لأول مرة أكتشف أنني أتحرك علي قدماي بذبحة صدرية وأنا لا أدري.. الحياة تشدني ومشاغل الدنيا أنستني آلامي ثم يفاجئني الطبيب بأن حياتي في خطر، اذ طلب مني التوجه فورا إلي اقرب وحدة عناية مركزة وخيرني مابين مستشفي دار الفؤاد أو وحدة العناية المركزة في كارديوتك « بمستشفي الدكتور ابراهيم بدران «.. وقفت أمامه مذهولا فقد اعتدت أن اسمع منه نصائحه في انقاص الوزن لكن هذه المرة قال لي « للأسف حالتك في خطر، ومطلوب الآن أن تخضع لبعض الأجهزة والمحاليل وفي الصباح سوف نجري لك قسطرة علاجية واذا لزم الأمر أن نركب لك دعامات حسب حالة الشرايين.. - تركته وأنا احمل معي خطاب الدخول في كارديوتك لقربها من سكني ولنا فيها تجربة سابقة مع عديلي القبطان صلاح جمعة وأن الذي اختارها له هو ابني الدكتور حسام غنيم علي اعتبار أن الذي أسسها طبيب شاب من خيرة الشباب وهو الدكتور كريم مشهور فأصبحت جزءاً من أوروبا في الرعاية المركزة.. دارت في ذاكرتي أحداث كثيرة أحسست أنني أدفع ثمن إهمالي فجميع الأطباء الذين كنت أتردد عليهم داخل مصر وخارجها كانوا يطالبونني بإنقاص وزني وأذكر دكتور دونالدسون في لندن أعاد لي قيمة الكشف في عصبية وهو يعتذر عن عدم فحصي بسبب زيادة الوزن وعدم سماعي الكلام في انقاصه.. - قررت أن أرتب نفسي للسفر فورا إلي فرنسا لأنني أعرف أن حالتي أكبر من عملية قسطرة في القلب وفي مدينة « تولوز « حيث يوجد جراح القلب العالمي « مستر ميشيل فراجيدل» هذا تخصصه لأنني أعرف بوجود مشكلة عندي اكتشفتها منذ مايقرب من ثلاثة أعوام وهي انسداد في الشريان الرئيسي بنسبة 60 في المائة وفي الشريان الامامي بنسبة 40 في المائة معني الكلام أن حالتي محتاجة إلي عملية قلب مفتوح فقد يقرر الدكتور عمرو حسان بعد القسطرة أنني في حاجة إلي مثل هذه العملية.. - عدت إلي بيتي والمخاوف تمزقني دخلت علي صغيرتي « وسام « في غرفتها والساعة قد اقتربت من الثانية صباحا أطل في وجهها وهي في نوم عميق.. كيف تستيقظ علي خبر وجودي في العناية المركزة.. قررت أن أنام في سريري وأترك شأني لارادة الله يفعل مايريد فأنا عبده الضعيف وهو صاحب القرار.. فضلت أن ألقي وجه ربي علي سريري وبين أسرتي، لكن كبري بناتي « سماح « لم تهدأ طوال الليل فقد كانت تعيش معي هذه الساعات القاسية كانت تُلِّح أن تأتي برفقة زوجها « محمد شعبان « ليصطحبوني إلي المستشفي ولأني أعرف أن طبيعة عمل زوجها كمدير فني لمحطات « سي بي سي « ويستيقظ مبكرا اعتذرت وقضيت ليلتي في فراشي.. إلي أن جاء الصباح فكلفت ابنتي سماح بترتيب سفرنا إلي فرنسا.. واتصلت بإبني وصديقي الدكتور حسام لأضعه في الصورة ولأنني أعرف أن قراراته صائبة فقد كنت ابحث معه عن طريقة للسفر إلي فرنسا بعد أن رفض الدكتور عمرو حسان السفر لخطورة حالتي اقترحت أن اعرض نفسي علي الدكتور جلال السعيد وهو عالم في القلب ليقول رأيه في قرار السفر فكان من المؤيدين لقرار الدكتور عمرو حسان بخطورة حالتي ومحظور سفري تحسبا من ضغط كابينة الطائرة.. ومطلوب أن استعد فورا للقسطرة العلاجية وبدون تردد، واصطحبني ابني الدكتور حسام إلي وحدة العناية المركزة في « كارديوتك « وفي صباح اليوم التالي كانت شريكة عمري وبناتي يصطحبونني إلي غرفة العمليات وأنا محمول علي تروللي لا أعرف هل اخرج بنفس الطريقة التي دخلت بها أم....... - دعوت ربي أن يمهلني أياما ارتب نفسي مع بناتي، ابني الكبير» الدكتور حسام» شق طريقه وأصبحت في رقبته أسرة، وكبري بناتي « سماح « رزقها الله بزوج اقرب لها مني فهو الزوج والأخ والصديق وصاحب القلب الطيب ،اما الصغيرة « وسام « فلم تأخذ نصيبها مني كأخواتها لا في الزفاف ولا في إعداد بيت الزوجية مع أن الله أهداها شابا علي جانب كبير من الخلق وهو « المهندس محمد قاضي « والاثنان يخططان لمستقبلهما، وكم تمنيت أن أكون بجوارهما.. أما شريكة عمري « سمية الشجيع « التي شاركتني في الحلوة والمرة فتحملتني حتي صرت اسما وأبا عاشقا لأسرته.. كل هذا كان في خاطري وأنا أناجي رب العباد بأن يهون من مصيبتي حتي ولو بتركيب دعامة أو دعامتين.. المهم ألا أسمع خبرا قد يصيبني بسكته قلبية وهو اعادة الحال إلي ما كان عليه وإجراء عملية قلب مفتوح.. وتمضي لحظات ويقترب ابني وهو يهمس في أذني مبروك يابابا.. حالا سوف يفاجئك الدكتور عمرو بما يسعدك.. واسمع من الدكتور كلاما فهمت منه أنه قام بتركيب دعامة واحدة في الشريان الرئيسي لقد استجاب الشريان لعملية التوسيع وتركيب الدعامة وأصبح يعمل بقوة 60 في المائة وتنفست الصعداء.. - لا تتصوروا فرحتي وأنا استرد أنفاسي.. شكرا لله لقد كتب لي الحياة لأري صغري بناتي وطرحة الزفاف فوق رأسها وحفيدي « عمر « الذي يدرس الآن في مانشستر يأتيني ليرتمي بين أحضاني.. وها أنا أمسك القلم لأسطر ما يجري في وجداني.. أحني رأسي لقارئي الذي أعطاني الحب فأخذت من وقته مساحة لعله لا يكون نادما أن شاركني في آلامي.. وأتمني لكل من يحمل وزنا أن يخففه حتي لا يتعرض إلي حالتي.