احدي بطاريات القبة الحديدية تطلق صاروخا اعتراضيا يعرف العالم كله تفاصيل العدوان الإسرائيلي علي قطاع غزة لكن قليلين فقط يعرفون لماذا تمادت اسرائيل في عدوانها غير مكترثة إلي حد ما بصواريخ حماس.. إنها تكنولوجيا الصواريخ المضادة للصواريخ التي زودتها بها الولاياتالمتحدة ومولتها من جيب دافعي الضرائب الامريكيين. لا تناقش هذه المساحة الجانب السياسي لكنها تشرح الجانب التكنولوجي والفني ومراحل تطور نظام القبة الحديدية الاسرائيلي. في مقاله الشهير (مخاطر التكهنات وفشل الخيال) يقول الكاتب الانجليزي آرثر سي كلارك إن «أي تكنولوجيا متقدمة لا تختلف عن السحر». وتحلم اسرائيل بنظام دفاعي متقدم لإسقاط صواريخ المقاومة الفلسطينية في الجو.. وكانت هذه الفكرة قد ظهرت في باديء الأمر في أوائل التسعينيات من القرن الماضي عندما زودت الولاياتالمتحدة اسرائيل بصواريخ باتريوت من أجل التصدي لصواريخ سكود العراقية. وبعد ذلك بسنوات قامت شركة رافائيل لأنظمة الدفاع بتطوير منظومة للدفاع الصاروخي نشرها سلاح الجو لأول مرة في مارس عام 2011.
ما هي القبة الحديدية؟ إنها عبارة عن نظام متحرك للدفاع الجوي تجره شاحنة صمم للتصدي لتهديدات الصواريخ القصيرة المدي وقذائف المدفعية. ويستطيع النظام العمل في ظل أي ظروف جوية مهما كانت سيئة بما في ذلك الضباب والغبار والسحاب والامطار. تزعم اسرائيل أن نظام القبة الحديدية يحميها من حدودها الشمالية والجنوبية ضد الصواريخ التي تستهدف المناطق المأهولة بالسكان. وتقول إنه أصبح قادرا الآن علي تبديد المخاوف وقهر التهديدات وإصابة الصواريخ المعادية من مسافة حوالي 60 كيلومترا.. وتؤكد سعيها لزيادة هذا المدي إلي حوالي 160 كيلومترا وتجعله أيضا قادرا علي مواجهة صواريخ قادمة من اتجاهين في آن واحد. وطورت القبة الحديدية في العقد الماضي بعد سقوط نحو 4000 صاروخ في شمال اسرائيل خلال الحرب مع حزب الله عام 2006. وسقط أكثر من 4000 صاروخ آخر من غزة علي جنوب اسرائيل فيما بين 2000 و2007. وبعد ظهور فكرة منظومة الدفاع الجوي في فبراير 2007 أجريت اختبارات ناجحة علي النسخة الاولية من المنظومة في مارس 2009. وفي يوليو 2010 قدمت الولاياتالمتحدة مبلغ 250 مليون دولار للمساعدة في زيادة فعالية القبة الحديدية. وتتألف القبة الحديدية من ثلاثة عناصر أساسية هي: الرادار ووحدة اطلاق الصواريخ ومجموعة إدارة المعركة. كيف تعمل ؟ في باديء الأمر عندما يتم الكشف عن إطلاق صاروخ تراقب القبة الحديدية مساره بواسطة الرادار وتقوم وحدة إدارة المعركة بتحليل التهديد وحساب النقطة التي سيسقط فيها.وإذا تبين أن الصاروخ متجه لمنطقة مزدحمة تقوم المنظومة باطلاق صواريخ اعتراضية في محاولة لتفجيره علي منطقة محايدة. وتتكون القبة الحديدية من «بطاريات» وهي عبارة عن شاحنات تجر رادارا وثلاث قاذفات. وبحلول نهاية عام 2012 كان لدي اسرائيل خمس بطاريات. وفي سبتمبر عام 2013 أضافت بطارية سادسة. وأصبح العدد الآن ثماني بطاريات لكن عالم الأسلحة ريتشارد لويد أشار مؤخرا إلي أن هذا العدد واحد من العيوب الرئيسية للنظام معتبرا انه غير كاف.
أوجه القصور بالاضافة إلي العدد المحدود لم يتضح في واقع الامر مدي فاعلية القبة الحديدية. فقد تضاربت التقارير حول فاعليتها. وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست في ديسمبر 2011 أن القبة الحديدية نجحت في اسقاط الصواريخ من غزة بنسبة 75 في المائة.ولكن بعد ذلك في نوفمبر عام 2012 قال الجيش الاسرائيلي إنها أوقفت 302 من بين 846 صاروخا أطلقت من غزة أي أقل بكثير من نسبة 50 في المائة. وقال الجيش الإسرائيلي الشهر الماضي إنها اعترضت فقط 27 في المائة من 180 صاروخا اطلقت علي اسرائيل من السابع حتي التاسع من يوليو الماضي. خداع إسرائيلي وحتي هذه الارقام ربما لا تكون دقيقة حيث يشكك لويد وعدد آخر من الخبراء الخارجيين بما في ذلك تيودور بوستول من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في تأكيدات الجيش الاسرائيلي بشأن معدلات نجاح القبة الحديدية منذ عام 2012 علي الأقل. ويقول لويد انه حتي لو اصاب الصاروخ الاعتراضي الصاروخ المنطلق من غزة علي سبيل المثال فلا يعني ذلك بالضرورة أنه سيدمر رأس الصاروخ في الجو. ويقول تيودور بوستول وهو استاذ التكنولوجيا وسياسة الامن القومي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إن الخسائر الاسرائيلية بسبب صواريخ حماس كانت محدودة بسب شبكة الملاجئ المنتشرة في اسرائيل وليس بسبب فاعلية منظومة القبة الحديدية. والدليل علي ذلك حالة الذعر التي يعيش في هولها الاسرائيليون بسبب الصواريخ حتي الآن. ويضيف بوستول أن نسبة نجاح القبة الحديدية أقل من 5 في المائة فقط.