دخل اتفاق وقف النار في شرق أوكرانيا حيز التنفيذ بدءا من الساعة صفر أمس الأحد والذي تم التوصل إليه بعد مناقشات شاقة بمشاركة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورؤساء روسيا وفرنسا وأوكرانيا، فلادمير بوتين، فرانسوا أولاند، وبيترو بوروشينكو أمر الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو قوات الأمن والحرس الوطني بوقف إطلاق النار ابتداء من منتصف الليل بتوقيت كييف، وأكد قادة دونباس التزامهم بشكل صارم باتفاق وقف إطلاق النار. بعد مفاوضات دبلوماسية مضنية في مينسك، أعلن الرئيس الروسي فلادمير بوتين أن «رباعية النورماندي» توصلت إلي اتفاق لتسوية الأزمة الأوكرانية بالطرق السلمية. فبعد مباحثات ماراثونية استمرت نحو 16 ساعة في العاصمة البيلاروسية مينسك استطاعت أطراف الرباعية الاتفاق علي الكثير من النقاط. ووقعت مجموعة الاتصال الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية وثيقة تضم مجموعة من الإجراءات الخاصة بتنفيذ اتفاقات مينسك. اتفقت أطراف المفاوضات في مينسك علي وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا ابتداء من 15 فبراير. ويتضمن الاتفاق أيضا بدء سحب الأسلحة الثقيلة من خط التماس خلال يومين من وقف النار والانتهاء من ذلك خلال 14 يوما. ويشمل هذا البند سحب الجانبين لجميع الأسلحة الثقيلة مسافة متساوية بهدف إقامة منطقة أمنية عرضها 50 كلم بالنسبة للمدافع عيار 100 ملم وأكثر، و70 كلم لراجمات الصواريخ، و140 كلم لراجمات الصواريخ. وستقوم منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بمراقبة ضمان وقف النار وتنفيذ سحب الأسلحة، وستزيد المنظمة عدد مراقبيها شرق أوكرانيا. إصلاح دستوري وتنص الوثيقة كذلك علي إجراء إصلاح دستوري في أوكرانيا يضمن حقوق سكان شرق البلاد، إضافة إلي منح منطقة دونباس وضعا خاصا وحل المسائل المتعلقة علي الحدود بالتنسيق مع قوات دونباس. وأعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو في ختام المحادثات بمينسك أن قائدي الأركان العامة الأوكرانية والروسية سيجريان مفاوضات حول مراقبة تنفيذ نظام وقف إطلاق النار في منطقة دونباس، مؤكدا أن بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ستضمن مراقبة نظام وقف إطلاق النار. بدوره، دعا الرئيس بوتين عقب الاتفاق طرفي النزاع إلي ضبط النفس ووقف إطلاق النار والفصل بين القوات دون إراقة مزيد من الدماء. شك وغموض غيوما من الريبة والشك تحوم حول الاتفاق فلا يزال هناك جوانب يشوبها الغموض. يسود الاعتقاد ان اتفاق مينسك ليس سوي محاولة سلام لا تنص علي آليات ملموسة لحل المسائل اللوجيستية وخصوصاً مراقبة الحدود. وتتهم أوكرانيا والبلدان الغربيةروسيا باستخدام هذه الحدود لنقل الاسلحة والمقاتلين والقوات النظامية. وليس مطروحاً ان تعاود كييف المراقبة إلا قبل نهاية 2015 بعد انتخابات محلية علي الاراضي الانفصالية و»تسوية سياسية شاملة» للأزمة. وأقر وزير الخارجية الاوكراني بافلو كليمكين أمام النواب بأن الاتفاق لم ينص «ويا للأسف علي تاريخ» محدد لانسحاب القوات الاجنبية من الاراضي الاوكرانية. وكتب مركز «أوراسيا جروب» في مقال تحليلي ان «كل المؤشرات تدل علي ان اتفاق مينسك 2 معرض للفشل في الاشهر المقبلة، ومن المتوقع حصول تصعيد لاعمال العنف وتشديد العقوبات هذه السنة». من المؤكد أن وقف سفك الدماء في شرق أوكرانيا سيكون في حد ذاته نتيجة جيدة إلا أن المعلومات الضئيلة حول الاتفاق تدعو للحذر والشك. فعلي ما يبدو، فإن اتفاق مينسك الثاني لا يذهب أبعد من الاتفاق الأول الذي تم التوصل إليه في سبتمبر 2014، والذي نص بدوره علي وقف إطلاق النار وسحب الأسلحة الثقيلة، إلا أن ذلك لم يترجم أبدا علي أرض الواقع. بل العكس هو الذي حصل، إذ تمكن المقاتلون المدعومون من موسكو من تحقيق مكاسب ميدانية علي جميع الجبهات. مع كل الحذر الواجب، باعتبار غياب التفاصيل حول بنود الاتفاق، فإن الشك يظل قائما حول ما إذا كان وقف إطلاق النار سيدخل فعلا حيز التنفيذ في الخامس عشر من الشهر الجاري. ففي نهاية المطاف، تظل فرصة نجاح أي اتفاق لوقف إطلاق النار مرتبطة بمراقبة المنطقة المنزوعة السلاح من قبل قوي محايدة ومستقلة، وإلا فإن احتمال تواصل القتال يظل كبيرا. «القطاع الأيمن» يرفض الاتفاق في هذه الأثناء، أكد زعيم تنظيم القطاع الأيمن الأوكراني المتطرف دميتري ياروش أن تنظيمه ومقاتليه جنوب شرق أوكرانيا لا يعترفون باتفاقية مينسك الأخيرة. غير ملزم وأكد ياروش في تعليق علي صفحته في الفيسبوك الجمعة أن «القطاع الأيمن» يعتبر أن اتفاق مينسك لا يملك أي صفة قانونية، وتطبيق ما جاء فيه لا يعتبر ملزما لمواطني أوكرانيا. وتابع زعيم «القطاع الأيمن» المتطرف قائلا إن أي محاولة لنزع سلاح من سماهم ب»الوطنيين الأوكرانيين» سيؤدي إلي خلخلة التوازن الداخلي في البلاد. «القطاع الأيمن» هو تجمع أوكراني قومي متطرف يضم منظمات مختلفة، يوصف بأن له آراء من أقصي اليمين إلي الفاشية الجديدة. وشارك عناصره في فبراير 2014 في صدامات مع الشرطة والاستيلاء علي المباني الحكومية. من المتوقع أن ينقل كل من الرئيس الفرنسي أولاند والمستشارة ميركل انطباعاتهما بشأن المفاوضات المضنية مع بوتين وبوروشينكو لباقي قادة الاتحاد الأوروبي خلال القمة التي ستحتضنها بروكسل. وفي حال تأكدت الشكوك في عدم قدرة مينسك الثاني علي وضع حد لسفك الدماء رغم كل الجهود الدبلوماسية، فمن غير المستبعد آنذاك بحث مسألة عقوبات إضافية، وكذلك خيار تزويد أوكرانيا بالسلاح.