استيقظ المصريون في الاسبوع الماضي علي أخبار مفرحة. اخيرا وبعد طول نشفان ريق، طالبت محكمة القضاء الاداري الحكومة بضرورة وضع حد ادني للاجور تطبيقا للدستور الذي يدعو الي تحديد كل من الحد الادني والاقصي للاجور. فرحنا لان الشئ الوحيد الذي لم نسمع به طوال حياتنا سوي مرة واحدة هو اجتماع المجلس القومي للاجور عام 2007 . وفي ظل هذا الغلاء القاصم لظهر المواطنين، اصبح الحد الادني الحالي »122 جنيها« لايوفر معيشة لأرنب. ويمكننا ان نضع الآن هذا الحد الادني، اذا قارنا ما يمكن ان يشتريه الحد الادني للاجور زمان من سلع وخدمات بما يمكن أن يشتريه الآن.. بعد ثورة يوليو 1952 كان الحد الادني للاجر هو 18 قرشا في اليوم كانت تشتري 1.5 كيلو جرام من اللحم في الريف و 1.2 كيلو جرام في المدن. ويقول الباحث الاقتصادي احمد السيد النجار انه اذا كان العامل في ذلك الوقت يعمل 25 يوما في الشهر، فان الاجر الشهري الحقيقي كان يشتري 34 كيلو جراما من اللحم، وهذا يعادل 1700 جنيه اليوم. واذا تتبعنا تطور الحد الادني للاجور وقدرتها الشرائية في الماضي فسنجد ان هذا الحد قد ارتفع عام 1987 في القانون 47 ، 48 إلي 61 جنيها، كانت تشتري وقتها 023 كيلو ارز، وكان الحد الادني الشامل في ذلك الوقت متضمنا الحوافز والبدلات 22 جنيها كانت تشتري 044 كيلو ارز، ثمنها الآن 0231 جنيها. وفي عام 4891 زاد الحد الادني للاجور إلي 53 جنيها ثم ارتفعت الآن إلي 211 جنيها، وبذلك يحتاج هذا الحد الي صدمات كهربائية عديدة كي تنتشله من مرقده. وفي الاجتماع اليتيم للمجلس القومي للاجور عام 7002، رأي المجلس رفع الحد الادني للاجور إلي 004 جنيه في حين طالب الاتحاد العام للعمال بزيادته إلي 006 جنيه. ونظرا لارتفاع معدلات التضخم في 0102 عنها في 7002 فإن رقم الاتحاد العام للعمال يجب ان يزيد إلي 008 جنيه. ويري البعض ان الحد الادني الآن الذي يضمن حياة كريمة للمواطن المصري يجب الا يقل عن 0021 جنيه وعلي الفور لن يقول المخلفون من الحكومة: خدعتنا اموالنا واهلونا ولكن سيردون: منين نجيب كل هذه الحدود الدنيا؟ والرد ببساطة ان ذلك يمكن من خلال خطة محكمة لاعادة توزيع الاجور بعدالة شديدة بين اصحاب الحدود الدنيا والحدود القصوي بألا يزيد الاخير عن ان يكون 51 ضعف الاول عكس ما هو جار الآن من فجوة سحيقة بين المعدمين واصحاب الدخول الشهرية المليونية. لو تم ذلك فإن كثيرا من مظاهر الفساد والافساد في المجتمع سوف تنتهي كالرشوة والمحسوبية والاضراب غير المعلن والوقفة الاحتجاجية امام الالة بتعطيلها عمدا علي اساس النكتة التي انتشرت بين العاملين »الحكومة بتتظاهر انها بتعطينا مرتبات واحنا بنتظاهر اننا بنشتغل«. فاذا كفلنا للجميع حدا ادني كريما من الاجور نستطيع عندها ان نقطع يد او رقبة المرتشي والفاسد فلم يعد له مسوغ او حجة او مبرر. اما الآن فكيف نحاسب من لم يستطع ان يؤمن قوت يومه فما بالك اذا كان عنده اولاد. وكيف نعاقب من لم يدخل اللحم بيته الا في العيد. وكيف نطالب عاملا بمضاعفة انتاجه وهو يترك زوجته مريضة دون ان يستطيع توفير العلاج لها. نستطيع ان نضع عشرات »الكيفات« عن معاناة محدودي الدخل في كل خطوة يخطونها اليوم بعد ان اصبحت كل خطوة بفلوس. هؤلاء لايفكرون في اللحمة او المصيف او حتي الفسحة في الجناين. كل ما يفكرون فيه هو الستر والصحة.. هل ذلك بعزيز؟ اعتقد لا.. فقط ضعوا حدا ادني عادلا للاجور وسوف يسعد هذا الشعب العظيم.