لازالت أصداء القمة الفقيرة تتردد في جنبات الساحة الرياضية.. ولازالت ظلالها القاتمة ومستويات لاعبيها المتواضعة تدعو للتساؤل وتدفع علي الغرابة وتثير الدهشة.. خرجت القمة بصورة سيريالية مشوهة.. لم ترق للأمور القممية ولو حتي من باب الشكل وليس المضمون والموضوع.. واذا كان هذا هو الحال والواقع لأفضل وأمهر العناصر الكروية الموجودة في مصر.. واذا كان هذا الإنتاج الضعيف والهزيل هو آخر ما لدي هذه العناصر من طاقة وجهد وامكانية.. فإن المستقبل الكروي العام والمردود الاجمالي النهائي لا يبشر بأي خير بل لعله يشير بجلاء ووضوح إلي أن القادم أسوأ وأن الأيام القادمة ستحمل في طياتها رياحا معاكسة قد تعصف بالآمال وتحطم الطموحات وتبدد الأمنيات.. وفي هذه السطور القليلة التالية تعالوا نستعرض بعض الظواهر والمواقف الفنية التي أثرت في النفوس وانعكست علي الأذهان. صدمة في الدوليين أبرز انعكاسات تلك القمة الوهمية والتي صدمت الجماهير قبل المسئولين عن الرياضة وكرة القدم في مصر هو المستوي الهزيل والأداء العليل والإنتاج القليل الذي قدمته العناصر الدولية من الطرفين.. القمة الشكلية والوهمية ضمت ما لا يقل عن ثلاثة أرباع القائمة الدولية التي يختارها بصورة تقليدية الكابتن حسن شحاتة.. قوام فريق بأكمله باحتياطيين كانت متمثلة في الطرفين سواء أكانوا بالتشكيل الأساسي أو البدلاء.. لم ينجح من هذه القائمة أي لاعب باستثناء محمد عبدالشافي المدافع الأيسر للزمالك هو الوحيد الذي بدا بمستوي لائق وتفهم كامل لواجبات ومهام مركزه.. وتحلي باللياقة والكفاءة علي مدار كل الوقت وليس بعض وأدي أدواره الهجومية في تكثيف الهجمات البيضاء ونقل الكرة من ملعب فريقه إلي الملعب نصف الملعب المقابل بسرعة ودقة وتبادل الكرات مع زملائه واستخدم مهارات المراوغة والتمرير والظهور لزميل في الوقت والمكان المناسب.. وفيما عدا عبدالشافي لم ينجح أحد بدرجة جيد.. أما عن المقبولين فقد ضمت قائمتهم وائل جمعة وبنسبة أقل أحمد فتحي وشريف عبدالفضيل.. وعن الراسبين أو الحاصلين علي تقدير »ضاد جيم« اتحدث ولا حرج.. تزعمهم أبوتريكة الذي لم يكن له أي تواجد بالملعب واحتفظ بموقعه ومكانته حتي آخر لحظة وسيتم احتفاظه بهما في القائمة الدولية علي أمل استعادته لأي لمحة فنية من التي كان عليها.. ومعه جدو ومعوض وفتح الله وإبراهيم صلاح.. أما عبدالواحد السيد فلم يختبر إلا في كرة وحيدة خرج فيها تاركا مرماه بصورة خاطئة كادت تكلف فريقه رجفة وهزة للشباك. تواضع مستوي الشباب وحتي الشباب الذين كانت الجماهير والمسئولون تضع فيهم بعض الآمال لانقاذ المنتخب من مستقبله غير المضيء فلم يقدموا ما يطمئن أو يبث الثقة.. في الزمالك لم يكن الموهوب محمد إبراهيم أو المهاري حازم إمام والصاعد إبراهيم صلاح أو المجتهد محمود جابر في حالاتهم الطبيعية ولحق ببعضهم التقلصات من فرط الجهد وعدم القدرة علي توزيعه فضلا عن ارتكابهم لحماقات فنية كالخشونة والاعتراض وعدم تفهم واجبات مراكزهم والاحتفاظ بالكرة أزيد من اللازم.. ولم يكن شباب الأهلي أحسن حالا ورغم أن مشاركة أحمد عادل عبدالمنعم كانت المفاجأة الوحيدة التي ظهرت في تشكيل الفريقين.. غير أنه لم يختبر حتي وان احتفظ باليقظة الكاملة.. أما شهاب الدين أحمد ومحمد طلعت فهما افضل الوحشين. الأول ارتكب جناية التمرير المعاكس الذي شكل خطورة محدقة علي المرمي الاحمر.. والثاني ادي كالرهوان. يعود كثيرا ولم ينتج إلا قليلا وأهدر أكثر من فرصة مؤكدة كانت كفيلة بترجيح كفة الأحمر. لغز شيكابالا وعاشور يشكل كل من شيكابالا وحسام عاشور لغزا جماهيرا محيرا.. الأول انحدر انتاجه الفني لدرجة متدنية خزلت كل الخبراء وحيرت كل المتابعين.. لم يكن له تواجد فعال كما كان له في كل المباريات السابقة وأثر بايجابية علي نتيجة فريق فيها.. وعندما عجز عن التخلص من الرقابة اللصيقة التي فرضها عليه بقوة عبدالفضيل هرب وعلي الأجناب فلم يفلح.. ثم سدد من مسافات بعيدة وخرجت تسديداته واهنة لا تشكل أية خطورة علي المرمي.. وازاء تصرفاته غير السوية سواء في المعب أو خارجه فإنني أري أنه يحتاج تهيئة نفسية وليس لمواجهات انفعالية.. وهذه التهيئة لابد أن تكون متخصصة ولابد أن تجري علي أيدي خبراء وأطباء لأن التصرفات والاندفاعات تجاوزت كل الحدود اللائقة والمقبولة ولا يجب التمويه عليها أو تبريرها أو التخازل تجاهها.. أما حسام عاشور فهو جندي مجهول بالملعب يؤدي أدوارا غاية في الفاعلية ولا يستقطب أية أضواء أو يحصل علي أية حقوق.. لديه قدرة فائقة علي تشكيل حوائط دفاعية فردية في وسط الملعب ويأخذ أماكن ومراكز مهمة ويحتفظ برؤية ثاقبة غير انه لا ينهي كل هذه الأدوار بفاعلية سواء في إجادة التصويب أو صنع التمريرات الخطيرة. النجم الأوحد حسام غالي كان النجم الأوحد في المباراة ليس في عيون من اختاروه كأفضل اللاعبين وانما في كل العيون التي تابعت المباراة »تحرك بوعي في كل ارجاء الملعب«.. وادي معظم الأدوار الهجومية والدفاعية بكفاءة وثقة بل وشارك في هجمات فريقه وكاد يحرز هدفا لولا تدخل بركات برأسه.. عودة غالي إلي مستواه العالي يشكل إضافة ليس لفريقه فحسب وانما أيضا للمنتخب ويضع الجهاز الفني أمام حتمية اختياره في القائمة الدولية.. وهي بالمناسبة عودة متأخرة جدا لان غالي لديه مهارات وامكانات فنية وبدنية تجعله من أبرز العناصر المهارية في مصر.. ولعله شعر بذلك فعاد إلي مستواه منذ أكثر من مباراة مع الأهلي وقد يكون من بين الحلول والمفاتيح التي يحتاجها المنتخب للمرور من هذا المأزق الفني.