العشاق هم الشعراء.. والعقلاء هم المؤرخون العشاق هم الشعراء.. والغاضبون هم الشعراء.. والعقلاء هم المؤرخون.. الذين يقومون بتحليل الأقوال والأفعال، ولا يكتفون بالرصد.. والتسجيل فقط! وكذلك يقوم المؤرخون بتوثيق الروايات التاريخية للشخصيات التاريخية.. خصوصا إذا جاءت هذه الروايات في عصر المتأخرين من الرواة. وأهمية ذلك هي ألا يترك المؤرخ لكل صاحب هوي أن يقول ما يريد علي هواه!.. أو ينسب الأقوال والأفعال إلي غير أصحابها لسبب في النفس. ولعل من أجمل الأسباب وأنبلها أن ينسب بعض المؤرخين الأقوال والأفعال إلي غير أصحابها من أجل الحفاظ عليها!.. خصوصا إذا كان المنسوب إليه شخصية عظمي هي أشبه بالوعاء الكبير الذي يصلح لحفظ الكثير.. فمثلا يمكن أن ينسب إلي الفيلسوف الساخر »جحا« كلام لم يقله.. وقاله غيره من الظرفاء المجهولين.. لأن القائل الحقيقي اسمه مغمور.. ومن الأفضل أن ينسب الأقوال الطريفة والنوادر إلي »جحا« للحفظ.. وكذلك قيل كلام كثير من العاديين من الناس.. ونسبوا هذا الكلام إلي ابن عروس للحفظ.. خصوصا إذا كان هذا الكلام من ذلك النوع الذي اشتهر بقوله.. ولعل أشهر ما قيل عن القائد العربي الفاتح طارق بن زياد عندما فتح الاندلس: العدو أمامكم.. والبحر من خلفكم.. وفي ذلك اشارة إلي استنفار الجنود للجهاد. ولكن المؤرخين المدققين المحللين الراصدين الذين لديهم وسائلهم في معرفة القول الصحيح من القول »المغشوش« أو المنحول.. أو المنسوب زورا إلي آخر لم يقله، وهذه مهمة جليلة. وقد قام المؤرخون الدراسون لعصر الفتح الاسلامي لاسبانيا أو الاندلس بتحليل كل شيء.. وأذكر وأنا في اسبانيا ان قال لي المرحوم الدكتور أحمد هيكل وزير الثقافة السابق: ان طارق بن زياد لم يقل هذا الكلام الذي أشرنا إليه.. لانه من البربر وحديث العهد بالإسلام، ولم يكن يتحدث باللغة العربية.. ولكن الكلام المنسوب إليه قاله أحد المعاونين له من العرب، ولكنه كان مجهول الاسم.. ومكانته صغيرة.. فنسبوا القول إلي القائد لكي يحفظ. إذن لم ينسبوا القول إلي القائل ولكن نسبوا القول إلي القائد حتي يحفظ!! ويجري علي كل لسان، ويصبح مضربا للأمثال! والذي يدعوني لقول كل هذا القول.. هو خطاب وصلني منذ مدة من المهندس محمود سلطان بالاسكندرية.. وهو في الثمانين من عمره، وهايم حبا في الموسيقار المطرب محمد عبدالوهاب، وهو يعتبر أرشيفا لجميع صور عبدالوهاب وخصوصا اللقطات الفريدة النادرة، التي يصعب الحصول عليها من مكان آخر. والمهندس محمود سلطان تصور إنني إذا لجأت إلي أسلوب المؤرخين المفكرين لتحليل الأقوال للشخصيات التاريخية.. يعتبر هذا هجوما عليهم.. أو أريد النيل منهم! وهذا غير صحيح. لأني لم اتعرض إلي أسلوب عبدالوهاب في التلحين والغناء، ولكنني فقط قلت: إذا كان أمير الشعراء أحمد شوقي هو الذي قال لعبدالوهاب: »دوس« علي الجرايد والصحف والمجلات تعلو قامتك.. إذن فما الداعي لأن يكتب شوقي قصيدة جميلة موجودة في ديوانه »الشوقيات« وفيها هذا البيت الجميل الذي يقول فيه: لكل زمان مضي آية.. وآية هذا الزمان الصحف! .. وطعنت بالتزوير في ذلك.. لأن الذي يقول »دوس« علي الجرايد لا يمكن ان يكتب مثل هذا الشعر الجميل.. خصوصا وأن شوقي أمير علي الكلمة الطيبة، ويستحيل ان يقول: دوس علي الكلام! كما ان عبدالوهاب فنان وليس شاعرا، حبنا له هو الذي يجعلنا نقول بما قلنا.. فأين الهجوم يا عم الباشمهندس سلطان؟!.. وخليك في الصور أحسن.. و»سيب« الكلام لأهل الكلام! موس حلاقة.. يجعل من الهايف العويل.. سبع البرمبة! الاثنين: يا سلام.. مكانش انعزر.. ولا باع جزر!.. هذه العبارات.. أو المفردات من الكلمات.. لم أجد غيرها علي لساني.. بعدما انتلف أملي.. وفسد وجداني.. وبعيد عن السامعين.. لساني انخرس.. ولم يعد قادرا علي أن يقول: لا كاني.. ولا ماني!.. فقط بأنين الوجع.. أصرخ.. وأقول: آه ياني!!.. أي والله!! تصوروا أن شركة أمواس حلاقة تنتج »موس« يجعل من العويل الهايف سبع البرمبة.. هذا الموس العجيب تقول الدعاية عنه إنه رمز القوة!! وتأملت في الأمر.. وقلت يعني واحد زي حلاتي لا قدر الله.. لما يجور عليه الزمن ويصبح عِرّة الرجالة.. وهايف.. وجعر.. ومعبر!.. يقوم هذا الموس يجعلني قويا مهببا.. وماشي اتغندر.. واتمخطر.. واتمنظر كمان؟!.. يا سلام مكانش انعزر.. ولا باع جزر!! أنا مازلت منعقدا مع نفسي من أجل التفكير.. والتدبير.. حتي استطيع اتخاذ قراري بالإجماع.. مع أنني لوحدي!! وتصورت الدنيا اللي رواها النيل.. ومشاكل أمة لا إله إلا الله.. ولقمة العيش التي هي أمل أمة السائلين!! وعلي الرغم من هذه المشاكل في كل شيء.. وجدت الفرج قد جاء من أوسع الأبواب.. وحدث أن فيه شركة قد قامت مشكورة بحل مشاكل المجتمع.. ومن بينها مشاكلي الخاصة.. وهذه الشركة مهمتها »دقني«!.. وانا في الحقيقة مشكلتي دقني.. التي هي مربط الفرس في حياتي.. »دقني« الصغيرة المسمسمة كانت في حوزة رجل مثلي لا يقدر النعمة اللي معاه.. وهي دقنه.. وأهملها.. ولم يسأل فيها.. فيرسل الله تبارك وتعالي من يهتم بها ويراعيها.. ويحميها! لذلك فأنا الآن سعيد في الحياة.. لأني وجدت شركة مهمتها دقني.. هذا بالاضافة إلي المذكورة أعلاة.. أن هذه الشركة وعن طريق موس الحلاقة ستجعلني »غندورا« وقويا.. ورمزا للرجولة والفحولة!.. الله علي المنظر.. أنا ذلك المحروم من هتاف الجماهير.. سأجدهم في كل مكان يهتفون.. يا ماشي ومتغندر.. ما أنت أصلك »فورد«! هذه الجماهير الغفيرة التي تهتف لي.. لانني ماشي ومتغندر.. كانت ساكتة من زمان ليه؟!.. وسألت نفسي.. هو أنا كان زمان اصلي واطي.. والآن.. أصلي »فورد«؟!.. مكانش انعزر.. ولا باع جزر!! واحد صاحبي كان غلبان وعدمان العافية.. ومربي دقنه.. طلعت في راسه.. انه يمشي ويتغندر.. وراح واشتري »موس حلاقة«.. وهات يا حلاقة في دقنه.. لما جابت دم.. ولسه عمالة تشلب دم.. كل ده علشان يصبح رمزا للفحولة.. والرجولة.. والقوة.. ويمشي يتغندر! الراجل ياولداااه دقنه ورْمِتْ.. وملاقاش حد يهتم بدقنه.. وكانت الناس بتهرب منه ومن شكله اللي يقرف بسبب ما اصاب دقنه.. وبعض الناس فكروا انه »جربان« والعياذ بالله.. ففروا من حوله فرار السليم من الأجرب!.. الراجل ياولداااه.. تصور ان الدنيا ونعيمها في موس الحلاقة الذي سيجعله »غندورا« وزعيما تهتف له الجماهير كرمز للقوة والجمال.. وتصور أن أصله »فورد«.. »فورد«.. انما طلع أصله »قرد«!!.. والبركة في موس الحلاقة!! يا غاليتي!! الثلاثاء: الموت عقد قران الثري علي الثريا وأصبحت في غيابك لا أموت ولا أحيا ويسألني عنك أهل الغرام قلت لهم: أنها هنا تنتظرني خلف الأيام.. ومازلت انتظر الرحيل لأقدم لها هدايا السفر وسألتني الهدايا عنك قلت لها: حبيبتي.. سافرت مع المطر عند الشاطئ الآخر للحياة لعلها تنتظر أن نذهب إليها يوما مع المطر ونقدم لها هدايا السفر نقدم لها من باريس العطور ومن الهند البخور والحرير ولكن يا خوفي أن تعتذر!! قال الليل: لابديل عن الرحيل إلا بالرحيل!!