رغم ترويج إسرائيل لقلقها من الأوضاع الأمنية في سيناء، إلا أن واقع الحال يشي بأنها المستفيد الأول من سجال التنظيمات الإرهابية أمام قوات الجيش، فأجهزة الدولة العبرية تبحث عن ثغرة منذ التحول السياسي في مصر، لتبرير ضلوعها في المشهد الأمني، وتسويق فكرة الدفاع عما تصفه بحدودها. وإذا كان ذلك هو المعلن فالمسكوت عنه وتتفادي إسرائيل التعريض به، هو محاولة خلق واقع أمني، يفرض علي المصريين عمقاً استراتيجياً إسرائيلياً جديداً في سيناء، وهي الفكرة ذاتها التي سبق وطرحها الچنرال جيورا آيلند، عندما دار الحديث عن تدشين وطن بديل للفلسطينيين في سيناء، وإعادة احتلال قطاع غزة إسرائيلياً. لواء اسرائيلي وفي حين أحبط الجيش تطلعات إسرائيل التوسعية، عندما دك معاقل التنظيمات الإرهابية في الشيخ زويد والعريش، تصر إسرائيل علي تنفيذ أهدافها، ولم تستنكف الحديث عن تلك الأهداف علانية عبر دوائر استخباراتية وعسكرية في تل أبيب، إذ نقل تقرير نشره موقع «دبكا» العبري عن دوائر اسرائيلية قراراً عسكرياً، اتخذه قائد أركان جيش الاحتلال «جابي أيزنكوت»، وينص علي تشكيل لواء إسرائيلي جديد، يضم أربع وحدات من قوات الكوماندوز، لتنفيذ عمليات نوعية غير تقليدية ضد العناصر المتطرفة في عمق الجبهتين الشمالية مع سوريا ولبنان، والجنوبية مع مصر! وفي تصريحات وسط دوائر ضيقة داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، استعرض أيزنكوت بحسب «دبكا» ما وصفه بحتمية تشكيل لواء العمليات الخاصة الجديد، مشيراً إلي: «إن التنظيمات الإرهابية وفي طليعتها «داعش»، واجهت خلال الآونة الأخيرة انتقادات لاذعة علي خلفية إحجامها عن توجيه ضربات لإسرائيل، ما يؤكد أنها باتت بحاجة للاحتفاظ بموقعها واكتساب ثقة المعسكر الإسلامي، وليس ثمة شك في أن توجيه ضربة لإسرائيل سيخدم تلك التنظيمات». تطمين للتنظيمات التقرير العبري والمعلومات بالغة الخطورة التي يحملها، عكست رغبة تل أبيب في إطلاق بالون اختبار أمام المصريين، وربما كان الطرح الإسرائيلي معبراً لتمرير رسائل تطمين للتنظيمات الإرهابية، التي تساقطت عناصرها في مشهد غير مسبوق أمام قوات الجيش المصري، ولعل ما يدعم مؤازرة اسرائيل للتنظيمات الإرهابية، هو حديثها المُعلن عن تشكيل وقوام لواء الكوماندوز الذي تتحدث عنه، ففي حين تحظر الدوائر الرسمية وغير الرسمية في إسرائيل الحديث صراحة عن قواتها الخاصة، أو العمليات التي تعتزم القيام بها، خالفت منهجها في تلك المرة، وأعلنت أدق تفاصيل الوحدات الأربعة في اللواء، مشيرة إلي الملف العسكري للعقيد «ديڤيد زيني»، وقالت أنه يبلغ من العمر 41 عاماً، وكان قبل توليه قيادة اللواء الجديد يقود فرقة كوماندوز إسرائيلية، وقبلها قاد فرقة «أليكسندروني» للعمليات الخاصة. واستكمالاً لمحاولة إطلاق بالون الاختبار أمام المصريين، قال قائد أركان جيش الاحتلال: «إن القيادة العسكرية في تل أبيب ستكون حريصة قبل تنفيذ عملياتها الخاصة ضد الإرهابيين علي التنسيق مع المصريين، لضمان عدم المساس بسيادة الجارة الجنوبية»!، واستكمل أيزنكوت شرح مكونات لواء القوات الخاصة الإسرائيلي الجديد، مشيراً إلي أنه يتألف من أربع وحدات، الأولي: وحدة «مجلان»، ويعتمد عناصرها علي وسائل قتالية تكنولوجية بالغة السرية، وتم انتقاء عناصر الوحدة الخاصة من سلاح المدرعات. الثانية: «دوڤدڤان»، وهي قوات مكلفة بتصفية عناصر متطرفة أو تحييدها من خلال إلقاء القبض عليها، اعتماداً علي مجموعات قتالية متفرقة في عمق أرض «العدو» بحسب وصف التقرير العبري. الثالثة: «وحدة «الجوز»، وهي قوات إسرائيلية خاصة، تقوم بعمليات حرب الشوارع، التي لا تغاير نمط وأسلوب العمليات التي تقوم بها العناصر المتطرفة. ساحات قتال الرابعة: وحدة «ريمون»، وهي تلك الوحدة التي يقوم عناصر بعمليات سرية يُطلق عليها «العمليات المستعربة»، للقبض علي كوادر متطرفة، وتصفية عناصر إرهابية في ساحات قتال بالغة التعقيد. ورغم النعوت والأوصاف الكبيرة والمهام القتالية بالغة الأهمية التي خلعتها تلك الوحدات العسكرية علي نفسها، إلا أن التجربة علي الأرض أثبتت فشل الوحدات ذاتها في كافة المعارك، خاصة خلال العدوان الإسرائيلي الأخير علي قطاع غزة، المعروف إسرائيلياً ب«الجرف الصامد».