حزنت لما شاهدته في الأيام الماضية من النصب والاحتيال الذي يقوم به مجموعة من الأفراد تحت شعار الربح السريع والاستثمار، وذلك من خلال استغلال مجموعة من المواطنين ذوي الثقة لأهل القرية أو المنطقة. وتحت ضغط الرغبة في الربح السريع والحاجة وعدم الوعي. فيظهر بين الحين والآخر أمثال هؤلاء: الريان- والمستريح...وآخرون. والحقيقة أن التعامل مع المؤسسات المالية الرسمية هو الوسيلة الآمنة والوحيدة لحماية المواطنين والمجتمع من أمثال هؤلاء المستغلين والنصابين. شهد العقد الأول من القرن الواحد والعشرين اهتماما عالميا بأهمية التعليم والثقافة المالية للمواطنين. إن فكرة تطوير الثقافة المالية كمشروع قومي أصبح يتطور بسرعة. هذه الثقافة والتوعية المالية يشترك فيها مجموعة كبيرة من أصحاب المصالح الحكومية والجهات الرقابية المالية، المؤسسات المالية والمصرفية ومنظمات المجتمع المدني ومؤسسات التعليم. فصياغة استراتيجية قومية للتوعية المالية أضحت ضرورة ومستلزما رئيسيا ليس فقط لحماية مدخرات المواطنين ولكنها مهمة للتنمية المستدامة. لماذا استراتيجية قومية للثقافة المالية؟:- التعليم المالي: هو ضرورة حيوية حتي يستطيع جانب الطلب المتمثل في المستهلكين أن يستجيب برشادة لجانب العرض. الثقافة المالية هي عنصر أساسي للادماج المالي وبالتالي ينعكس علي ما يعرف النمو الاحتوائي أي نمو جميع فئات المجتمع وفي جميع المناطق بشكل متساوٍ. المعرفة والخبرة: إن تنوع وتعدد المنتجات المالية والمصرفية مع التطور السريع والديناميكي للوسائل التكنولوجية المختلفة أصبح من الصعب علي الانسان العادي أن يأخذ القرار المناسب، ولكن التعليم المالي يؤدي إلي الثقة، التي تستند إلي المعرفة والخبرة لاختيار وإدارة المنتجات والخدمات المالية المختلفة مما ينعكس إيجابيًا علي ظروفه المعيشية الحالية والمستقبلية لأي فرد. التوعية المالية:تساعد علي حماية المواطنين من أضرار المعاملات المالية المشبوهة، ومن حالات النصب والاحتيال التي يمارسها العديد من الأفراد كل يوم نتيجة لإدراكهم بانخفاض مستوي وعي المواطنين وثقافتهم المالية. الثقافة المالية: تساعد بشكل كبير علي تنمية ثقافة العمل الحر وريادة الأعمال من خلال الفهم الواعي للمنتجات المالية وكيفية التعامل مع المؤسسات المالية وإمساك حسابات مالية سليمة وإدارة مالية جيدة للمشروع. بالاضافة إلي تحليل العمل والسوق والتوقعات والتنبؤات المالية. الثقافة المالية تؤدي إلي آثار مضاعفة علي الاقتصاد القومي. فالادخار من خلال القنوات الرسمية ينعكس علي زيادة الاستثمار وهو دور أصيل للبنوك وهو توجيه المدخرات إلي الأوعية الاستثمارية المختلفة ومما ينعكس إيجابيًا علي الاقتصاد القومي. الثقافة المالية توسع من قدرة الفرد علي الاختيار بين الانفاق والادخار وبين طبيعة توزيع المدخرات قصيرة الأجل وطويلة الأجل مثل الإنفاق علي التعليم، شراء منزل، تأمين علي الحياة والأسرة.... إلخ. لدينا بنوك مصرفية قوية منتشرة في القري والنجوع، ناديت أكثر من مرة بمبادرة قومية للادخار نبدأ من المدارس، كما تعودنا من أيام طفولتنا لتشجيع الأطفال علي الادخار بالاضافة إلي إنهاء التعامل بالكاش والبنكنوت من جانب جميع المؤسسات الرسمية. فيجب أن يتعلم الطفل والشاب التعامل مع البنك من خلال بطاقات الائتمان أو بطاقات الصرف الآلي أو من خلال التليفون المحمول وهو «الأكثر شيوعًا بين الشباب» وأن يقل التعامل بالنقود السائلة في أي تعاملات رسمية، ولتتبني جميع المؤسسات الاقتصادية مفهوم «التوعية» بالثقافة المالية والائتمانية حتي لا يقع المواطنون تحت وطأة النصابين والمحتالين أمثال «المستريح».