لابد ان نعترف اننا وحتي الان لم نستطع استغلال عنصر سياحي مهم يمكن ان يجتذب اعدادا كبيرة من السياح علي جميع دياناتهم وجنسياتهم وبالاخص السياح العرب والمسلمون. هذا العنصر يتعلق بالاثار الاسلامية الفريدة في مصر والتي تروي عظمة الحضارة الإسلامية المتمثلة في النسق المعمارية الرائعة الممتد عمرها إلي عشرات المئات من السنين. وتكتسب هذه الآثار جاذبيتها السياحية من تصاعد الاهتمام في السنوات الاخيرة بالاسلام وتاريخه وحضارته. ولا جدال ان ادخال هذا العنصر لاحتلال مكانته ضمن عوامل الجذب السياحي الاخري التي تزخر بها مصر سوف يوضح لشعوب العالم ان الدين الاسلامي العظيم دين سلام وبناء وتعمير يقوم علي الفكر الخلاق. ان ما تملكه مصر من هذه الآثار الاسلامية يعد ثروة هائلة لابد من الحفاظ عليها اولا.. تأكيدا لدور ومكانة مصر الاسلامية وثانيا لاستثمارها ثقافيا وسياحيا وبالتالي اقتصاديا من خلال العائد الذي يتحقق من برامج الزيارات السياحية. لقد حان الوقت للعمل الجاد المدروس الذي تشارك فيه وزارة الثقافة التي تقود عمليات الترميم والحفاظ علي هذه الآثار وتمويل مشروعات استخدام التكنولوجيا العالمية في ابراز ابهاراتها بالصوت والضوء. وفي هذا المجال لابد ان تدخل وزارة السياحة بل والدولة كلها علي الخط بالدعم والمساندة المادية والمعنوية. ولاجدال ان وزارة السياحة واجهزتها تتحمل جانبا اساسيا من هذه المهمة التي سوف تخدم اهدافها في تنمية حركة السياحة ومحورها ارتفاع اعداد الوافدين وما يترتب علي ذلك من زيادة في الدخل السياحي بالعملات الاجنبية والذي اصبح ركيزة اساسية للاقتصاد الوطني. ان هذه المسئولية تتطلب ان يكون لهذه الآثار الاسلامية نصيب وافر في الحملات الدعائية وفي جهود التسويق والترويج التي تقوم بها وزارة السياحة والشركات السياحية المحلية. كم ارجو ان يكون للمواقع الاسلامية التي تم تطويرها من خلال خبراء وزارة الثقافة مكان في المعارض السياحية الدولية التي نشارك فيها ضمن عملية تسليط الاضواء علي اثار باقي الحضارات الدينية التي تزخر بها مصر والتي تتعلق بالديانتين المسيحية واليهودية. هذا ولا جدال يساهم في التأكيد علي ان بلدنا بأغلبيته المسلمة كانت ومازالت مهدا للتسامح الديني الذي يتفق وماجاء في القرآن الكريم وكل معاملاته علي مدي التاريخ. لعل ما يدعو إلي التفاؤل في مسيرة الحفاظ علي الاثار الاسلامية وابراز معالمها ثقافيا وسياحيا بالترميم والاضاءات الحديثة والذي تتولاه مؤسسة الصوت والضوء من خلال الاستعانة بالخبرة العالمية المتخصصة كان له الفضل في تقديم هذه الاثار في صورة تفوق الخيال. يشهد علي هذا الواقع بشكل مثير شارع المعز لدين الله الفاطمي في حي الجمالية الذي تحول إلي تحفة فنية فائقة الجمال ابهر كل من اتيحت له الفرصة لزيارته والسير فيه سواء كانوا مصريين أو عربا أو أجانب. نفس الشئ تحقق ايضا في قلعة صلاح الدين بالقلعة والتي تحولت بالتطوير والاضاءة إلي مزار وساحة للاحتفالات الرسمية والسياحية والثقافية التي تتيح للمترددين التمتع بعبق الحضارة الاسلامية. وبعد النجاح الكبير الذي تحقق لمشروع شارع المعز بدأت وزارة الثقافة مشروعا اضخم واعم يشمل انارة كل معالم حي الجمالية الاثرية بأزقته وشوارعه الضيقة وبما تحتويه من وكالات وأسبلة للمياه ومساجد تعود الي عصور اسلامية مختلفة.. وفي اطار هذا المشروع يجري صيانة وترميم 02 أثرا في هذه المنطقة منها علي سبيل المثال حارتا التمبكشية والصالحية الواقعتان علي جانبي شارع الجمالية. كما تجري حاليا عملية ترميم وكالة اودة باشا التي يعود عمرها إلي اكثر من ثلاثة قرون مضت. ومن المتوقع وفقا لما اعلنه فاروق عبدالسلام وكيل اول وزارة الثقافة والمسئول عن هذا المشروع ان ينتهي العمل بكل منطقة حي الجمالية الاثرية في العام المقبل وفقا للبرنامج الزمني. أضاف بأن فاروق حسني وزير الثقافة يتابع باهتمام بالغ سير العمل اسبوعيا للوقوف علي مراحل التنفيذ والانجاز. وقد كان من الطبيعي ان تمتد عمليات التطوير إلي البنية الاساسية داخل هذا الحي وكذلك واجهات المحلات التجارية واللافتات بما يتفق والطابع الاسلامي الاصيل. ولان كل العالم يعرف الاديب العالمي المصري نجيب محفوظ صاحب جائزة نوبل فانه يتم التركيز علي المواقع الاثرية التي جاء ذكرها في رواياته الشهيرة.. لتكون نماذجها ضمن محتويات مركز نجيب محفوظ الثقافي الذي سيقام في تكية ابوالذهب. من خلال هذه الجهود يمكن القول اننا علي أبواب مرحلة استثمار ثقافي وسياحي لثروتنا من الاثار الاسلامية. [email protected]