اقترن اسم اليمن عبر الأزمان بالسعادة لكن هذه لم يعد لها مكان وحل محلها الحزن والحرب في بلد تتصارعه الانقسامات السياسية والمذهبية وأصبح مرتعا للتجاذبات الإقليمية في ظل ثورة وئدت في مهدها. ولطالما تغني الوطن العربي بأخضر «اليمن السعيد» لكن حديقة الجزيرة باتت تنشد الحزن من أوسع أبوابها. فهذا البلد الذي سلط الفقر سيفه علي رقاب أبنائه فباتوا بعد الصومال في عداد فقراء العالم أصبح اليوم يئن وسط نار حرب طاحنة. فلم ينعم اليمن بتنفس الصعداء بعد الحروب الستة التي خاضها ضد جماعة الحوثي الشيعية بين عامي 2004-2010 حتي دخل في احتجاجات شعبية شابها في كثير من الأحيان العنف لتنتهي بالإطاحة بالرئيس السابق علي عبدالله صالح بموجب مبادرة خليجية في 2011 مع بقاء نظامه كما هودون تغيير لتطفومرة أخري إلي السطح أزمة الحوثيين. لكن هذه المرة كانت الغلبة للحوثيين واستطاعوا أن يحكموا سيطرتهم علي العاصمة صنعاء ويرغموا الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، الذي بدا خلال الأحداث مترددا وغير حاسم في كثير منها، إلي توقيع اتفاق «صوري» لإنهاء أزمة لا تزال مشتعلة ولن تهدأ في القريب إلا بفرض الحوثيين سيطرتهم علي شمال البلاد. أما في جنوبه الذي ينشط فيه تنظيم «القاعدة»، فيقف «الحراك الجنوبي» هناك علي أهبة الاستعداد هوالآخر لينال نصيبه بإقامة دولة الجنوب المنفصلة عن كيان الدولة الموحدة. وأصبحت الحكومة المركزية في صنعاء بين فكي رحي الحوثيين شمالا و»القاعدة» و»الحراك» جنوبا وبينهما شعب يئن من العوز. دول عربية أخري ليست أفضل حالا من اليمن، فالانقسام والاقتتال أصبح سمة مشتركة بداية من سوريا مرورا بالعراق ثم ليبيا وأخيرا وليس بآخر اليمن والحبل علي الجرار ما دام كتب علي الوطن العربي أن يكون مسرحا للحروب بالوكالة وساحة لتنفيذ مخططات غربية مستغلة حالة التمزق التي تعيشها الأمة.