لك ان تتخيل ان والدتي بعد طلاقها من والدي تزوجت من المخرج الكبير عادل صادق أمد الله في عمره وظل والدي يعمل معه وقدما سوياً عدداً من المسلسلات والأفلام والمسرحيات كان والدي من الأضلاع الأساسية والهامة لفرقة الفنانين المتحدين التي أسسها المنتج الكبير أمد الله في عمره سمير خفاجة وقدموا سوياً العديد من العلامات التاريخية في المسرح المصري الحديث، وكانت الفرقة تعتمد علي بعض الوجوه الثابتة ومنهم الچوكر حسن مصطفي أطال الله في عمره الذي تألق في الفرقة مع جيل فؤاد وشويكار واستمر تألقه معهم بعد ذلك عند ظهور جيل الشباب وقتها عادل امام وسعيد صالح أحمد زكي ويونس شلبي، وأظهر الفنان حسن مصطفي قدرات كوميدية كبيرة ومميزة عندما وضعته الظروف في مقارنة مع الفنان العظيم رائد المسرح عبد المنعم مدبولي وقام بإنقاذ الموقف وحل مكانه بديلاً لدور ناظر المدرسة في مسرحية مدرسة المشاغبين لعلي سالم بعد اعتذار مدبولي عن الدور، وكانت وكأنها ترقية من دور الملواني الذي قام به عبد الله فرغلي بعد ذلك إلي دور الناظر وقد قام حسن مصطفي باقتدار بأداء الدور الذي وضعه في مكانة كبيرة في قلوب الشعب المصري بالكامل، ثم أكد ذلك في دور رمضان السكري في مسرحية العيال كبرت التي كتبها والدي في منتصف السبعينيات وهو الدور الذي اصبح ايضاً بعد ذلك محطة هامة في تاريخ هذا الفنان الكبير .. كان الحاج احسن كما كان يناديه والدي والفنانة الكبيرة ميمي جمال من أقرب الأصدقاء إلي والدي وكانا من زوار شقة الدقي وكثيراً ماكان يتدخل والدي ويشاركهما في حل مشاكلهما الزوجية والشخصية فقد كان بمثابة الأخ لهما.. يتعارك مع الحاج احسن من أجل ميمي أو العكس ولذلك كانوا يطلقون علي والدي (حائط المبكي) فكل من كان في قلبه هم أو مشكلة يحضر لزيارة والدي الذي ينجح بقدرات فذة في تحويل المشكلة إلي مزحة تجعل من الشاكي والمهموم شخصا آخر وتلك كانت عبقرية والدي في احتضانه للجميع وتحويل كل مأساة إلي كوميديا.. لك ان تتخيل ان والدتي بعد طلاقها من والدي تزوجت من المخرج الكبير عادل صادق أمد الله في عمره وظل والدي يعمل معه وقدما سوياً عدداً من المسلسلات والأفلام والمسرحيات!!! وكنت أتعجب من هذه القوة والمقدرة علي التعامل مع موقف مثل هذا بهذه الدرجة من البساطة وكنت أسأله وكان يرد بردود كوميدية (مستحيل اقولهالكوا طبعاً) ولكن هذا هو بهجت قمر يتحمل ويحول المأساة إلي (إفيه) يمحو كل الآلام والمشاعر السلبية.. ولكنني أدركت الآن ان حرص والدي علي صداقة المخرج عادل صادق واستمرار هذه العلاقة بعد زواجه من أمي كان لكي يبعد عني أي عقد أو مشاكل مع زوج الأم فعندما أراه في منزلنا في شقة الدقي يكون الأمر أبسط وهو ما ساعد بالفعل علي علاقة جيدة للغاية مع زوج أمي الذي عشت معه فترة طويلة من حياتي في كواليس المسلسلات التلفزيونية. أتذكر وقت أن كان السؤال الأوحد في مصر في فترة من الفترات في منتصف الثمانينيات (مين هو البرادعي) فقد حيرنا مؤلف مسلسل (وتوالت الأحداث عاصفة) لعبد الله غيث علي مدار ثلاث عشرة حلقة بالتمام والكمال( قبل مسلسلات ال90 حلقة والرغي ده) وكانت كل المعلومات المتاحة صوتا مجهولا عبر التليفون يردد (انا البرادعي يا رشدي) وقد كان الفنان حسن مصطفي يقوم بدور رجل طيب في المسلسل وكنت أداوم علي سؤاله أثناء عرض المسلسل عند زيارته لنا حول حقيقة البرادعي وكان يتهرب من الإجابة حتي كانت المفاجأة في الحلقه الأخيرة وفاجأنا الفنان حسن مصطفي بأنه هو نفسه البرادعي وهو الأمر الذي سبب لي بسبب صغر سني نوعا من القلق والخوف منه واتذكر انني كنت اعمل له بعدها ألف حساب! كان والدي يعاني من عدم سمعاني للكلام بسبب تدليله لي بعد ان جئت للعيش معه بعد فترة من العيش مع والدتي فقد كنت وحيده، وكان الحاج احسن دائماً ينتقد سهري ومواعيد نومي التي لا تتناسب مع سني الصغيرة، واتذكر انني وعدته ان أنام مبكراً، وفي يوم كنت أجلس بجوار والدي علي فراشه وحوله عدد من الأصدقاء وكان الوقت متأخراً ففوجئت بالفنان حسن مصطفي وقد حضر إلينا فجأة فارتبكت بسبب أنني قد أخلفت بوعدي معه في مسألة النوم المبكر فقفزت من جانب والدي دون ان يشعر بي أحد واختبأت أسفل الفراش وحضر الفنان حسن مصطفي وجلس معهم بالغرفة وسأل والدي عني الذي أجابه توقعاً منه أنني نمت وبدأوا في الكلام والحكي كمجموعة رجال يحكون ويتبادلون النكات والقفشات اللاذعة (كانوا أصيع ناس وأخف دم في مصر) مرت الساعات وأنا جالس تحت الفراش لا أستطيع الخروج، مبهور بما أسمعه ومذهول وأكاد أجزم ان ماسمعته كان نقطة فارقة في طفولتي وموقفا قضي علي كل ما تبقي لدي من براءة طفل صغير (وتخين). دنا سمعت مصايب. سلامو عليكو.