جلست أرقب وأرصد أحداث عام يمضي، وعام جديد يطل علينا. تلك الفواصل الزمنية تجذبني، وتحيطني بحالة من التأمل العميق. النهاية والبداية. لحظات يتقاطع فيها الزمن. يتفاعل مثل عناصر الكيمياء ليشكل زمناً جديداً.. أحداثاً جديدة.. شخوصاً جديدة.. وجدلا جديداً! صخب الابتهاج برأس السنة، الألعاب النارية تضيء الأفق وتشعل السماء بألوان وأضواء توحي بالبهجة وتعلن علامات الإحتفال. في الوقت نفسه تفاجئنا الأخبار بألعاب نارية ولكن من نوع آخر، واشتعال ليس له إلا لون واحد هو: لون الدم! في تونس.. مظاهرات.. مصادمات.. حتي تلك الدولة الهادئة الحالمة أصابتها عدوي الغضب ونيران التمرد، قتلي وجرحي في أحداث سيدي بوزيد التي امتدت خلالها التظاهرات الاحتجاجية تندد بسوء الأوضاع الاجتماعية وتفشي البطالة. في الجزائر.. انفجارات.. صدامات.. عمليات إرهابية يذهب المئات ضحايا لها. اعتقالات لأكثر من ألف مواطن. في أمريكا.. أثار حادث إطلاق النار علي عضو الكونجرس الأمريكي جابرييل جيفوردز أثناء اجتماع عام في ولاية أريزونا والتي أصيبت علي أثرها النائبة إصابة خطيرة كادت أن تودي بحياتها وأصيب 14 آخرين ضجة كبيرة، وعلقت هيلاري كيلنتون علي الحادث: »لدينا متطرفون في بلادي.. هذه حقيقة«. في السودان.. استفتاء شعبي يحدد مصير دولة السودان الشقيقة في أخطر قضاياها: انفصال الجنوب ذي الأغلبية المسيحية عن الشمال ذي الأغلبية المسلمة. انشطار دولة يشبه انشطار قلب! في مصر. الحادث الذي هز وجدان كل مصري مسلما كان أو مسيحيا. الحادث المروع الذي اهتزت معه القلوب، وغضبت وثارت بسببه العقول. هذا العبث بمقدرات الوطن واستقراره.. وتلك الوقفة الوطنية العظيمة للمسلمين والمسيحيين ككيان واحد وقلب واحد يدافعون عن هويتهم وانتمائهم لتراب مصر.. الوطن والأرض.. والمصير. وساءلت نفسي: هل حملت بشائر عام 1102 علامات الغضب ولون الدم ورائحة العنف وملامح الإرهاب في طول الدنيا وعرضها؟! هل أصبح الإرهاب هو اللهو الخفي الذي يطارد الإنسان في عصر التكنولوجيا والتقدم العلمي الذي لغي المسافات وهزم الزمن؟! هل جارت التكنولوجيا علي الإنسانية داخلنا، وهل أصبحنا أكثر عنفاً وأقل إنسانية. هل أصبح الإرهاب هو الخطر المتربص بنا أينما ولينا وجوهنا؟! هذه العلامات تطرح سؤالاً مهماً: متي يستيقظ ضمير العالم.. متي تسعي الدول الكبري بجدية وصدق إلي إرساء العدالة والحق بين البشر. إنها تساؤلات.. وتأملات في فاصل من فواصل الزمن..!