سيسعى العديد من قادة الأحزاب الصغيرة إلى مساومة نظرائهم الكبار حتى يتمكنوا من تشكيل أغلبية هناك نوع من الاجماع بين المراقبين علي ان الانتخابات العامة البريطانية والتي ستجري الخميس القادم تعتبر الأكثر غموضا منذ الحرب العالمية الثانية في ظل عدم قدرة أي من الأحزاب السبعة التي تخوض الانتخابات علي تأمين المقاعد الكافية في البرلمان التي تسمح لاي منها بتشكيل الحكومة.. في الوقت الذي تشير فيه التوقعات إلي أن الحزبين التقليديين الكبيرين (المحافظين والعمال) لن يتمكنا من تأمين الأصوات الكافية لكل منهما لضمان تشكيل الحكومة منفردا بسبب السخط الشعبي والتآكل الكبير في شعبيتهما ورغم اقتراب عملية التصويت فلم تتضح حتي الان شكل الائتلافات السياسية التي ستحكم بريطانيا لمدة 5 أعوام قادمة. سيطرت علي حملات الاحزاب قضايا رئيسية تعلقت بالاقتصاد والنظام الصحي والهجرة فقد اتهم المحافظون العمال وحكومتهم السابقة بزيادة الضرائب وكذلك معدل الانفاق المرتفع المدمر للاقتصاد، اما العمال فقد اتهموا المحافظين بالفشل في منع الشركات من التهرب من الضرائب، كما أن أصحاب أموال المضاربة يحظون بدعم وافر حزب المحافظين واتهموا حكومة كاميرون بتعميق الهوة بين الفقراء والاغنياء بسبب سياستها التقشفية. في نفس الوقت واصلت الأحزاب سياسات جلد الآخر، وتوجيه الانتقادات الحادة لقدرة أي منها علي تشكيل حكومة تخدم الناخب البريطاني.العمال اتهم المحافظين بأنهم حزب الأغنياء وبأنهم يرغبون في تدمير الاقتصاد البريطاني عبر الدعوة لإجراء استفتاء للخروج من الاتحاد الأوروبي في 2017، والمحافظون شككوا في قدرة زعيم العمال علي قيادة البلاد إلي جانب انتقاده بسبب ما يصفونه بإعادة جباية الضرائب. حتي المتحالفين مع بعضهم البعض لم يسلموا من توجيه سهام الاتهام من جانب كل منهما للاخر فقد اتهم نك كليج نائب رئيس الوزراء البريطاني وزعيم الليبيراليين الديمقراطيين، حليفه المحافظ بمواصلة تقليص الموازنة من باب المزاج وليس الضرورة وقد اشتدت المنافسة بين الأحزاب الصغري للفوز بالمرتبة الثالثة في الانتخابات حيث تنافس الحزب الديمقراطي الليبرالي مع حزبي (القومي ) و(الاستقلا ل) حتي يكون كل منهم رمانة ميزان الانتخابات. وسعيا لاستمالة الناخبين قطعت كل الاحزاب علي نفسها برامجا ووعودا مغرية فقد قدم حزب المحافظين برنامجا تضمن التعهد بالسماح ل1.3 مليون شخص من مستأجري الإسكان الاجتماعي بشراء منازلهم، كما وعد بإنشاء 400 ألف وحدة سكنية، وزيادة الإنفاق علي الرعاية الصحية إلي 8 مليارات استرليني بحلول عام 2020 ورفع حد ضريبة الدخل إلي 12500 جنيه استرليني ويعتزم الحزب تطبيق اجراءات لمكافحة الإرهاب منها منع الشباب من السفر للعراق وسوريا ومنع دعاة التطرف من دخول البلاد وحظر المجموعات التي تنشر الكراهية ومنح سلطات الأمن صلاحيات خاصة من بينها حرية الوصول لكافة بيانات وسائل الاتصال وإجراء استفتاء علي عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي وتطبيق اجراءات جديدة للحد من الهجرة اما حزب العمال فقد ركز علي علي خفض العجز في الميزانية ورفع الحد الأدني للأجور وتأمين الموارد المالية للأسر البريطانية العاملة وتجميد الضرائب ، وتجميد فواتير الطاقة إضافة إلي تخفيض الرسوم الدراسية من 9000 جنيه إسترليني سنويا إلي 6000. وتقديم خدمات جديدة لرعاية الأطفال بالنسبة للأسر العاملة.وإصلاح الاتحاد الأوروبي وليس الخروج منه حيث ان الخروج يعد الخطر الأكبر علي التجارة البريطانية. وفي ظل التقارب بينه وبين حزب المحافظين في استطلاعات الرأي سيقوم حزب العمال بمد فترة إجازة الأبوة المدفوعة الأجر إلي الضعف لتصبح شهرا إذا فاز بالانتخابات. أما الحزب القومي الاسكتلندي والذي سيكون رمانة ميزان الانتخابات وقد يحصل علي 49 مقعدا. فيضع علي رأس برنامجه منح برلمان اسكتلندا السيطرة الكاملة علي نظامها الضريبي وإنهاء سيطرة برلمان ويستمينستر في لندن علي هذا الشأن. وما زال الحزب ملتزما بفكرة امكانية طرح استقلال اسكتلندا عن المملكة المتحدة في استفتاء جديد خلال السنوات العشر المقبلة، خاصة وأن السلطات البريطانية لم تنفذ وعدها بمنح الاسكتلنديين المزيد من الاستقلالية في إدارة شئونهم كما وعدوا قبل عام لاقناعهم برفض الاستقلال الكامل عن المملكة المتحدة،كما يطالب الحزب ايضا بإغلاق محطات الطاقة النووية لآثارها البيئية، وهي قضايا شائكة تجعل أي تحالف مع هذا الحزب مسألة صعبة جدا. وكان هذا الحزب قد ظهر بقوة في انتخابات 2007 كأكبر حزب في اسكتلندا بعد ان تراجعت شعبية حزب العمال صاحب القوة التقليدية هناك، وهوماجعله صاحب أغلبية مطلقة في البرلمان الإسكتلندي عام 2011، ويهدد هذا الصعود حزب العمال نظرا لحصوله علي أصوات من كانوا يؤيدون من قبل حزب العمال، وهو ما دفع البعض إلي التكهن برغبة حزب العمال في التحالف معه وهي رغبة ينفيها حتي الآن اد ميليباند زعيم العمال. اما حزب الخضر( يسار) فيطالب بتمويل التعليم من خلال نظام الضرائب التصاعدية ووعد بخفض الرسوم الجامعية إلي الصفر، ورفع الحد الأدني للأجور إلي 10 جنيهات إسترليني في الساعة بحلول عام وتشير تقديرات روب فورد كبير المحاضرين في العلوم السياسية بجامعة مانشستر إلي أنه يوجد الآن 22 دائرة انتخابية أخري تخضع لسيطرة الخضر من بين 650 دائرة يجب أن يتشبث بها "العمال" أو يفوز فيها لكي يكسب الانتخابات ومن غير المرجح أن تسبب سياسة حزب الخضر المعادية للتقشف زلزالا سياسيا كالذي أحدثه زعيم اليسار اليوناني أليكسيس سيريزا، لكن استطلاعاً اخير للرأي أشار إلي أن التأييد الذي يتمتع به الخضر بلغ 11%. ويطالب الحزب الوطني البريطاني وهو حزب يسعي إلي الحفاظ علي العرق الأبيض البريطاني، الذي كان موجوداً قبل عام 1948 الي تقديم الحوافز للمهاجرين للعودة لبلادهم، وإلغاء التشريعات المناهضة للتمييز عام 2020. لكل ذلك تدور نتائج الانتخابات حول عدد من الاحتمالات التالية: يتمكن احد الاحزاب من الفوز بالاغلبية ومن ثم يشكل الحكومة بمفرده لكن هذه الفرضية تشترط حصول هذا الحزب علي 326 مقعدا علي الاقل من مقاعد مجلس العموم البالغة650 مقعدا، لكنه احتمال ضعيف بسبب تراجع نفوذ الحزبين الرئيسيين والانقسامات علي الساحة السياسية. حكومة تحالف..حيث يضطر اي من الحزبين (العمال او االمحافظين) تشكيل حكومة تحالف مع حزب اوحزبين مثل الحكومة السابقة التي شكلت من المحافظين والليبراليين الديموقراطيين، لذا فقد يتكرر نفس السيناريو او يفضل الليبراليون التحالف مع العمال وقد يضطر كل من المحافظين اوالعمال التحالف مع حزب الاستقلال او الحزب القومي الاسكتلندي حكومة اقلية وفيها يقوم كل من العمال والمحافظين منفردين بتشكيل حكومة اقلية في حالة حصولهما معا علي اقل من 326 مقعدا، الا انها ستكون حكومة هشة يصعب استمراها خمس سنوات. وستضطر دائما إلي السعي للحصول علي موافقة الاحزاب الصغيرة لدعمها خلال عمليات التصويت المهمة مثل الموازنة انتخابات جديدة وهو ان تتم الدعوة سريعا لاجراء انتخابات جديدة علي امل خروج أي من الاحزاب بالاغلبية.