أيام العيد كلها فرح وسرور أمرنا فيها بالتوسعة علي الأهل والابناء وصلة الرحم واظهار نعم الله علينا، وهي كلها أمور تستلزم منا الشكر، والشكر مقام رفيع لا يصل إليه جميع المسلمين بسهولة إذ انه يتطلب جهادا كبيرا حتي يتعلم المؤمن العلم بنعمة الله سبحانه وتعالي، فيكون الفرح بالمنعم سبحانه وتعالي لا بالنعمة، وهو أمر يستلزم صفاء القلب عن الشهوات حيث لا تكون لذة الحواس هي المتحكمة في الإنسان بل لذة القلب الناتجة عن ذكر الله ومعرفته ولقائه، وشكر المنعم هو اقرار بالعبودية له سبحانه وتعالي وانه لا شريك له في نعمة التي تفيض بها خزائنه ويجود بها علي عباده قال تعالي: « يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّي تُؤْفَكُونَ»، والشكر يعني الرضا بقضاء الله علي كل حال والتسليم لمشيئته في السراء والضراء اعترافا بفضله وقدرته، ونتيجته النجاة من عذاب الله لأن الله لا يحب كل خوان كفور يجحد نعمه ولا يقر بها، ولان الشكر من أهم صفات واخلاق المؤمن جعله الله مفتاح وختام كلام أهل الجنة كما قال تعالي: « وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ» وقال تعالي: « دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ». والله سبحانه وتعالي يحب ان يحمد لأنه جل شأنه يحب أن يري أثر نعمته علي عبده فالشكر طاعة وإقرار بالعبودية، من هنا كان كتم نعم الله جحودا بقدرة الله ونعمه التي لا تعد ولا تحصي وهو أمر يجر الإنسان إلي هاوية الكفر والعياذ بالله، رزقنا الله وإياكم نعمة شكره وحمده.