عم متولى ينتظر أخاه الغائب منذ 25 يناير تفتكر أنا عايش ليه ؟ سؤال طرحه عم متولي الرجل صاحب ال62 عاما وهويستند علي الحائط بشارع محمد محمود بميدان التحرير..حينما قابلناه ووجدناه يحدث نفسه. - « ازيك ياحج» .. لم يرد وبادرنا بسؤال : هو انا ليه نايم جنب الحيطه دي ؟ .. الاجابة كانت عنده برضه «عشان بتفكرني بالشهداء»..حينها تأكدت من أن «اللي ميشوفش من الغربال يبقي اعمي»..ملامح وجهه التي ظهر عليها قسوة الأيام وجبروتها تحكي مأساة «الرجل الستيني» مع الحياة فقد اتخذ الشارع وارصفة الطرق مأوي له . يقيم في الشارع منذ 3 سنوات علي ارصفة ميدان التحرير والشوارع المحيطة به .. منذ انطلاق شرارة ثورة 25 يناير .. انتهت وقائع الثورة وسقط نظام مبارك ثم قامت ثورة 30 يونيو وهو كما هو تائه حزين يتنقل بين ارصفة الميدان والشوارع المتفرعة منه .فقد جزءا من عقله وأصبح دائم الجلوس في الميدان، لم يصادفه القدر بأن يعيش حياة كريمة بل عادية مثل الكثير من المصريين ، فهو دائم السكوت مع الناس.. كثير الكلام مع نفسه ..! سألناه مالك ؟ أجاب بأسي : «شباب كتير ماتوا هنا وأنا مستني اخويا بقالي 3 سنين مشفتوش!! وفجأة ضحك بشكل هستيري وفي جزء من الثانية انهمرت دموعه بغزارة في مشهد مؤثر.. صوته المرتجف ونظراته المؤلمة اكدت لنا ان اخاه المختفي منذ سنوات هو سبب فقد عقله. أكملنا حديثنا معه «بتاكل ازاي وعايش فين» * أجاب : «أنا مش عايش أنا هموت هنا قريب «.. قاطعناه في الحديث «ليه ..ربنا يديك طولة العمر» انتفض من جلسته بشكل أخاف المارة رافعا صوته : «البلد قست عليا قوي.. أخويا نزل يجيب حقه في الثورة مرجعش تاني، وأنا مش هسيب حقه» . قاطعناه : « البلد هتتغير بإذن الله وبقي عندنا رئيس جمهورية جديد املنا فيه كبير » . قال وهوينظر الي السماء «ربنا مع السيسي » ..رده السريع دفعنا للجلوس بجانبه وسألناه انت تعرف اسمه ؟.. رد قائلا :» طبعا ..انت فاكرني مجنون» ثم انخرط في البكاء من جديد وعاد الي حالته الأولي مستمرا في الهذيان والحديث مع نفسه.
.. سألناه : نفسك في حاجه ؟ .. عدل من جلسته وعيناه مغرورقة بالدموع ويداه ترتعشان : «عايز اخويا يرجع واعيش زي الناس بين سقف واربع جدران بس مش عايز حاجة تاني من الدنيا. باكل مع القطط والكلاب كل يوم وهمه احن عليه من البني ادمين !! تركناه في مكانه بعد أن نام وهويحدثنا منهكا من التعب. وبقي السؤال يبحث عن اجابة هل ستستمر معاناة عم متولي في الشارع أم سيجد من يرفق به؟ محمد وهدان