هل تذكرون معركة »الذمة المالية«؟ انها المعركة التي فرضها أحمد عز علي الصحفيين وعلي كل الشرفاء الذين تصدوا للفساد، والذي كان صعوده السياسي نفسه ونفوذه المالي من علاماته الواضحة! لقد انتهز الرجل فرصة مناقشة مجلس الشعب للتعديلات في قوانين النشر التي استهدفت منع الحبس في عدد من جرائم الرأي، لكي يقوم ب »اختراع« تعديل علي مقاسه الشخصي، يعاقب كل من يتناول الذمة المالية لواحد من المفسدين في بر مصر بالسجن، حتي تسكت الأصوات وترتعش الأقلام في وجه فساد استشري في كل مكان. ورغم كل الضغوط التي مارسها عز، وحشده لنواب الحزب الوطني، وإصراره علي تمرير التعديل المشبوه، فقد واجهته مقاومة شرسة من الصحفيين والرأي العام نبهت الدولة إلي خطورة ما يدبره الفاسدون، وصدر قرار من رئيس الجمهورية بسحب التعديل المشبوه، وسقطت مؤامرة عز، واستمرت الصحافة في كشف العديد من وقائع الفساد، ولنفتح النار علي الزواج المحرم بين المال والسلطة منذ اليوم الأول لهجمة رجال الأعمال علي مقاعد الحكم، ونسلط الضوء علي أكبر جريمة لنهب المال العام في تاريخ مصر.. سواء بصفقات مشبوهة لخصخصة القطاع العام، أو بالاستيلاء علي أراضي الدولة بتراب الفلوس، أو باحتكار سلع مهمة وأساسية وتحقيق أرباح خرافية كما فعل أحمد عز في سوق الحديد. والآن.. وقد جاء وقت الحساب، فإن هذا الحساب لا ينبغي أن يستثني أحدا، وأن يشمل كل الذين ارتشوا والذين رشوهم، والذين عقدوا الصفقات الفاسدة التي مكنت واحداً مثل عز أن يستولي علي أكبر شركة حديد في الدولة دون أن يدفع شيئا، ومكنت غيره من شراء مصانع الدولة بأقل من نصف ثمنها، كذلك ينبغي أن يشمل الحساب من استولوا علي المال العام بدون وجه حق، ومن امتلكوا الجرأة ليخصصوا أراضي الدولة لأنفسهم وعائلاتهم وذوي القربي »دون المساكين بالطبع!« وأيضا هؤلاء الذين أغمضوا العيون عن كل تلك الجرائم، وهؤلاء الذين وضعوا ثقافتهم القانونية في مساعدة الفاسدين في التحايل علي القانون وتقاضوا الثمن: بقاء في مناصبهم، أو ملايين حرام تضاف لحساباتهم! ولاشك أن حزب الفساد يعرف جيدا أن يد العدالة لن تتوقف عند بضعة وزراء أو مسئولين سابقين، بل ستمتد لتعيد كل ما تم نهبه، وتحاسب علي كل جريمة ارتكبت.. ولهذا فإنهم يحاربون بشراسة، وإذا كان بعضهم قد شارك بالتمويل والإعداد في الجريمة البشعة التي تمت باقتحام ميدان التحرير بالخيول والجمال والرصاص الحي، فإنها لن تكون آخر جرائمهم، انهم سيفعلون المستحيل لنشر الفوضي، وسيستخدمون كل أسلحة التآمر من أجل الوقيعة بين شباب مصر وجيشها العظيم، وسيحاولون ممارسة الضغوط الاقتصادية علي الحكومة وربما التلاعب في توفير سلع أساسية في الأسواق، وسيلجأون إلي تخويف الشرفاء في القطاع الخاص وتصوير الحرب علي الفساد علي انها حرب علي هذا القطاع الحيوي والمهم الذي عاني أكثر من غيره من حزب الفساد، حيث كانت المنافسة معدومة، والاحتكار هو سيد الموقف، واستغلال النفوذ يضر بمصالح الشرفاء، وفرض الإتاوات والرشاوي يسد أبواب التطور والنجاح أمام من يحترم القانون ويرفض الخضوع لأباطرة الفساد. سيقاومون بشراسة لأنهم يعرفون ما ارتكبوا من جرائم، ولأنهم يخشون من الحساب ويرتعشون من الوقوف أمام العدالة. وعلينا ألا نعطيهم الفرصة وأن نتحرك بسرعة لمواجهتهم وتقديمهم للعدالة قبل أن يعيثوا فسادا في ربوع الوطن. فلتبدأ المحاكمات فوراً علي كل جرائم الفساد التي تمت.. ولتكشف الحقائق كاملة عن كارثة يوم الأربعاء الماضي ومن يقف وراءها. وليكن هذا إعلاناً بأن مرحلة جديدة في تاريخ الوطن قد بدأت، وأن حزب الفساد لن ينجح في تعطيلها.