أهنئكم يا اخوتي واحبائي بعيد الميلاد الجديد، وبدء عام جديد، راجيا لكم في هاتين المناسبتين حياة سعيدة وجديدة، أي افضل من ذي قبل في كل شيء كما ارجو للعالم كله سلاما وامنا وتعاونا. أما من جهة عيد الميلاد، فمن أهم تأملاتنا فيه: لقد جاء المسيح يقرب المسافة مابين السماء والارض، او يحول الأرض الي سماء او ليجعل مشيئة الله كما هي منفذة في السماء، هكذا تكون علي الارض.. جاء يقرب مابين الله والانسان، أو ينزع حاجز الخوف الذي بين الانسان والله، مما يجعله يهرب من الله ومن وصاياه! جاء يعلن أن الله أب للبشر، وكلهم أولاده، لذلك فهو يعلمهم في الصلاة ان يخاطبوا الله قائلين: »أبانا الذي في السموات« ويلقبه المسيح لهم بعبارة »أبوكم السماوي«.. والله كأب له كل حنو الابوة وكل المحبة للبنين.. اذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم حتي المنتهي. بل ان الله هو الحب المطلق. او كما تعلم المسيحية »الله محبة«. الله أحب العالم كله. ونحن خليقته نحبه.. نعم نحبه، لأنه هو أحبنا قبلا: أحبنا ونحن مجرد فكرة في عقله الآلهي منذ الازل، قبل ان نوجد. وبسبب هذا الحب منحنا نعمة الوجود فخلقنا. ومن اجل محبته لنا منحنا العقل والنطق والارادة، كما منحنا السلطة علي باقي المخلوقات التي علي الارض. وبهذا صار الانسان خليفة الله او وكيله علي ارضه. والحب متبادل بين الله والبشر.. وكل انسان يجد في الله الصدر الحنون الذي يلجأ اليه في كل مشكلة او ضيقة. فهو معين من ليس له معين، ورجاء من ليس له رجاء، وميناء الذين في العاصف.. وباستمرار يقول الله للبشر: لاتخافوا، ها أنا معكم كل الأيام والي انقضاء الدهر. لا أهملكم ولا أترككم بل اذا اجتمع اثنان أو ثلاثة منكم باسمي، فهناك أكون في وسطهم، ان نسيت الام رضيعي، فأنا لا أنساكم. علمنا السيد المسيح أيضا ان الله هو الراعي الصالح، وكلنا من غنم رعيته. وهو الذي قال »أنا ارعي غنمي وأربطها، واطلب الضال واسترد المطرود، وأجبر الكسير، وأعصب الجريح، والله في رعايته لنا، يبحث عن الانسان الخاطيء الذي ضل الطريق، ويسعي اليه حتي يرده. وللرب ألوانن في رعايته: ففي هذه الرعاية ارسل الينا الانبياء وزودهم بالوحي لتعليمنا وانارة الطريق أمامنا ومن عناصر رعايته الانقاذ.. وهكذا فإن ملائكة الله حالة حول خائفيه وتنجيهم ومن عناصر رعايته الحفظ. فهو يحفظنا من كل شر ومن كل سوء، يحفظ نفوسنا، ويحفظ دخولنا وخروجنا من الآن والي الابد. وقد علمنا السيد المسيح كيف يتعامل الله مع الخطاة. فهو لايشاء موت الخاطيء، بل أن يرجع ويحيا، وهو يريد ان الجميع يخلصون، والي معرفة الحق يرجعون وانه يشفق علي الخطأة،ويدعوهم الي التوبة. ويقول في ذلك لايحتاج الاصحاء الي طبيب بل المرضي. ونحن نعلم ان الله قد صبر علي العالم الوثني، حتي عاد اليه تاركا عبادة الاصنام وآمن.. وصبر علي الشيوعيين الذين كانوا لايؤمنون بوجوده، حتي آمنوا بعد سبعين عامامن الالحاد.. وقد اطال اناته علي خطاة كثيرين، حتي تابوا، بل صار بعضهم قديسين. وعلمنا نحن ايضا ان نتأني علي الخطاة ولانحتقرهم، بل قيل لنا »شجعوا صغار النفوس، اسندوا الضعفاء، تأنوا علي الجميع« وهو ايضا لم يصنع معنا حسب خطايانا، بل حسب رحمته. وعلمنا السيد المسيح أن الله هو المخلص، الذي يخلص شعبه من خطاياهم، والذي يخلصنا من الشيطان وكل قوي الشر، وكانوا قبل ذلك يحسبون انه مجرد خلاص من اعدائنا ومن جميع مقاومينا، أو هو خلاص من حكم الرومان. ولكن السيد المسيح أراهم انه خلاص من عقوبة الخطية بالفداء. بل هو ايضا خلاص من سيطرة الخطية ذاتها ومن أفكارها وشهواتها. علمنا السيد المسيح أيضا ان الله عادل ورحيم وعدله لاينفصل عن رحمته. فمن جهة عدله، هو يحاسب كل شخص حسب أعماله خيرا كانت ام شرا.. ومن رحمته فهو يغفر الخطايا عن طريق التوبة. وبغفرانها بالتوبة يكون عدل الله مملوءا رحمة، وتكون رحمة الله مملوءة عدلا. حقا انه عادل في رحمته، ورحيم في عدله. تحدث السيد المسيح كذلك عن ملكوت الله وملكوت السماء. وعلمنا ان نقول لله في صلواتنا »ليأت ملكوتك«. ونقصد بهذا ثلاثة معان: منها ملكوت الله داخلنا، أي ملكوته علي افكارنا وقلوبنا وعواطفنا وحواسنا وكل حياتنا. كما نقصد ملكوت الله علي كل الارض، أي ينتشر الايمان به في العالم كله. هذا ماتعلمناه من السيد المسيح عن الله.. أما من جهتنا فعلمنا ان تسود المحبة في كل علاقتنا مع الناس. فنحب حتي الاعداء وبهذا يسود السلام بيننا وبين الجميع. نسأله ان يسود السلام في العالم كله.. كما نسأل ان يحفظ بلادنا ورئيسها حسني مبارك الذي يبذل كل جهده من اجل سلامة وطنه وكل المنطقة. وكل عام وجميعكم بخير.