"مستقبل وطن" ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بالشرقية لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ    الكنيسة تفتح أبوابها لاستقبال قداسة البابا تواضروس الثاني    المالية: الحديث الآن عن إطلاق حزمة حماية اجتماعية سابق لأوانه    كامل الوزير يناقش تفعيل وديعة الكويت لاستثمارات فى مصر مع رئيس الوزراء الكويتى    محطة "السد العالى" تستقبل قطار سودانيين قادماً من القاهرة استعداداً للعودة.. فيديو    سقوط سيارتين نقل من معدية ببورسعيد يسفر عن مصرع 3 أشخاص وإصابة سائق ببتر في القدمين    تعرض مقر إقامة موظفي الصحة العالمية في دير البلح للهجوم 3 مرات    عراقجى: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة لكننا لن نتخلى عن التخصيب    الأمم المتحدة: استمرار العنف في سوريا يؤجج النزوح الجماعي في السويداء    الأردن يرحب ببيان 25 دولة حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة    رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يرحب ببيان دولي يدعو لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة    بريطانيا: ننسق مع مصر ودول المنطقة لوقف دائم لإطلاق النار في غزة    مصطفى العش: معسكر تونس مفيد.. ونسعى لتقديم موسم قوى مع الأهلى    أخبار 24 ساعة.. التعليم تنفى ما تم تداوله من نتائج مزيفة للثانوية العامة    ضبط المتهم بالتعدي على أرملة شقيقه بسبب الميراث.. فيديو    وجبة طعام تتسبب في إصابة عمال بتسمم في مدينة 6 أكتوبر    قوافل طبية وإعمار 120 منزلًا في بني سويف والشرقية تحت مظلة التحالف الوطنى    إدراج كلية الطب بالجامعة الأهلية في المنيا في الاتحاد العالمي للتعليم الطبي    التعليم العالي: 70 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    تنسيق الثانوية العامة 2025 علمي علوم.. مؤشرات كليات طب بيطري 2024 بالدرجات    د.حماد عبدالله يكتب: "تدليع " الصناعة المصرية !!    البيت الأبيض: ترامب فوجئ بقصف سوريا.. و"روبيو" لعب دورًا في خفض التصعيد    يضم 135 سفينة.. بريطانيا تفرض عقوبات جديدة على «أسطول الظل» الروسي    وزير العمل: مواجهة عمالة الأطفال وحماية عمال الدليفري أولويات الوزارة    بعد مغادرة الأهلي.. علي معلول يعود إلى بيته القديم    مدافع برشلونة يتجاهل مانشستر سيتي ويوافق على تمديد عقده    «الكوكى» يعدد مكاسب المصرى بعد ودية الصفاقسى.. وحسم مصير «جاد» عقب العودة من تونس    بعد رحيله عن الأهلي.. أول تعليق من كريم نيدفيد على انتقاله لسيراميكا كيلوباترا    «عصر العبودية انتهى».. مجدي عبدالغني يفتح النار على بتروجت بسبب حامد حمدان    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 22 يوليو في الصاغة (تفاصيل)    الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025    مؤشرات تنسيق كلية التربية 2025 في جميع المحافظات (علمي وأدبي)    انتشال جثة ونقل مُصاب في سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم: منخفض الهند وقبة حرارية في القاهرة والمحافظات    بإطلالة جريئة.. 10 صور ل بوسي أثناء قضاء إجازة الصيف في الساحل    داليا البحيري بفرنسا وميرنا جميل في عرض البحر .. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن | منع راغب علامة من الغناء وحقيقة إصابة أنغام بالسرطان    جدال سابق يعكر صفو تركيزك.. توقعات برج الحمل اليوم 22 يوليو    تشرب شاي بالياسمين؟.. حكاية أحد أشهر الإفيهات الكوميدية ل عادل إمام    بمشاركة مروان موسى وعفروتو.. أحمد سعد يكشف عن بوسترات «حبيبي ياه ياه»    مديرية التعليم بالسويس تعلن أسماء 102 فائزًا في مسابقة ال30 ألف معلم    وزير الصحة يتفقد مشروعات تطوير مستشفيات الأورام والتل الكبير    التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    «مكرونة الزواج».. وصفة بسيطة يطلق عليها «Marry me chicken pasta» (الطريقة والمكونات)    جهود مكثفة لضبط عصابة سرقة ماكينات الري في شبرا النملة وقُرى مجاورة بطنطا    النائب العام يزور رئيس هيئة قضايا الدولة لتهنئته بتولّي المنصب الجديد    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    احتفالية وطنية بمكتبة القاهرة الكبرى تروي مسيرة المجد والاستقلال في عيون أدبائها    عمر كمال: استفدنا بشكل كبير من ودية الملعب التونسي.. وجاهزون لتحديات الموسم المقبل    "تنظيم عمل المؤثرين": توصية رئيسية لدراسة ماجستير للباحث محمود أبو حبيب بجامعة عين شمس    نجم الزمالك السابق ينتقد اعتذار وسام أبو علي للأهلي    ضبط طفل يقود سيارة ملاكي في الجيزة عقب تداول فيديو الواقعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي    رمضان عبدالمعز: اللسان مفتاح النجاة أو الهلاك يوم القيامة    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل يجوز عمل عقيقة واحدة ل3 أطفال؟.. أمين الفتوى يجيب    هل أرباح السوشيال ميديا حلال أم حرام؟.. الدكتور أسامة قابيل يجيب    أول ولادة لطفل شمعي من الدرجة المتوسطة بمستشفى سنورس المركزي بالفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برلمان الأهوال
نشر في الأخبار يوم 10 - 11 - 2014

هكذا أصبحنا أمام لغز لايمكن الاتفاق علي تفسيره ، فالملائم أو المناسب عند أحدهم ، ليس ملائما ولا مناسبا عند آخر ، والتعبير مطاط غير منضبط بالجملة، وليس نصا قانونيا محدد الملامح
هل نريد برلمانا حقيقيا ؟ أم نريد برلمانا والسلام؟، إذا كان الأخير هو المراد ، فتفضلوا بإجراء الانتخابات في أي وقت ، وطبقا لنظام الانتخاب الفردي المقر في قانون صدر أيام الرئيس عدلي منصور ، ولا قيمة وقتها لتأجيل ولا لتعجيل ، ولا لتحالفات ولا لجنازة حارة ، فسوف نكون بصدد برلمان لا يستحق كل هذه الجلبة ، ولا لإنفاق المليارت ، ولا لنزول الجيش والشرطة للتأمين ، ولا لعناء الناخبين في الذهاب لصناديق التصويت .
نعم ، فليست القصة في استكمال إجراءات ، أو إتمام ما نسميه بخارطة الطريق ، اللهم إلا إذا كنا نريد الختام حنظلا لا مسكا ، وبرلمانا مشكوكا في أمره ، وقابلا للطعن عليه بعدم الدستورية ، ثم الدخول في دوامة الحل وإعادة الانتخابات ، وهكذا دواليك ، وإلي أن تنعدم الثقة في السياسة وفي الانتخابات ، وننتهي إلي ملهاة لها طعم المأساة ، وعلي طريقة «شر البلية ما يضحك» .
سبب المأساة ظاهر جدا ، وقد بدأ من نص الدستور في باب المواد الإنتقالية ، بدا نص الدستور إيجابيا في عمومه ، وقفزة كبيرة إلي الأمام ، واستحق الموافقة عليه بما يشبه الإجماع في استفتاء الناخبين ، ودون أن نلتفت بما فيه الكفاية إلي ألغام وضعت في نصوص المواد الانتقالية ، وتعلقت بإجراء انتخابات أول برلمان بعد إقرار الدستور ، فقد أرادت «لجنة الخمسين» ، وأراد رئيسها عمرو موسي ، أن تسهل ويسهل الإنتهاء سريعا من كتابة الدستور ، وكانت العجلة من الشيطان ، والذي ظهر في صورة عبارة هجينة نصها «التمثيل الملائم» ، والتي اقترنت بتمثيل مطلوب لخمس فئات مختارة ، هي الشباب والمسيحيون والعمال والفلاحون وذوو الإعاقة والمصريون بالخارج، وأضيفت بدعة «التمثيل الملائم» إلي بدعة «التمثيل المناسب» للنساء ، والأخيرة منصوص عليها في المادة (11) من صلب الدستور الدائم ، وهكذا أصبحنا أمام لغز لايمكن الاتفاق علي تفسيره ، فالملائم أو المناسب عند أحدهم ، ليس ملائما ولا مناسبا عند آخر ، والتعبير مطاط غير منضبط بالجملة، وليس نصا قانونيا محدد الملامح ، بل ليس نصا دستوريا بالمرة ، ومجرد لجاجة لغوية ، قد يصح أن تظهر في خطاب سياسي إنشائي ، وفي ضحك علي الذقون ، تحول للأسف إلي نص ملزم ، كان علي صائغ قانون الانتخابات أن يأخذه في حسابه ، وبطريقة مزاجية محضة ، تعدلت أكثر من مرة في مناقشات لجنة شكلها الرئيس السابق عدلي منصور ، وانتهت إلي وضع 23% من مقاعد البرلمان في قوائم مطلقة ، تضمنت تمثيل الفئات الست بطريقة افتراضية ، ومع ترك بقية المقاعد (77%) لنظام الانتخاب الفردي ، وبحسب تقسيم للدوائر لم يستقر عليه إلي الآن ، وقد يكون هو الآخر داعيا للطعن علي البرلمان المقبل بعدم الدستورية .
وإضافة لعوار المواد الانتقالية فيما يخص النظام الانتخابي ، والذي انتهي إلي عوار قانوني بالتبعية ، يتصادم مع نصوص مواد الدستور الأصلية المقررة لمبدأ المساواة ، ودون إشارة لتمييز إيجابي لفئة أخري غير النساء ، وبعبارة «التمثيل المناسب» غير المنضبطة ، ودون تحديد نسبة محددة ملزمة ، ولا عددا بعينه من المقاعد ، ومع كل هذا العوار ، فقد أضاف المشرع عوارا آخر من عنده في قانون الانتخابات ، وقرر الأخذ بالنظام الفردي علي غالبية مقاعد البرلمان ، ودون مراعاة لعيوب النظام الفردي ، والتي تميت السياسة في مصر فوق موتها المعتق .
وقد لا يكون من عيب كبير في النسبة المقررة لتعيينات الرئيس ، وقد حددها الدستور صراحة بنسبة خمسة بالمئة من الأعضاء المنتخبين ، أي بواقع 27 عضوا مضافا بما يجعل إجمالي أعضاء البرلمان (567عضوا) ، فيما ترك العدد الباقي (540عضوا) للانتخاب ، 120 عضوا بالقوائم المطلقة، و420 عضوا بالانتخاب الفردي ، وما من فارق عملي بين النظامين ، فالقائمة المطلقة تفوز إذا توافر لها العدد الأكبر من أصوات الناخبين ، وكذلك يفوز الشخص المرشح علي المقاعد الفردية ، وهو ما يعني إهدارا لإرادة الغالبية العظمي من الناخبين ، خاصة مع توقع إقبال غير مسبوق علي الترشح هذه المرة ، وبأعداد قد تصل إلي ثلاثين ألف مرشح ، فالنظام الانتخابي المقر يفتح الشهية بلا حدود ، ويحول مقعد البرلمان إلي مشروع استثماري مربح ، تكون الغلبة فيه لدواعي المقدرة المالية والبلطجة والعصبيات العائلية ، فوق تسهيل عملية شراء الأصوات ، بسبب قلة عدد الناخبين المطلوب للفوز ، ولإيضاح ما نذهب إليه ، تخيل للتبسيط أن دائرة ما ، ذهب إلي صناديق التصويت فيها مئة ناخب ، ولا يلزم الفائز فيها سوي 51 صوتا، هذا إن حسمها من الجولة الأولي ، وهو ما لن يحدث غالبا لكثرة أعداد المرشحين ، فتجري جولة إعادة بين اثنين ، يخرج منها أغلب المرشحين بطبائع الإجراءات ، وتقل أعداد المصوتين بشدة ، وينزل عدد المصوتين في الإعادة إلي عشرين من المئة صوت ، ويفوز بالمقعد من يحصل علي 11 صوتا لاغير ، والعيب ظاهر فاقع في المثال الإيضاحي المضروب ، فسوف يجري إهدار أصوات 89% من الناخبين ، فيما لا يمثل البرلمان المنتخب سوي أصوات 11% ، أي أننا سنكون بصدد برلمان يمثل أقلية الأقلية ، ويهدر الإرادة الشعبية بالغالبية الساحقة من أصواتها ، وينزع طعم السياسة من عملية انتخاب البرلمان ، ويحول البرلمان إلي جمعية رجال أعمال وأهوال وأموال .
وقد لاتكون من فرصة أخيرة للإنقاذ الجزئي ، سوي بالتعديل الأهم من التعجيل أو التأجيل ، وتوجيه نداء عاجل للرئيس السيسي ، يطالبه بإعادة النظر في قانون الإنتخابات، وإقرار نظام القائمة النسبية علي مقاعد النظام الفردي في القانون الحالي ، وقتها لن نكون في احتياج إلي تقسيم دوائر، ولا إلي «كوتات هزيلة » للشباب والنساء، وتكون الغلبة للسياسة وأولويات التشريع والرقابة ، وإقامة برلمان للناس ، لا لجماعات تبادل المنافع مع الحراس .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.