اغلب الفقراء يعيشون في الدول متوسطة الدخل يعكف المجتمع الدولي علي مناقشة الأطر المختلفة لتمويل مستدام للتنمية العالمية لما بعد عام 2015 إدراكاً منه بأهمية اسراع الخطي في هذا الشأن، وخاصة مع اقتراب الإنتهاء من الفترة التي كانت محددة للانتهاء من الأهداف الإنمائية للآلفية (MDGs) . هذا الطرح يقوم علي الحقيقة المعقدة لوضع الاقتصاد العالمي؛ وهنا يمكن رصد تطورين اساسيين: أولهما: أن اغلب الفقراء يعيشون في الدول متوسطة الدخل Middle Income Countries ، كما أن الكثير يعيشون في الدول ذات متوسط الدخل المرتفع. ثانيهما: أن الأزمة التي تعاني منها منطقة اليورو، والظروف السياسية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط توضح أن كلاً من الدول المتقدمة والنامية علي السواء سوف تواجه مهام صعبة، متمثلة في مدي قدرتها علي رفع معدلات النمو وخلق فرص التشغيل. ولذلك فإن القدرة علي تمويل التنمية لما بعد عام 2015 بقدرٍ كافٍ يتوقف علي عدد من العوامل: الحاجة إلي التعاون علي المستوي الدولي لإجتذاب التمويل التنموي من جهات مختلفة المصادر، سواء كانت هذه المصادر محلية أو من القطاع الخاص. نجاح هذا التعاون يعتمد بشكل أساسي علي سياسات واضحة، والقدرة علي تنفيذ هذه السياسات، كما إنه يتوقف علي قدرة المؤسسات المختلفة علي تعبئة الموارد من الموارد المحلية والدولية بنجاح. فتمويل أي برنامج تنموي يحتاج إلي أن تقوم الدولة بتوجيه الموارد بصورة أكثر كفاءة، وهذا يتطلب تقوية إدارة النظام الضريبي، وتحقيق استخدام افضل للإيرادات والموارد الطبيعية، والحد من التدفقات المالية غير المشروعة. فالعالم يشهد فجوة كبيرة بين التمويل المتاح واحتياجات الاستثمار. فأغلب الدول النامية لا يوجد لديها القدرة علي الوصول إلي الأسواق المالية الدولية؛ فنجد أن 20% فقط من الدول متوسطة الدخل هي من لديها القدرة في الحصول علي تمويل من اسواق المال. اما إذا نظرنا إلي الدول النامية فنجد أن اغلبها لا يوجد لديه هذه القدرة اساساً، فيقدر النقص في احتياجات البنية الأساسية في هذه الدول بحوالي 1 تريليون دولار حتي عام 2020، اي حوالي من 200 بليون إلي 300 بليون دولار سنوياً، ويزيد من حدة المشكلة هشاشة أسواق المال في هذه الدول في أعقاب الأزمة المالية العالمية، والتي تعوق قدرة هذه الأسواق في الحصول علي تمويل مستدام لدفع عجلة التنمية. وإذا نظرنا إلي تطور الأشكال المختلفة للتمويل فنجد أن ما يعرف بالتمويل من خلال المعونات ((aid لها دور أساسي في مساعدة الدول الأقل نمواً في الاسراع بمعدلات النمو خلال العقود القليلة الماضية. ولقد بدأت عدداً من الدول في الظهور في خريطة الدول المقدمة للمعونة، وبصفة خاصة الدول متوسطة الدخل، ومنها دول مجموعة «البريكس» (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا)، والتي تمثل نحو 25% من إجمالي الناتج المحلي الدولي، 40% من سكان العالم، فضلاً عن السعودية، وكوريا الجنوبية، وتركيا. وتكتسب هذه المجموعة الجديدة من الدول المانحة اهمية متزايدة في مجال المعونة العالمية خاصة في ظل معاناة الجهات المانحة التقليدية من أزمات اقتصادية داخلية، حيث توفر هذه الدول مصدراً بديلاً للتمويل الإنمائي في الدول الفقيرة، فضلاَ عن تبنيها لمبادرات إنمائية خاصة بها في بعض الأحيان منفصلة عن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ... وللحديث بقية