران أنت وأذنابك في لبنان فقد خرجت حتي تردد صدي صوت نظام الملالي وتنفخ ومن معك ببوق فتنة التدخل بالشؤون المصرية والتونسية، ولكن كل ذلك ليس أكثر من محاولة مكشوفة لركوب الموجة لن تنطلي علي أحد. فلا غرابة اذن أن يظهر المرشد الأعلي اللبناني وسيده في طهران بمظهر الطبيب الذي يداوي الناس وهو عليل, فاذا لم تكن الرسالة الاولي وصلت الي نصرالله، فان الرد الفوري عليه جاء من ميدان التحرير ذاته رفضا قاطعاً لتدخله هو الآخر بالشئون المصرية، ولهذا يصدق فيه القول: أسمعتُ لو ناديت حياً لكن لا حياة »بل لا حياء« لمن تنادي كاتب المقال : رئيس تحرير صحيفة السياسة الكويتية